أبرزُ خلافاتِ المثقفين العرب
كثيراً ما ينتهي أي خلاف بين صديقين أو حتى غريبين بالصراخ أو الشجار أو الحل الودي، لكن بين المثقفين، أصحاب الانتاجات الأدبية والفكرية، يأخذ الموضوع أبعاداً أخرى. الخلافات بين المثقفين والمفكرين، لأسباب شخصية أو علميّة أو سياسية، تتصاعد عبر الكتب أو المقالات أو الحوارات المباشرة، فتغصّ الصحف بتصريحات تؤجج الصراع وتجعله عاماً. نستذكر هنا أشهر الخلافات بين عدد من المثقفين العرب.
- أدونيس VS صادق جلال العظم
—————————–
يعتبر أدونيس (علي أحمد سعيد اسبير) الشاعر والمفكر المبشّر بالحداثة الشعرية، من أكثر الذين يثيرون المشاكل. من أشهر خلافاته تلك التي جمعت بينه وبين المفكر السوري صادق جلال العظم بسبب اختلاف مواقفهما السياسية. فتصريحات أدونيس عن ثورة الخميني بالإضافة إلى قصيدته “تحيّة إلى ثورة إيران” دفعت العظم لى انتقاده واعتبار وقوفه إلى جانب ثورة الخميني نابعاً من انتماءاته الطائفية.
تجدد الصراع بينهما إثر الحرب الأخيرة في سوريا. تعرض أدونيس للكثير من الانتقادات والهجمات بسبب مهادنته النظام السوري. ازدادت حدة الموضوع إثر الرسالة المفتوحة التي وجهها أدونيس إلى بشار الأسد. قام صادق جلال العظم بمهاجمته بشراسة، لكن رد أدونيس لم يتأخر، وذلك عبر مقال نشرته زوجته خالدة سعيد في صحيفة “الحياة” اللندنية، ترد فيه على العظم وتذكره بتاريخه العلمي ودخوله جامعة دمشق للتدريس بأساليب ملتوية. وهذا ما دفع العظم إلى الرد محاولاً درء الاتهامات عن نفسه. وبالطبع لا تخلو أي مقابلة تلفزيونية لكلا المفكرين من تبادل الاتهامات واللوم.
- أدونيس VS عبد القادر الجنابي
—————————-
المشاكل التي تلاحق أدونيس لا تقف عند حدود السياسة. فكتبه ونتاجه الفكري تتعرض للكثير من الانتقادات كتلك التي كالها له العراقي كاظم جهاد في كتابه “أدونيس منتحلاً”، حيث يحاول مقاربة “التناص” الذي يقوم به أدونيس وأساليب الانتحال لنفسه التي يتبعها.
إلا أن الهجمة الأقوى شنّها الناقد العراقي “عبد الكريم الجنابي”، الذي يتهم دائماً أدونيس بالسرقة الأدبية والفكرية. وفي كتابه “رسالة مفتوحة إلى أدونيس في (الصوفيّة) والسوريالية ومذاهب أدبية أخرى” نراه ينتقد عمله وادعاءه تأسيس الحداثة الشعرية بالإضافة إلى ما يراه من سوء في الترجمة. يشير كذلك إلى السرقات التي قام بها أدونيس في كتابه الشهير “الصوفية والسوريالية” ويتطرق إلى الأماكن التي سرق منها أفكار الكتاب مشيراً إلى الصفحات وأماكن الاقتباس من دون الإشارة للمرجع الرسمي. ووصل الأمر بالجنابي لمراسلة الأكاديمية السويدية لجائزة “نوبل” موثّقاً مواقف أدونيس السياسية في سبيل عدم منحه الجائزة العالمية.
- محمد عابد الجابري Vs الطيب تيزيني
————————————
يٌعتبر الجابري من أصحاب المشاريع الفكرية الضخمة. فالباحث المغربي صاحب مشروع “نقد العقل العربي” وغيره من المؤلفات، يعتبر من الموسوعيين في دراساته للتراث العربي وتقديم رؤية جديدة له، إلا أن الجابري لم يسلم من الانتقادات سواء من المشرق أو المغرب العربي.
وكان أشرسها تلك التي قام بها الباحث والمفكر السوري “طيب تيزيني” الذي ألف في انتقاد الجابري كتاباً بعنوان “من الاستشراق الغربي إلى الاستغراب المغربي- بحث في القراءة الجابرية للفكر العربي وفي آفاقها التاريخية”، حيث يتهم الجابري بأنه يحرض على تحجيم العقل العربي ويعتمد على المقولات البنيوية التي تسلّم بموت الإنسان. أما الجابري فيجد نفسه أحد أصحاب المشاريع الفكرية. ويعتبر أن صراعاته مع المفكرين الآخرين ليس سوى جزء من هذه المسؤولية التي يحملها.
- مهدي عامل VS إدوارد سعيد
—————————
لا يمكن تجاهل كل من سعيد وعامل حين الحديث عن الفكر العربي المعاصر. فسعيد المفكر الفلسطيني- الأمريكي صاحب “الاستشراق” يعتبر من أعلام الفكر المعاصر على الصعيد العالمي
إلا أن المفهوم الذي قدمه للرؤية الاستعمارية للشرق لا يخلو من الانتقادات أهمها ما قدمه المفكر اللبناني مهدي عامل، عندما ألف “هل القلب للشرق والعقل للغرب: ماركس في استشراق ادوارد سعيد”، ينتقد فيه مقولة سعيد في الاستشراق والمقولات الماركسية التي تحويها ورؤية الغرب الطاغية للشرق وغيرها من الأفكار التي ناقشها سعيد.
———————–
عمّار المأمـون : صحافي سوري مساهم في عدد من الصحف والمجلات العربية، حاصل على ماجستير في الإعلام وليسانس نقد ودراسات مسرحية.