تعد قبيلة بني معقل من القبائل العربية العريقة التي عبرت الصحارى والقرون لتكوّن حضورا قويا ومستمرا في المغرب الأقصى. تنتمي القبيلة إلى أصول عربية متنازع عليها بين النسب اليماني والنسب الجعفري العلوي، وقد ارتبطت بقبائل بني هلال في هجرتهم الشهيرة من المشرق إلى المغرب.
تركت بني معقل أثرا بالغا في التركيبة الاجتماعية والسياسية واللغوية في موريتانيا والصحراء والسوس، حيث نسبت إليهم اللهجة الحسانية، وظهرت من بطونهم الإمارات الحسانية المعروفة في التاريخ المغاربي.
- نسب قبيلة بني معقل: بين اليمن وآل البيت
في نسب بني معقل، يبرز الخلاف التاريخي بين روايتين:
- الرواية اليمانية التي اعتمدها ابن خلدون، والذي قال في مقدمته إن القبيلة تعود إلى:
“ربيعة بن كعب بن ربيعة بن كعب بن الحارث، من الحارث بن كعب بن عمرو بن علة بن جلد بن مذحج بن أدد بن زيد بن كهلان”
مما يربطهم مباشرة بعرب اليمن وقبيلة مذحج تحديدا. - الرواية الجعفرية العلوية التي استشهد بها ابن خلدون أيضا في مقام التوثيق لما تقوله نسابتهم، وتعزّز في كتاب “طلعة المشتري” لأحمد بن خالد الناصري السلاوي، وتنص على أن معقل هو:
“معقل بن موسى الهراج بن محمد بن جعفر الأمير بن إبراهيم الأعرابي بن محمد الجواد بن علي الزينبي بن عبد الله بن جعفر الطيار بن أبي طالب”
وهي سلسلة نسب تلحق القبيلة بآل البيت الكرام من نسل جعفر الطيار، أخي الإمام علي بن أبي طالب. -
ورغم أن ابن خلدون كان ميّالا للرواية اليمنية، إلا أن استمرارية الرواية العلوية في المغرب تدل على تأثيرها الرمزي والسياسي في تعزيز شرعية القبيلة محليا، خاصة في الفترات التي ارتبط فيها النسب العلوي بالمكانة الاجتماعية والدينية.
- مواطن بني معقل: من البحرين إلى الأطلسي
بحسب ابن خلدون، فإن الموطن الأصلي لقبيلة بني معقل كان إقليم البحرين شرق الجزيرة العربية، في الزمن الذي انتشر فيه نفوذ القرامطة. ومع الهجرات الكبرى للقبائل الهلالية، انتقل بنو معقل إلى المغرب العربي، واستقروا في مناطق شاسعة بين تلمسان وتاوريرت، وصولا إلى المحيط الأطلسي.
وينقسم بنو معقل إلى ثلاثة بطون رئيسية كالتالي:
1. ذوي عبيد الله
نسبهم يعود إلى: عبد الله بن صغير بن معقل.
مواطنهم كانت تمتد بين تلمسان وتاوريرت، في جهة التل وما يليها من الجنوب.
2. ذوي منصور
ينحدرون من: منصور بن محمد بن معقل.
تمركزوا من تاوريرت إلى بلاد درعة، واستولوا على مناطق واسعة شملت: ملوية، سجلماسة، درعة، تاري، غساسة، مكناسة، فاس، وتادلا.
3. ذوي حسان
ينحدرون من: حسان بن مختار بن محمد بن معقل.
شكلوا القبيلة التي تنسب إليهم اللهجة الحسانية، وكانت مواطنهم من درعة والساورة وتيديكلت حتى السوس الأقصى. وقد استقر شيوخهم في نول، وأسسوا هناك الإمارات الحسانية، وامتد نفوذهم إلى أراضي الملثمين (كدالة، لمتونة، ومستوفة) في موريتانيا.
البطون الأخرى لبني معقل
علاوة على البطون الثلاثة الأساسية، برزت من بني معقل فروع أخرى لها شأن كبير:
- الثعالبة: من نسل ثعلب بن صغير بن معقل.
- الرقيطات: من أبناء جلال وسالم وعثمان بن محمد بن معقل.
- بنو كلاب: من نسل كلاب بن أبي كلاب بن إبراهيم بن أحمد بن حامد بن عقيل بن معقل، وهم اليوم من أكبر قبائل المعقل في الشمال المغربي، وتنتشر أراضيهم من قلعة السراغنة إلى خنيفرة، ويمتد نفوذهم إلى ما لا يقل عن خمسة أقاليم مغربية.
التأثير اللغوي والثقافي
لعب بنو معقل دورا فاعلا في تعريب الصحراء الكبرى، إذ فرضوا لهجتهم العربية المعروفة بـ”الحسانية“، وهي لهجة مشتقة من العربية الفصحى وممزوجة بخصائص صحراوية، أصبحت اللهجة الرسمية غير المكتوبة في مناطق شاسعة من موريتانيا، والصحراء الغربية، وشمال مالي.
مراجع للاستزادة:
- مقدمة ابن خلدون – في تأريخ القبائل العربية في المغرب.
- طلعة المشتري في النسب الجعفري – أحمد بن خالد الناصري السلاوي.
