أعلام الأدب العربي

أبو الفرج الأصفهاني –

أبو الفرج الأصفهاني (284هـ/897م – 14 ذو الحجة 356 هـ/20 نوفمبر 967م)، علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم المرواني الأموي: وأُمّه شيعية من آل ثوابة، كان أديبا عربيا، ومن الأعلام في معرفة التاريخ والأنساب والسير والآثار واللغة والمغازي.


وله معارف أُخر في علم الجوارح والبيطرة والفلك والأشربة. ولأبي الفرج شعر قليل، جيّدُه في الهجاء، فقد كان هجّاءً فصيح اللسان، يتقيه الناس. وكان، على تشيّعه الظاهر، يراسل الأمويين في الأندلس، وحصل له فيها مصنفات لم تنته إلينا، فأجزلوا له العطايا سرّاً.


ولد في أصبهان، ونشأ وتوفي في بغداد. وهو من أصل عربي قريشي. اشتهر بتأليفه كتاب الأغاني، الذي يتضمن معلومات موثقة عن الفترات الأولى للموسيقى العربية (من القرن السابع إلى القرن التاسع) وحياة الشعراء والموسيقيين من فترة ما قبل الإسلام حتى زمن الأصفهاني. نظرًا لمساهمته في توثيق تاريخ الموسيقى العربية، فقد وصف بأنه «أحد الآباء المؤسسين لعلم موسيقى الشعوب الحديث».


من كتبه «كتاب الأغاني» واحد وعشرون جزءا، جمعه في خمسين سنة، و«مقاتل الطالبيين – ط» و«نسب بني عبد شمس» و«القيان» و«الإماء الشواعر» و«أيام العرب» ذكر فيه 1700 يوم، و«التعديل والإنصاف» في مآثر العرب ومثالبها، و«جمهرة النسب» و«الديارات» و«مجرد الاغاني» و«الحانات» و«الخمارون والخمارات» و«آداب الغرباء».


ولمحمد أحمد خلف الله، كتاب «صاحب الأغاني – ط» ولشفيق جبري بدمشق «دراسة الأغاني – ط» و«أبو الفرج الأصبهاني – ط». وروى عن علماء كثيرين يطول تعدادهم، وسمع من جماعة لا يحصون ومنهم ابن دريد إمام عصره في اللغة والأدب والشعر، والفضل بن الحباب الجمحي، والأخفش العالم النحوي الكبير، والأنباري، والطبري، ومحمد بن خلف بن المرزبان، وقدامة بن جعفر وآخرون.


التواريخ المقبولة عمومًا لميلاد الأصفهاني ووفاته هي 284 هـ / 897- 8 م و356 هـ / 967 م، بناءً على التواريخ التي قدمها الخطيب البغدادي والتي هي نفسها أساس رواية تلميذ الأصفهاني، محمد بن أبي الفوارس.

ومع ذلك، يجب التعامل مع مصداقية هذه التواريخ بحذر. لم يذكر أي مصدر وفاته قبل عام 356/967، لكن العديد من المصادر تؤكد وفاته لاحقًا. تتعارض هذه التواريخ مع إشارة في كتاب آداب الغرباء المنسوب إلى الأصفهاني إلى كونه في ريعان شبابه (في أيام الشبيبة والصبا) في 356/967. يشير حساب التواريخ التقريبية لميلاده ووفاته من خلال أعمار تلاميذه ومعارفه إلى أنه ولد قبل 290هـ/902م وتوفي بعد 348هـ/960م.


هو أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد بن أحمد بن الهيثم بن عبد الرحمن بن مروان ابن عبد الله بن الخليفة الأُموي مروان بن محمد بن الخليفة الأُموي ُمروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية ابن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن قريش بن كنانة.


لقبه «الأصفهاني» يشير إلى مدينة أصفهان الواقعة على الهضبة الإيرانية. ويبدو أن ذلك اللقب قد كان شائعًا لدى باقي أفراد عائلته أيضا، وربما لم يكن فقط إشارة إلى مسقط رأسه، فكل إشارة يذكر فيها الأصفهاني اسم أحد من أقاربه من ناحية أبيه، كان يتضمن لقب الأصفهاني.

وفقًا لابن حزم (384-456/ 994-1064)، فإن بعض أحفاد الخليفة الأموي الأخير، مروان بن محمد (72-132/ 691-750) (جد الأصفهاني الأكبر)، استقروا في أصفهان. ومع ذلك ، يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن أقدم المعلومات المتوفرة حتى الآن بشأن تاريخ عائلة الأصفهاني تعود فقط إلى جيل جده الأكبر، أحمد الهيثم، الذي استقر في سامراء ما بين 221 هـ/ 835م و232هـ/847م.


بناءً على مراجع الأصفهاني في كتاب الأغاني، يبدو أن أحمد بن الهيثم قد عاش حياة هنيئة في سامراء، بينما كان أبناؤه على اتصال بنخبة العاصمة العباسية في ذلك الوقت. كان ابنه عبد العزيز بن أحمد “من كبار الكتّاب في أيام المتوكل على الله (حكم من 232 إلى 247 / 847-861).

وكان ابن آخر، وهو محمد بن أحمد ( أي جد الأصفهاني)، على صلة بمسؤولين عباسيين مهمين، ومنهم الوزير ابن الزيات (ت. 233/847)، والكاتب إبراهيم بن عباس الصولي (176-243 / 792-857)، والوزير عبيد الله بن سليمان (ت ٢٨٨/٩٠١) ، إلى جانب بعض من أعيان المسلمين بالإضافة إلى الحسين بن زيد الذي كان زعيم بني هاشم في عصره. استمرت العلاقات الوثيقة مع البلاط العباسي في جيل أبناء محمد، الحسن والحسين (والد الأصفهاني).


في مواضع مختلفة من كتاب الأغاني، يشير الأصفهاني إلى يحيى بن محمد بن ثوابة كجده من جهة والدته. غالبًا ما اقترح أن عائلة ثوابة، لكونها شيعية، قد ورَّثت ميلها الطائفي إليه. ومع ذلك، فإن توثيق كون عائلة ثوابة من الشيعة لم يتم إلا في مصدر متأخر، وهو أحد أعمال ياقوت الحموي (574-626 / 1178-1225).

على الرغم من أنه من المعقول أن تكون عائلة ثوابة ذات نزعة شيعية بطريقة أو بأخرى، حيث أن العديد من العائلات النخبوية التي كانت تعمل في ظل الخلافة العباسية خلال هذه الفترة من الزمن كانت من الشيعة أو متحالفة مع العلويين، لا يوجد دليل على أن أفراد عائلة ثوابة اعتنقوا شكلاً متطرفًا من التشيّع.

باختصار، ينحدر الأصفهاني من عائلة متحصنة بشبكات النخبة العباسية، والتي تضمنت المسؤولين والعلويين. على الرغم من لقب «الأصفهاني»، لا يبدو أن لعائلة الأصفهاني علاقة قديمة أو كبيرة بمدينة أصفهان. على العكس من ذلك، كان مقر الأسرة في سامراء، على الأقل ابتداء من جيل أحمد بن الهيثم، ثم بغداد.

عمل عدد قليل من أفراد هذه العائلة ككُتَّاب، مع الحفاظ على الصداقات أو التحالفات مع الكتبة والوزراء والأعيان الآخرين. مثل العديد من نخبة البلاط، حافظت عائلة الأصفهاني على علاقة ودية مع نسل علي وتحالفت مع عائلات أخرى، مثل عائلة ثوابة. ومع ذلك، من الصعب تصنيف هذا التوقير والتحالف مع نسل علي كاصطفاف طائفي، بالنظر إلى المعلومات الضئيلة عن عائلة الأصفهاني وانسيابية الهويات الطائفية في ذلك الوقت.


انعكس التواصل والعلاقات الاجتماعية الواسعة لعائلة الأصفهاني في مصادره. من بين مخبريه المباشرين الذين استشهد بهم الأصفهاني في أعماله أفراد عائلته، الذين كانوا ذوي صلة كبيرة بعائلات بارزة أخرى، كما هو مذكور أعلاه، من بينهم ثوابة، بنو منجم، اليزيديون، عائلة الصولي، بنو حمدون، بنو المرزبان والطالبيين.


بالنظر إلى أن الأصفهاني وعائلته استقروا على الأرجح في بغداد في بداية القرن العاشر، فليس من المستغرب أنه التقى ونقل عن عدد كبير من سكان أو زوار تلك المدينة، على سبيل المثال لا الحصر: الخفاف علي بن سليمان الأخفش (توفي 315/927 أو 316/928)، ومحمد بن جرير الطبري (ت 310/922).

ومثل غيره من العلماء في عصره، سافر الأصفهاني بحثًا عن المعرفة. على الرغم من أن التفاصيل ليست كافية بالنسبة للباحثين المعاصرين لتحديد تواريخ رحلاته، بناءً على الأسانيد التي يستشهد الأصفهاني بها بشكل متسق ودقيق في كل كتاباته، إلا أنه من المؤكد أنه نقل عن عبد الملك بن مسلمة وعاصم بن محمد في أنطاكيا، وعبد الله بن.

محمد بن إسحاق في الأحواز، ويحيى بن أحمد بن الجون في الرقة. وإذا قبلنا نسب كتاب أدب الغرباء إلى الأصفهاني، فقد زار مدينة البصرة مرة واحدة، بالإضافة إلى مدن أخرى مثل حصن مهدي في نواحي خوزستان. ومع ذلك ، لا يبدو أن أيًا من هذه المدن قد تركت تأثيرًا هائلاً على الأصفهاني كما فعلت مدينتي الكوفة وبغداد.

في حين أن مخبري الأصفهاني البغداديين كانوا ذوي خبرة بالإضافة إلى امتلاكهم لميول طائفية وعقائدية، يمكن وصف مصادره في الكوفة، إلى حد ما، بأنها إما شيعية أو حريصة على نشر معلومات تمدح علي ونسله. على سبيل المثال، يُستشهد بابن عقدة (ت 333/944)، المذكور في كل من الأغاني والمقاتل، بشكل متكرر في الروايات التي تمدح نسل علي.


قد لا تكون رحلة الأصفهاني في البحث عن المعرفة مميزة بشكل خاص وفقًا لمعايير عصره، لكن تنوع وظائف مصادره وإطلاعها مثير للإعجاب بلا شك. يمكن تصنيف مخبريه إلى الفئات التالية: علماء اللغة والنحاة؛ المطربين والموسيقيين.

بائعي الكتب والورَّاقين والصحَّافين؛ والرفقاء. والمؤدبون (المدرسون)؛ والكتبة ؛ والأئمة أو الخطباء؛ وعلماء الدين (علماء الأحاديث النبوية الشريفة، أو التلاوة والتفسير، أو الفقه) والقضاة؛ والشعراء. والأخباريون (ناقلو الروايات من جميع الأنواع، بما في ذلك الأنساب والنصوص والأقاويل التاريخية والسردية).

أدى تنوع الرواة ورواياتهم إلى إثراء الإنتاجات الأدبية للأصفهاني، والتي تغطي مجموعة واسعة من الموضوعات من الحكايات المسلية إلى روايات استشهاد نسل علي. أوضح تعليق أبو علي المحسن التنوخي (329-384 / 941-994) سعة معرفة الأصفهاني:


بمعرفته الموسوعية بالموسيقى، والموسيقيين، والشعر، والشعراء، وعلم الأنساب، والتاريخ، ومواضيع أخرى، أثبت الأصفهاني نفسه عالمًا ومعلمًا مثقفًا.

كما عمل أيضًا كاتبًا وهذا ليس مفاجئًا، نظرًا لصلات أسرته في هذا المجال، لكن تفاصيل أنشطته ككاتب غامضة إلى حد ما. وعلى الرغم من أن التنوخي والبغدادي يشيران إلى الأصفهاني بصفته «كاتبا»، إلا أنهما لا يذكران شيئًا عن مكان عمله أو لمن عمل.

لم تأت تفاصيل وظيفته ككاتب إلا لاحقًا، في كتابات ياقوت، الذي تعد العديد من رواياته عن الأصفهاني إشكالية. على سبيل المثال، يدعي ياقوت أن الأصفهاني كان كاتب ركن الدولة (ت 366/976) ويذكر استياءه من أبو الفضل بن العميد (ت 360/970).

ومع ذلك، فإن نفس الرواية ذكرها أبو حيان التوحيدي (عاش في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي) في كتابه «أخلاق الوزيرين» حيث عُرّف كاتب ركن الدولة المذكور بأبي الفرج حمد بن محمد وليس أبو الفرج الأصفهاني.

«ومن الرواة المتسعين الذين شاهدناهم أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني فإنه كان يحفظ من الشعر والأغاني والأخبار والآثار والحديث المسند والنسب، ما لم أر قط من يحفظ مثله! وكان شديد الاختصاص بهذه الأشياء، ويحفظ دون ما يحفظ منها علوما أخر، منها: اللغة، والنحو، والخرافات، والسير، والمغازي، ومن آلة المنادمة شيئا كثيرا مثل علم الجوارح والبيطرة ونتفا من الطب والنجوم والأشربة وغير ذلك» – الخطيب
وبالتالي،

من الصعب أن يعرف الباحثون على وجه اليقين كيف وأين عمل الأصفهاني كاتبًا. ومع ذلك، فإن ارتباط الأصفهاني بالوزير أبو محمد المهلبي (291-352 / 903-963) موثق جيدًا. بدأت الصداقة بينهما قبل ولاية المهلبى عام 339 هـ / 950 م. ويؤكد تلك العلاقة الوطيدة بينهما شعر الأصفهاني الذي جمعه الثعلبي (350-429 / 961-1038): وكانت نصف القصائد الأربعة عشر مخصصة لمدح المهلبى.

بالإضافة إلى ذلك، يشير عمل الأصفهاني «الإماء الشواعر»، إلى الوزير – وعلى الأرجح يقصد المهلبي – على أنه من المخلصين له. بينما كان مؤلفه المفقود مناجب الخصيان، الذي يتحدث عن اثنين من المطربين الذكور المخصيين المملوكين للمهلبي، كان إهداءً له.

بالإضافة إلى ذلك، فعمله الأشهر كتاب الأغاني من المحتمل أن يكون قد كُتِب مدحًا وإهداءً بلمهلبي أيضًا. كعائد لجهوده الأدبية، بحسب التنوخي، تلقى الأصفهاني العديد من المكافآت من الوزير. علاوة على ذلك، من أجل صداقتهما طويلة الأمد ومن منطلق احترامه لعبقرية الأصفهاني، قيل أن المهلبي قد تحمل «أخلاق الأصفهاني الفظيعة وسوء نظافته الشخصية».

وقد روى أيضًا ياقوت الحموي في كتابه معجم الأدباء أن أبو الفرج كان من ندماء الوزير أبو حمد المهلبي الخصيصين به ، وكان وسـخًـا قذرًا لم يغسل لهُ ثوب منذ فصله إلى أن قطعه. لم تذكر المصادر شيئًا عن مصير الأصفهاني بعد وفاة المهلبي.

في سنواته الأخيرة، بحسب تلميذه محمد بن أبو الفوارس، عانى من أمراض الشيخوخة. وأمضى أواخر سنين حياته في أجزاء مختلفة من العالم الإسلامي، في حلب مع سيف الدولة الحمداني (الذي أهدى له كتاب الأغاني)، وفي الري مع الوزير البويهي ابن عباد، وفي أماكن أخرى.


كان الأصفهاني أحد أبرز العلّامات في عصره، وقد حضر مجالسه العديد من أبرز علماء عصره وتتلمذوا على يده، ومن هؤلاء الدارقطني، وإبراهيم بن أحمد الطبري، وأبو الفتح بن أبي الفوارس، وعلي بن أحمد بن داود الرزاز، وآخرون.


  • أقوال العلماء فيه

قال أبو الفرج الجوزي في كتابه المنتظم في تاريخ الملوك والأمم: كان يتشيع ومثله لا يوثق بروايته ، فإنه يصرح في كتبه بما يوجب عليه الفسق ، ويهون شرب الخمر وربما حكى ذلك عن نفسه ، ومن تأمل كتاب الأغاني رأى كل قبيح ومنكر.


قال شمس الدين الذهبي: صاحب الأغاني العلامة الأخباري أبو الفرج، كان بحرا في نقل الآداب، وكان بصيرا بالأنساب وأيام العرب، جيد الشعر. والعجب أنه أموي شيعي! وكان وسخا زريا، وكانوا يتقون هجاءه.


قال ابن تغري: الإمام العلامة أبو الفرج الأصبهانىّ الكاتب، مصنّف كتاب الأغانى وغيره؛ سمع الحديث وتفقّه وبرع واستوطن بغداد من صباه، وكان من أعيان أدبائها؛ كان أخباريّا نسّابة شاعرا ظاهرا بالتشيّع.


قال عنهُ ابن الجوزي البغدادي: (ومثله لا يوثق بروايته، يصح في كتبه بما يوجب عليهِ الفسق، ويهون شرب الخمر، وربما حكى ذلك عن نفسهِ، ومن تأمل كتاب الأغاني، رأى كل قبيح ومنكر).


قال ابن حجر العسقلاني في قول الذهبي: أبو فرج الأموي صاحب كتاب الأغاني شيعي وهذا نادر في أموي! كان إليه المنتهى في معرفة الأخبار وأيّام الناس والشعر والغناء والمحاضرات يأتي بأعاجيب يحدِّثنا وكان كتبه في حدود الثلاث مائة فكتب مالا يوصف كثرة حتّى لقد اتَّهم والظاهر أنَّه صدوق.


قال الحموي: كان أبو الفرج الأصفهاني من ندماء الوزير أبو محمد المهلبي الخصيصين به ، وكان وسـ**ـخًا قـ**ـذرًا لم يغسل له ثوب منذ فصله إلى أن قطعه وكان مشهورًا عند أهل العلم بتشيعه وكذبه.


قال ابن خلكان: الأصبهاني صاحب كتاب «الأغاني» وجده مروان بن محمد المذكور آخر خلفاء بني أمية؛ وهو أصبهاني الأصل بغدادي المنشأ، كان من أعيان بغداد وأدبائها، وأفراد مصنفيها، وروى عن عالم كثير من العلماء يطول تعدادهم، وكان عالماً بأيام الناس والأنساب والسير.


قال التنوخي: كان أبو الفرج يحفظ من الشعر والأغاني والأخبار والآثار والأحاديث المسندة والنسب ما لم أر قط من يحفظ مثله، ويحفظ دون ذلك من علوم أخرى منها اللغة والنحو والخرافات والسير والمغازي، ومن آلة المنادمة شيئاً كثيراً، مثل علم الجوارح والبيطرة ونتف من الطب والنجوم والأشربة وغير ذلك، وله شعر يجمع إتقان العلماء وإحسان الظرفاء الشعراء.


قال الخطيب البغدادي: أبو الفرج الأموي الكاتب المعروف بالأصبهاني: حدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد القاسم العلوي أنه سمع النوبختي يقول: ((كان أبو الفرج أكذب الناس ، كان يدخل سوق الورَّاقين وهي عامرة والدكاكين مملوءة بالكتب فيشتري شيئًا كثيرًا من الصحف ويحملها إلى بيته ثم تكون رواياته كلها منها)).

وكان عالماً بأيّام الناس والأنساب والسيرة، وكان شاعراً محسناً، والغالب عليه رواية الأخبار والآداب، وصنَّف كتباً كثيرة.


قال الثعالبي: عَليّ بن الْحُسَيْن الْأمَوِي الْأَصْبَهَانِيّ الأَصْل الْبَغْدَادِيّ المنشأ وَكَانَ من أَعْيَان أدبائها وأفراد مصنفيها وَله شعر يجمع إتقان الْعلمَاء وإحسان ظرفاء الشُّعَرَاء.


قال ابن خلدون: وقد ألف القاضي أبو الفرج الاصبهاني كتابه في الاغاني جمع فيه أخبار العرب وأشعارهم وأنسابهم وأيامهم ودولهم وجعل مبناه على الغناء في المائة صوتا التي اختارها المغنون للرشيد فاستوعب فيه ذلك أتم استيعاب وأوفاه ولعمري إنه ديوان العرب وجامع أشتات المحاسن التي سلفت لهم في كل فن من فنون الشعر والتاريخ والغناء وسائر الاحوال ولا يعدل به كتاب في ذلك فيما نعلمه وهو الغاية التي يسمو إليها الاديب ويقف عندها وأنى له به.


قال ابن النديم عنهُ: كان شاعراً مصنفاً ادبياً، وله رواية يسيرة، وأكثر تعويله كان في تصنيفه على الكتب المنسوبة الخطوط أو غيرها من الأصول الجياد.


قال هلال الصابئ: كان أبو الفرج. غزير الأدب، عالي الرواية، حسن الدراية، وله تصنيفات منها كتاب الأغاني، وقد أورد فيه ما دل به على اتساع علمه وكثرة حفظه.


قال القفطي: أبو الفرج الأموىّ الكاتب المعروف بالأصبهانىّ الأخبارىّ النحوىّ اللغوىّ الشاعر. روى عن عالم من العلماء يطول تعدادهم، وكان عالما بأيام الناس والأنساب والسيرة، وكان شاعرا محسنا.


  • مؤلفاته

للأصفهاني مجموعة كبيرة من المؤلفات، أشهرها؛

  • الأغاني

يعد هذا الكتاب من كتب فن الغناء والموسيقى في العصر العباسي. حيث ألف الكثير وجاء أبو الفرج الأصفهاني ليأخذ كل ما في تلك الكتب من ميزات ومحاسن وليضيف إليها كل ما لديه من إمكانات ومقدرة فنية وعلم بهذا الفن الذي ارتفع في زمانه حتى وصل الذروة.


والقارئ إذا كان له إلمام بالموسيقى الشرقية وفن الغناء العربي يدرك مقدار تعمق أبي الفرج بهذا الفن. ولكنه بطبيعته الموسوعية، وتمثله معارف عصره كلها أراد أن يكون كتابه غاية ما ألف في مضماره وأعلاه، فما أتى بصوت مغني حتى رجع إلى قائل الشعر، وتوقف عند أخباره بعد ذكر اسمه ونسبه، فلا يترك شاردة ولا واردة إلا أتى بها.


ولم يكتف أبو الفرج بالصوت المغنى ولا القصيدة التي غنيت منها أبيات، وإنما رجع إلى كل ما قاله الشاعر أو إلى أكثره مع إيراد الأخبار المتعلقة بذلك الشاعر وعلاقته بعصره وصلاته بالناس، ولا سيما الطبقة العليا، وعلى وجه الخصوص الخلفاء والأمراء والوزراء.


وكتاب الأغاني والذي جاء ضمن خمس وعشرين جزءاً هو بحد ذاته تاريخ فن الغناء العربي، ما من مغن إلا وأفرد له أبو الفرج حيّزاً يخصه ويتحدث عنه وعن أخباره وفنه متوسعاً في ذلك ما أمكنه، لا يألوا جهداً في هذا المجال، ولا يقصر.


وقد حاول أبو الفرج السير على طريقة معاصره في إسناد الأخبار فجاء بسلسلة الرواة الذين أوصلوا الخبر إليه أخيراً، ولم ينس أن يذكر الروايات كلها، وكأنها أراد بذلك أن يوثق كتابه. ولقد حوى الكتاب على الكثير من الأخبار المكذوبة ورد عليه الكثير من العلماء والفقهاء ومنهم المؤرخ الشاعر وليد الأعظمي في كتابهِ السيف اليماني في نحر الأصفهاني، وبين زيف أكاذيبه وبطلان أدعاءه،


قال عنه الخطيب البغدادي: (حدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد بن طباطبا العلوي، قال: سمعت أبا محمد الحسن بن الحسين النوبختي يقول: كان أبو الفرج الأصفهاني أكذبَ الناس، كان يشتري شيئاً كثيراً من الصحف: ثم تكون روايتهُ منها).


  • مقاتل الطالبيين

يعد كتاب مقاتل الطالبيين «لأبي فرج الأصفهاني» كنز من كنوز الأدب والتاريخ ترجم فيه أبو الفرج للشهداء من ذرية أبي طالب منذ عصر رسول الله إلى الوقت الذي شرع يؤلف فيه كتابه، وهو جمادى الأول سنة ثلاثة عشر وثلاثمائة سواء أكان المترجم له قتيل الحرب أو صريع الحرب أو صريع السم في السلم، وسواء أكان مهلكه في السجن أو في مهربة أثناء تواريه من السلطان. وقد رتب مقاتلهم في السياق الزمني ولم يرتبها على حسب أقدارهم في الفضل ومنازلهم في المجد.


وقد صنف أبو الفرج أخبارهم، ونظم سيرهم، ورصف مقاتلهم، وجلى قصصهم بأسلوبه الساحر، وبيانه الآسر وطريقته الفذة في حسن العرض، ومهارته الفائقة في سبك القصة، وحبك نسجها، وائتلاف أصباغها وألوانها، وتسلسل فكرتها، ووحدة ديباجتها، وتساوق نصاعتها، على اختلاف رواتها وتعدد روايتها وتباين طرقها، حتى لتبدو وكأنها بنات فكر واحد وهذا هو سر الصنعة في أدب أبي الفرج الأصفهاني.


كان موضوع مقاتل الطالبيين إذاً محبباً إلى نفس أبي الفرج فحشد له همته، وجند روايته، وصنعه على عينيه فجاء جامعاً لأشتات محاسنهم، وصار عمدة لكل من أتى بعده وقصد قصده. واوجز ما يقال في وصف مقاتل الطالبيين انه دائرة معارف لتاريخ الطالبيين وأدبهم في القرون الثلاثة الأولى.


اخبار القيان
اخبار الطفيليين
اخبار جحظة البرمكي
أيام العرب، ألف وسبعمائة يوم
الإماء الشواعر
أدب الغرباء
أدب السماع
الاخبار والنوادر
الفرق والمعيار في الأوغاد والأحرار
المماليك الشعراء
الغلمان المغنين
الحانات
التعديل والانتصاف في اخبار القبائل وانسابها
تفضيل ذي الحجة
تحف الوسائد في اخبار الولائد
الخمارين والخمارات
دعوة التجار
دعوة الأطباء
الديارات
رسالة في الأغاني
مجرد الأغاني
مجموع الاخبار والآثار
مناجيب الخصيان
كتاب النغم
نسب المهالبة
نسب بني عبد شمس
نسب بني شيبان
نسب بني كلاب
نسب بني تغلب.


أُصيب أبو الفرج بالفالج آخر حياته، وقيل أنه خلّط قبل وفاته. توفي أبو الفرج في الرابع عشر من ذي الحجة سنة 356 هـ الموافق 21 نوفمبر عام 967 م في بغداد.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى