بنو محارب: قبيلة قيسية مضرية عريقة بين نجد والحجاز
- من هم بنو محارب؟
بنو محارب قبيلة عربية كبيرة من قيس عيلان، تنتمي إلى الجذر المضري العدناني. وقد اشتهرت بقوتها وكثرة بطونها، إذ تفرعت في مناطق نجد والحجاز قبل الإسلام، ولعبت أدوارا تاريخية بارزة في صدر الإسلام وما بعده.
تنحدر القبيلة من:
محارب بن خصفة بن قيس عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان
وهو نسب متين ينتهي إلى عدنان، الأب الأعلى للعرب العدنانية.
- توزع بني محارب في الجاهلية
بحسب الروايات التاريخية، فقد كانت بطون بني محارب كثيرة العدد وموزعة على نطاق جغرافي واسع بين نجد والحجاز، وقد عُرفوا بميلهم إلى الاستقلال والتماسك القبلي، شأنهم شأن سائر قبائل قيس عيلان ذات الطابع البدوي.
هذا التوزع جعلهم على تماس دائم مع الأحداث السياسية والتحولات القبلية التي سبقت ظهور الإسلام.
- وفد بني محارب على رسول الله ﷺ
من أبرز المواقف التي سجّلت حضور بني محارب في صدر الإسلام، ما رواه الواقدي عن وفدهم على النبي ﷺ في سنة عشر للهجرة (عام حجة الوداع). جاء في الرواية:
قدم وفد محارب وهم عشرة رجال، أبرزهم: سواء بن الحارث وابنه خزيمة بن سواء. وقد نزلوا دار رملة بنت الحارث بالمدينة، وكان بلال الحبشي يخدمهم بالغداء والعشاء.
وقد أسلموا طوعا، وأظهروا ولاءهم للنبي قائلين: “نحن على من وراءنا”، في إشارة إلى استعدادهم لنقل الإسلام لقبائلهم.
لكن المثير في الرواية أن النبي ﷺ تعرّف على أحدهم فقال:
“الحمد لله الذي أبقاني حتى صدقت بك”، وهو دليل على موقف سابق عدائي تحول إلى الإيمان.
وقد مسح النبي وجه خزيمة بن سواء، فظهرت غرة بيضاء علامة له، وأجازهم كما يُجاز الوفود، فعادوا إلى بلادهم مسلمين.
- مكانة بني محارب في القرن الخامس الهجري
يروي ابن حزم الأندلسي في كتابه “جمهرة أنساب العرب” (ص. 101) عن حال القبيلة في القرن الخامس الهجري، ناقلا عن أعراب من طيء أن:
“بني محارب وبني أشجع أذل قبائل قيس بالبادية اليوم”.
ويعكس هذا القول واقعا متغيرا للقبيلة آنذاك، من مكانة وقوة في صدر الإسلام إلى ضعف نسبي لاحق في البادية.
وقد أشار ابن حزم إلى أن بني محارب في ذلك الزمن كانوا ينقسمون إلى فخذين رئيسيين:
- بنو الخضر (الخضري)
- بنو الحداد
أعلام بني محارب من الصحابة
برز من بني محارب عدد من الصحابة الذين شاركوا في بدايات الدعوة الإسلامية، ومنهم:
- جامع بن شداد المحاربي
- طارق بن عبد الله المحاربي
وكان لهم دور في رواية الحديث والمشاركة في الفتوحات الإسلامية.
- بنو محارب في السياق القيسي العدناني
تُعد قبيلة بني محارب واحدة من القبائل التي شكلت مع قبائل قيس عيلان الأخرى مثل هوازن وغطفان وسليم نسيجا قبليا قويا داخل التركيبة القبلية العربية. وقد امتازت هذه القبائل بالقوة العسكرية والنخوة والارتباط الوثيق ببيئة نجد والحجاز.
ولم تكن قبيلة محارب استثناء من هذه السمات، بل شاركت في التحولات الكبرى من الجاهلية إلى الإسلام، وشهدت مراحل قوة وانحسار خلال العصور الإسلامية المختلفة.
- خلاصة:
تبقى قبيلة بني محارب إحدى العلامات البارزة في التاريخ القيسي العدناني، بحضورها في الجاهلية والإسلام، وبروزها في نجد والحجاز، ووفادتها على النبي ﷺ في حدث مفصلي. كما أن توثيقها في كتب الأنساب مثل جمهرة ابن حزم يعزز من مكانتها التاريخية ويؤكد استمرارية وجودها حتى القرون المتأخرة.
جدول توضيحي لفروع قبيلة بني محارب وتوزعهم الزمني والجغرافي بناء على المعلومات التاريخية المتوفرة:
الفرع/الفخذ | النسب الكامل | المنطقة الجغرافية | المرحلة الزمنية | ملاحظات |
---|---|---|---|---|
بني محارب (الأصل) | محارب بن خصفة بن قيس عيلان | نجد والحجاز | الجاهلية – صدر الإسلام | قبيلة كبيرة العدد من قيس عيلان |
سواء بن الحارث | من زعماء الوفد على النبي ﷺ | المدينة المنورة (الوفادة) | السنة العاشرة للهجرة | أسلم مع الوفد وقُدمت لهم ضيافة خاصة |
خزيمة بن سواء | ابن سواء بن الحارث | المدينة → بلادهم الأصلية | حجة الوداع – صدر الإسلام | مسح النبي وجهه وظهرت غرة بيضاء |
بنو الخضر (الخضري) | فرع من بني محارب | البادية – وسط نجد | القرن الخامس الهجري | مذكور في جمهرة ابن حزم |
بنو الحداد | فرع من بني محارب | البادية – نجد | القرن الخامس الهجري | مع بني الخضر كانوا يوصفون بضعف القبيلة آنذاك |
جامع بن شداد المحاربي | صحابي من بني محارب | الحجاز | صدر الإسلام | مذكور في كتب الحديث والسير |
طارق بن عبد الله المحاربي | صحابي من بني محارب | الحجاز | صدر الإسلام | شارك في رواية الحديث |
يُظهر هذا الجدول؛ الخطوط العريضة لأبرز فروع بني محارب وتطور وجودهم عبر التاريخ الإسلامي الأول وحتى القرن الخامس الهجري، مع إشارة لمواقعهم ونشاطهم.