تمتلئ كتب التراث بأوصاف مفصلة عن المرأة التي كانت تداعب خيال أجدادنا الجنسي مر الخيال الجنسي عند العرب بتبدلات وتحولات كثيرة منذ فترة ما قبل الإسلام حتى العصر الحديث. ولم تعد صورة المرأة الحوراء العين المكتنزة تثير خيال الشاب الجالس أمام شاشة الكومبيوتر يتصفح الانترنت.
- الخيال الجنسي قبل الإسلام
في عصر ما قبل ظهور الإسلام شكلت ظروف الصحراء الخيال الجنسي لدى العرب القدامى، وذاعت قصائد شعراء مثل امرىء القيس وعنترة بن شداد. في معظم تلك الأشعار، تُشبّه المرأة بالظباء، ونصل السيوف، والماء الذي ترده الإبل، والقمر، والنجوم، وكأن الصحراء تحولت إلى مادة محفزة للخيال ومثيرة للشهوات.
ووجد العربي القديم أحياناً مادة لإثارة خياله الحسي في لمعة السيوف. يقول عنترة: “فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المتبسم”. ونقرأ في كتاب “عيون الأخبار” لابن قتيبة، عن رجل قال لأعرابي: ما الزنا عندكم؟ قال: القبلة والضمة، قال: ليس هذا زنا عندنا، قال: فما هو؟ قال: أن يجلس بين شعبها الأربع ثم يجهد نفسه، فقال الأعرابي: ليس هذا زنا، هذا طالب ولد.
ويمكننا أن نستنتج أن هذه النظرة إلى الزنا كانت سائدة في بعض أوساط العرب واستمرت بعد مجيء الإسلام.
وكان لدى العرب في عصر ما قبل الإسلام خيال جنسي خاص بالأيام والشهور. فكانوا يستحبون المجامعة يوم الجمعة، ويكرهون الجماع في شهر شوال. ولكن عندما جاء الإسلام نقض معظم عادات العرب السائدة، وكان الرسول يتعمد ترسيخ عادات مخالفة لعادات العرب القدامى، حيث تزوج عائشة في شوال.
- الخيال الجنسي بعد الإسلام
وعكست آيات القرآن خيال بعض العرب في فترة ما قبل الإسلام. وإن استندنا إلى اعتبار طه حسين في كتابه “في الشعر الجاهلي” أن القرآن هو الوثيقة الرسمية الموثوق بها، والتي تعكس حياة العرب الجاهليين، نجد أن أوصاف النساء في الجنة الموعودة جسدت خيال العرب في فترة الرسالة المحمدية حيال الجنس والمرأة.
فقد اختار القرآن وصف نساء الجنة بـ”الحور العين”، والحور العين هن واسعات الأعين وفيهن احورار، أي شدة سواد إنسان العين مع شدة بياض ما حولها.
ونجد أيضاً في وصف نساء الجنة أنهن أبكاراً (عذراوات). وجاء في حديث تناقله المسلمون أن المرأة يطؤها الرجل في الجنة ثم تعود بكراً كما كانت. لم يختلف الأمويون كثيراً عن سابقيهم في تخيلاتهم الجنسية.
وإذا انتقلنا إلى العصر العباسي فنجد رواج ظاهرة الافتتان بالغلمان، وكان رائد هذا الاتجاه أبو نواس، ويعتبر مجسداً بكلماته لخيال بعض العامة والأمراء في هذا العصر. يقول طه حسين، في كتابه “حديث الأربعاء”، في سياق حديثه عن المجون في العصر العباسي، أن أبا نواس افتتن به الناس في بغداد عاصمة الدولة العباسية.
وكذلك العراق ومصر والشام، وكانوا يحفظون شعره ويتناشدونه، ويحكون عنه الروايات، ويختلقون القصص، واستنتج طه حسين من ذلك أن أبا نواس كان “مرآتهم الصافية”، و”لسانهم الصادق”.
ونقل الراغب الأصفهاني في كتابه “محاضرات الأدباء” أنه قيل لأبي مسلم: ما ألذ العيش؟ قال: “طعام أهبر ومدام أصفر وغلام أحور”، وقيل لعافية القاضي لمَ اخترت الغلام على الجارية؟ “فقال: “لأنه لا يحيض ولا يبيض”.
وقال الشاعر العباسي في تفضيل الغلمان على النساء: ومأمون بحمد الله منه الطمث والحبل. “وكان الفتى الأمرد، الذي لم ينبت شعره، مثيراً لخيال البعض الجنسي في العصر العباسي أكثر من الأسود أو الأشعر. يقول أحد الشعراء: “الموت أهون من سواد العارضين لمن عرف.
- أوصاف المرأة المغرية
تزخر كتب التراث بأوصاف مفصلة عن صورة المرأة المثالية. ويلخص مقطع من كتاب “الروض العاطر في نزهة الخاطر” للشيخ أبي عبد الله محمد النفزاوي أوصاف المرأة التي كانت تداعب خيال أجدادنا العرب الجنسي.
يقول: “كاملة القد، عريضة، خصيبة، كحيلة الشعر، واسعة الجبين، زجة الحواجب، واسعة العينين في كحولة حالكة وبياض ناصع، مفخمة الوجه، أسيلة ظريفة الأنف، ضيقة الفم، محمرة الشفائف واللسان، طيبة رائحة الفم والأنف، طويلة الرقبة، غليظة العنق، عريضة الصدر، واقفة النهود ممتلىء صدرها، معقدة البطن وسرتها واسعة، عريضة العانة،
ممتلئة لحماً من العانة إلى الأليتين، ضيقة الفرج، ليس فيه ندوة، رطب سخون تكاد النار تخرج منه، غليظة الأفخاذ والأوراك ذات أرداف ثقال، وأعكان وخصر جيد، ظريفة اليدين والرجلين، عريضة الزندين، بعيدة المنكبين، عريضة الأكتاف، واسعة المخرم، كبيرة الردف”.
- آراء طبية وفانتاسمات
ولدت طبيعة الثقافة الطبية التي كانت سائدة خيالات وعادات جنسية خاصة، فظنوا بوجود أمراض تتعلق بصفات المحبوبة/ المحبوب، وأن لأوقات اليوم تأثيراً على ممارسة الجماع. فمثلاً ارتأى البعض أن لجماع المرأة الجميلة المحببة في النفس آثاراً صحية، والعكس.
يقول ابن القيم في كتاب “الطب النبوي”: “جماع المرأة المحبوبة في النفس يقل إضعافه للبدن مع استفراغه للمني، وجماع البغيضة يحل البدن، ويوهن القوى مع قلة استفراغه”. من ناحية أخرى، تعكس قصص ألف ليلة وليلة، التي يرجع شكلها الأخير المنقول إلينا إلى سنة 1500 بعض ما يدور في الخيال الجنسي للعرب الذين عاشوا بين أواخر العصر العباسي وبدايات ظهور الدولة الفاطمية.
ونقرأ فيها أن النساء كنّ مولعات بالغلمان، خاصة السود منهم. وتحكي قصصها عن نساء كن ينشدن ممارسة الجنس مع المتسولين، ولا تخلو تلك الحكايات أيضاً من السحاق وممارسة النساء للجنس مع الحيوانات.
نقرأ مثلا في حكاية وردان الجزار، وهي قصة خيالية تنتمي إلى ما يعرف الآن بالواقعية السحرية، أن جزاراً كانت تأتيه امرأة تبتاع منه اللحم كل يوم، وشك في أمرها، وعندما تعقبها وجدها تخفي دباً تطعمه ثم تجامعه، فما كان منه إلا أن ذبحه بسكين ونصحها بالتوبة.
وفي حكايات ألف ليلة وليلة أيضاً، نجد النساء شهوانيات ومتسلطات، ولا يتركن فرصة للخيانة إلا يغتنمنها.
- الخيال الجنسي في العصر الحديث
أدى ظهور السينما في القرن العشرين إلى تحول كبير في خيال العرب الجنسي. فصاروا يتعلقون ببطلات الأفلام، واستحوذت هند رستم، ونعيمة عاكف، وصباح، ونادية الجندي، ونبيلة عبيد وغيرهن، على خيالات الرجال. وصارت الراقصات ونجمات الأفلام والمغنيات تلهمن خيالات الرجال.
ومع شيوع الأفلام الأجنبية في سبعينيات القرن الماضي، وظهور الفيديو ثم الإنترنت، بدأ الولع بالشكل الغربي لجسد المرأة، وباتت ملامح الرجل الغربية مثيرة لشهوات النساء، وصار ممثل مثل حسين فهمي، صاحب الشعر الأشقر والعيون الخضراء، يجذب الكثير من الفتيات في سبعينيات وثمانينيات القرن المنصرم.
ومن الإحصاءات التي تقدم بيانات مفصلة عن تأثير المواقع الإباحية على “الخيال الجنسي” تلك التي أجرتها “جورنال أوف سيكس ريسيرش” Journal of Sex Research على 73 شاباً سويدياً، وجاء فيها أن الأفلام الإباحية تعكس هيمنة ذكورية على عالم الجنس لأن الرجال هم الذين يمارسون الجنس. أما النساء فيبدون سلبيات ومخصصات لإرضاء رغبة الرجل.
واعترفت الفتيات بأنهن يقارنّ أجسادهن بأجساد الفتيات اللواتي يظهرن في الأفلام الإباحية، وعبرن عن قلقهن حيال أجسادهن، وأبدين تخوفاً من أن تكون أجسادهن غير مثيرة على نحو يقنع شركاءهم بهن جنسياً. لا شك في أن ثقافة الأفلام الإباحية تؤثر حالياً على خيالات العرب الجنسية.
ففي عام 2012 احتلت 5 مواقع إباحية مكاناً بين أكثر 100 موقع يتصفحها المصريون بشكل متكرر على الانترنت، وفقاً لأليكسا.
وفي السنة ذاتها أيضاً أظهرت إحصاءات أن سكان الإمارات ومصر والسعودية والبحرين والكويت وقطر يحتلون المراتب الأولى عالمياً من حيث تصفح المواقع الإباحية.