تمتلك مصر تاريخا عريقا يمتد لآلاف السنين، حيث كانت مهد الحضارات وموطنا للعديد من الإمبراطوريات العظمى التي تركت بصماتها في مختلف العصور. في هذا المقال، نستعرض المحطات الأبرز في تاريخ مصر، من الغزو المقدوني وحتى العصر الحديث، ونستكشف كيف أثّرت هذه الفترات على تطور البلاد سياسيا وثقافيا واقتصاديا.
- عصر الإسكندر المقدوني والحكم البطلمي (332 ق.م – 31 ق.م)
في عام 332 قبل الميلاد، غزا الإسكندر الأكبر مصر، منهيا الحكم الفارسي الذي كان يسيطر على البلاد. أسس مدينة الإسكندرية، التي سرعان ما أصبحت مركزا ثقافيا وعلميا مهما في العالم القديم.
بعد وفاة الإسكندر، حكمت مصر السلالة البطلمية، وهي أسرة مقدونية استمرت في السيطرة حتى 31 ق.م، عندما هُزم جيش كليوباترا السابعة وحليفها مارك أنطوني على يد أوكتافيان، ليبدأ عصر جديد في تاريخ مصر.
- العصر الروماني والبيزنطي (31 ق.م – 642 م)
في عام 31 قبل الميلاد، أصبحت مصر ولاية رومانية، وفقدت استقلالها السياسي. خلال هذا العهد، ازدهرت الزراعة، ولكن المصريين تعرضوا لضغوط اقتصادية وثقافية.
- دخول المسيحية إلى مصر
في حوالي عام 33 ميلادية، دخلت المسيحية مصر بفضل جهود القديس مرقس، وانتشرت تدريجيا بين المصريين، حتى أصبحت الديانة الرئيسية بحلول القرن الرابع، لتحل محل الديانات الوثنية المصرية القديمة.
- الحكم البيزنطي (القرن الرابع – السادس الميلادي)
بعد انقسام الإمبراطورية الرومانية، أصبحت مصر جزءا من الإمبراطورية البيزنطية، لكن هذا العهد شهد اضطهادا للمسيحيين المصريين من قبل السلطة البيزنطية بسبب الخلافات العقائدية، مما جعل المصريين غير راضين عن الحكم البيزنطي.
- الفتح الإسلامي لمصر (642 م)
في عام 642 م، دخل القائد المسلم عمرو بن العاص إلى مصر بعد معركة حصن بابليون، ونجح في ضم البلاد إلى الخلافة الإسلامية. أدى الفتح الإسلامي إلى تحول تدريجي في الثقافة واللغة والدين، حيث أصبحت العربية اللغة الرسمية، وتحولت مصر تدريجيا إلى الإسلام.
- العصر العثماني (1517 – 1805)
في عام 1517، أصبحت مصر جزءا من الدولة العثمانية بعد هزيمة المماليك على يد السلطان سليم الأول. خلال هذا العهد، كانت مصر تحت الحكم العثماني، ولكنها احتفظت بدرجة من الاستقلال الإداري عبر حكم المماليك. ومع ذلك، شهدت البلاد ركودا اقتصاديا وتراجعا ثقافيا.
- حكم محمد علي باشا وبناء الدولة الحديثة (1805 – 1869)
في عام 1805، تولى محمد علي باشا حكم مصر بعد ثورة المصريين ضد الوالي العثماني. اعتُبر محمد علي مؤسس مصر الحديثة، حيث قام بتحديث الجيش، وإصلاح الزراعة، وبناء المصانع، وإرسال البعثات العلمية إلى أوروبا.
- مشروع قناة السويس وتأثيره الاقتصادي
في عام 1869، تم افتتاح قناة السويس، التي ربطت البحرين الأبيض المتوسط والأحمر، مما جعل مصر ممرا تجاريا عالميا. ولكن التكاليف الباهظة للمشروع أدت إلى أزمة مالية، مما دفع مصر إلى الاستدانة من أوروبا، وهو ما مهد الطريق للتدخل البريطاني في شؤونها.
- الاحتلال البريطاني والاستقلال التدريجي (1882 – 1952)
الاحتلال البريطاني (1882)
في عام 1882، احتلت بريطانيا مصر بعد الثورة العرابية، وبرغم أنها ظلت رسميا تحت الحكم العثماني، إلا أن البريطانيين سيطروا فعليا على البلاد، مستغلين مواردها الاستراتيجية.
- إعلان الاستقلال وتأسيس المملكة المصرية (1922)
في عام 1922، أُعلن استقلال مصر جزئيا، وأصبح فؤاد الأول ملكا على البلاد، لكن النفوذ البريطاني استمر في السيطرة على السياسة والاقتصاد حتى منتصف القرن العشرين.
- الحرب العربية الإسرائيلية الأولى (1948)
شاركت مصر في حرب 1948 ضد إسرائيل مع عدد من الدول العربية، لكنها انتهت بإنشاء دولة إسرائيل، مما أدى إلى حالة من الغضب الشعبي داخل مصر ضد القيادة السياسية.
- ثورة 1952 وإنهاء الملكية
في عام 1952، قاد جمال عبد الناصر والضباط الأحرار ثورة أنهت الحكم الملكي، وأُعلنت مصر جمهورية في عام 1953، وتم تأميم قناة السويس في عام 1956، مما أدى إلى العدوان الثلاثي من بريطانيا وفرنسا وإسرائيل.
- العصر الحديث: من السادات إلى الربيع العربي
اغتيال السادات (1981)
بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل عام 1979، تم اغتيال الرئيس أنور السادات في 1981 على يد مجموعة متطرفة، ليخلفه حسني مبارك.
- ثورة 2011 والإطاحة بمبارك
في 2011، خرج المصريون في ثورة 25 يناير، التي أدت إلى تنحي مبارك بعد حكم دام 30 عاما، مما مثل نقطة تحول كبيرة في تاريخ مصر الحديث.
مرّت مصر عبر تاريخها بمحطات مفصلية، من الغزو المقدوني إلى الحكم الإسلامي، ومن الاستعمار إلى الاستقلال. وبفضل موقعها الجغرافي، وثقافتها العريقة، وشعبها الصامد، لا تزال مصر تلعب دورا رئيسيا على الساحة الإقليمية والدولية.
المراجع:
- كتب التاريخ المصري، الجامعة الأمريكية بالقاهرة.
- مصادر الأمم المتحدة حول الاستقلال المصري.
- دراسات حول قناة السويس وتاريخها الاقتصادي.
