موسوعة القبائل العربية

قبيلة الخلط (الخلوط): قبيلة عربية مغربية

  • النسب العربي والأصل القبلي

تُعد قبيلة الخلوط، المعروفة أيضا باسم الخلط، من أبرز القبائل العربية المغربية ذات الأصل العدناني، ويُعزى نسبها إلى فرع من بني عامر بن صعصعة، وبشكل أدق إلى المنتفق بن عامر بن عقيل، ما يجعلهم امتدادا مباشرا لقبائل هوازن القيسية العدنانية التي كان لها باع طويل في التاريخ العربي قبل الإسلام وبعده.

وقد أشار ليون الإفريقي (الحسن الوزان) في مؤلفه الشهير وصف إفريقيا إلى هذا النسب بقوله:

“يسكن المنتفق سهل أزغار ويعرفون اليوم بالخلط، ويؤدون الخراج كذلك لملك فاس، ويُقدر عددهم بثمانية آلاف فارس مجهز أحسن تجهيز”.

وتأتي تسمية “الخلط” من اختلاط وتمازج فرعي بني عوف وبني معاوية، ابني المنتفق بن عامر، كما جاء في الأنساب المتقدمة لأبي الحسن الجرجاني.

الموقع الجغرافي والمجال الترابي

تنتشر قبيلة الخلوط ضمن المجال القبلي التاريخي لجهة العرائش في منطقة الغرب الشراردة بني احسن. وتحدها:

  • شرقا: قبائل بني جرفط، أهل سريف، أهل سرسار، ومصمودة.
  • شمالا: قبائل الغربية والساحل.
  • غربا: المحيط الأطلسي.
  • جنوبا: قبيلة سفيان.

وقد شهدت هذه المنطقة صراعات مستمرة، وتحولات كبرى بفعل التوسع السلطاني وتوزيع القبائل، ما جعل الخلط في قلب الديناميات السياسية والقبلية للمغرب عبر عدة عصور.

  • التأسيس التاريخي: من عرب المشرق إلى سهل أزغار

دخلت قبائل المنتفق إلى المغرب الأقصى ضمن سياسة التعريب العسكري والإداري التي انتهجها المنصور الموحدي، عقب انتصاره على ابن غانية بتونس. فتم توطينهم في سهل أزغار، وهو الموقع الذي لا تزال قبيلة الخلط تتمركز فيه إلى اليوم.

وقد ساهم هذا التوطين في ربط قبيلة الخلوط تاريخيا بالمجال الاستراتيجي الممتد بين فاس والعرائش، ما جعلها ذات أهمية عسكرية واقتصادية بالنسبة للدولة المغربية.

  • العلاقات مع الدولة المغربية: مَدّ وجَزر

شهدت العلاقة بين الخلوط والسلطة الحاكمة تقلبات شديدة، ما بين الاستقطاب العسكري والقمع التأديبي، عبر العصور الموحدية، والمرينية، والوطاسية، والسعدية، والعلوية:

1. العصر السعدي:

خلال معركة وادي المخازن (1578م)، أبانت قبيلة الخلط عن شجاعة فائقة و”بلاء حسن”، مما دفع السلطان أحمد المنصور الذهبي إلى مكافأتهم، إذ ضمّ نصف رجالهم إلى الجندية وأبقى النصف الآخر ضمن الرعية. لكن سرعان ما تمرّدت هذه الفئة، وبدأت في مهاجمة جيرانها، ففرض عليهم المنصور غرامة مالية ضخمة (70 ألفا)، ثم أرسل القائد موسى بن أبي جمادة العمري الذي جردهم من خيولهم، وأخضعهم بالقوة، بعدما قتل منهم عددا كبيرا.

2. العصر العلوي:

في عهد الخليفة سيدي محمد بن عبد الرحمان سنة 1272 هـ، أعاد توظيف الخلط في الجندية، ونقلهم إلى مناطق زقوطة ووادي مكس من أعمال مكناس، وخصص لهم إعانات وتجهيزات. لكن التجربة لم تدم طويلا، إذ سرعان ما اختل أمرهم بعد سنتين، فعادوا إلى حال من التسيّب.

  • الصراع مع الأولياء والقبائل

من أبرز المحطات السوداء في تاريخ الخلط، تلك الحادثة المؤلمة التي أوردها صاحب الاستقصا، حين أقدم بعض أفراد القبيلة على قتل الولي المجاهد سيدي محمد العياشي المالكي، وهو من كبار المجاهدين الذين تصدّوا للتوغلات الأوروبية على السواحل المغربية.

وقد اعتُبر هذا الفعل “شنعاء” أثارت استنكار الدولة والفقهاء، وأسهمت في الانحدار التاريخي لمكانة الخلوط داخل الهرم القبلي والعسكري المغربي.

  • الأهمية العسكرية والديمغرافية

رغم تراجع مكانتهم، بقيت قبيلة الخلط رقما صعبا في المعادلة العسكرية خلال عدة قرون. إذ امتلكوا آلاف الفرسان، ولعبوا أدوارا مفصلية في تأمين حدود الدولة، والقتال في صفوف السلطان، وضبط القبائل المتمردة.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى