قبيلة قريش: الجذور، النسب، التاريخ والمكانة السياسية
قبيلة قريش؛ من أبرز القبائل العربية في التاريخ الإسلامي، لما لها من دور محوري في تشكيل المشهد الديني والسياسي والاجتماعي في جزيرة العرب. فهي القبيلة التي خرج منها النبي محمد ﷺ، ومنها الخلفاء الراشدون وخلفاء الدولة الأموية والعباسية، ولا تزال بيوتات كثيرة تنتسب إليها حتى اليوم.
تهدف هذه المقالة الموسعة إلى تحليل نسب قريش، وأصل تسميتها، وامتدادها، ودورها في التاريخ الإسلامي، مع توثيق علمي وتحليل متوافق مع معايير SEO.
- أصل ونسب قبيلة قريش:
تنتمي قبيلة قريش إلى فرع كنانة من خندف من مضر من عدنان، وهو الفرع العدناني العربي الشمالي. النسب الكامل لقبيلة قريش هو: قريش بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، ويُجمع النسابون على أن عدنان من نسل النبي إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
ورد في صحيح مسلم قول النبي ﷺ: “إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشا من كنانة واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من بني هاشم”، وهو نص صريح في تفضيل قريش على بقية القبائل في النسب والمكانة.
وقد قال ابن القيم في كتابه “زاد المعاد”: “إلى ها هنا معلوم الصحة متفق عليه بين النسابين، ولا خلاف فيه البتة، وما فوق عدنان مختلف فيه”، مما يعكس إجماع أهل النسب على عدنان كحلقة ربط بين العرب المستعربة والنبي إسماعيل.
- القبائل الأقرب نسبا لقريش:
تعد قبيلة كنانة هي الأصل الذي انحدرت منه قريش، وبالتالي فإن فروع كنانة الأخرى هي الأقرب نسبا إليها. بعد كنانة، تأتي قبائل مثل بني أسد، عضل، وهذيل، وهي قبائل عدنانية قريبة جغرافيا وعرقيا لقريش.
- سبب تسمية قريش:
اختلف المؤرخون في تحديد من هو “قريش” الذي نسبت إليه القبيلة. الرأي الأشهر والأكثر اعتمادا بين العلماء أمثال: الرافعي، النووي، ابن سعد، الطبراني، ابن كثير، وابن خلدون، أن “قريش” هو النضر بن كنانة.
بينما يرى فريق آخر مثل ابن عبد البر، الزبيري، وابن حزم أن “قريش” هو فهر بن مالك بن النضر، باعتبار أن عقب النضر منحصر في فهر، وهو ما فسّره ابن خلدون بتكامل الرأيين: فالنضر هو قريش، لكن الانتساب إلى فهر تم من حيث انحصار العقب.
أما عن دلالة اسم “قريش”، فقد وردت عدة تفاسير:
- رُوي أن النضر بن كنانة قتل دابة بحرية تُدعى “قريش” كانت تخيف أهل السفينة.
- قيل أن التسمية جاءت من “التقريش” أي التجميع، للدلالة على اجتماع القبيلة بعد تفرق.
- وقيل لغلبتهم وقهرهم لقبائل العرب، كما تفعل دابة قريش مع سائر دواب البحر.
- وقيل نسبة إلى أحد أجدادهم: قريش بن بدر بن يخلد بن النضر.
قريش في الخلافة الراشدة:
بعد وفاة النبي ﷺ، حاولت الأنصار أن تجعل الإمارة منها، فقال أبو بكر الصديق مقولته الشهيرة: “إن هذا الأمر لا يُعرف إلا لهذا الحي من قريش… العرب لا تجتمع إلا على رجل منهم”. وهكذا تأسست أول خلافة إسلامية بقيادة قرشية، واستمرت هذه القاعدة حتى نهاية الخلافة العباسية.
وقد روى الصحابة الحديث الشهير: “الخلافة في قريش ما بقي من الناس اثنان”، مما يدل على مركزية قريش في نظام الحكم الإسلامي.
- قريش اليوم:
في العصر الحديث، استوطنت قبيلة قريش مدينة الطائف ونواحي مكة المكرمة، بعد أن ضاقت بهم مكة. ويؤكد نسبهم في الطائف العالم عبد الستار الدهلوي في كتابه “تحفة الأحباب في بيان اتصال الأنساب”.
- الخلاصة:
قبيلة قريش ليست مجرد جماعة قبلية بل مؤسسة عربية ودينية عميقة الجذور، لعبت أدوارا محورية في التاريخ الإسلامي. من سلالة نبي الإسلام إلى خلفاء الدول الكبرى، لا تزال قريش حاضرة في الذاكرة التاريخية والاجتماعية. هذه القبيلة تمثل النموذج الأبرز لكيفية تَشكُّل الهوية العربية الإسلامية من رحم النسب، الدين، والسياسة.
- المراجع:
– صحيح مسلم.
– زاد المعاد لابن القيم.
– تاريخ ابن خلدون.
– تحفة الأحباب لعبد الستار الدهلوي.
– نهاية الأرب للقلقشندي.
– جمهرة أنساب العرب لابن حزم.