العرب

العرب والهجرات السامية

بعد نشوء الهجرات السامية اتخذت كل جماعة من المهاجرين اسما تسمت به، وأول ظهور تاريخي لكلمة «عرب» كان في «معركة قرقر»، في سنة (853 ق.م)، وقد أطلق هذا الاسم في البداية على سكان شمال الجزيرة العربية.


وكان مقترنا أكثر ما يكون بالقيداريين، ثم توالى ذكر العرب في النصوص التاريخية بعد ذلك بشكل متسارع حتى شملت كلمة «عرب» كل سكان الجزيرة العربية حتى الجنوب، ولم يعد مقتصرا على سكان الشمال.


وقد قسم المؤرخون المسلمون أصول العرب إلى ثلاث طبقات، وهم: العرب العاربة والعرب المستعربة والعرب البائدة؛ تلك التقسيمات، بالإضافة إلى تسمية «عدنانيين» و«قحطانيين» لم تكن موجودة قبل الإسلام ولم يعرفها الأدب الجاهلي، وإنما وجدت بعد ظهور الإسلام،


وتحديدا في الفترة الأموية؛ حيث أصبح اليمانيون أو «عرب الجنوب»، كما يسميهم المستشرقون، من جهة وعرب باقي الجزيرة العربية «الشماليون»، بحسب المستشرقين، من جهة أخرى يتبارَون في المفاخر، وكل فئة تنسب أصل العروبة لنفسها؛ فاليمانيون يقولون منَّا يعرب ونحن أصل العرب، والشماليون يقولون نحن فقط بنو إسماعيل أبي العرب وأنتم لستم منه.


والمعروف أن العرب جميعا من ولد إسماعيل بن إبراهيم النبي. وتشير المصادر التاريخية القديمة أن العرب عرفوا باسم «الإسماعيليين» حتى فترات قريبة قبل الإسلام، وتذكر الكتب السماوية قصة البشارة؛ حيث نجد أن الله قد وعد نبيه إبراهيم الخليل بأنه سيكون من أعقاب إسماعيل أمة كبيرة، ويذكر في سيرة الخليل إبراهيم أنهم لما بلغوا بئر السبع في فلسطين صلى على ابنه الأكبر إسماعيل، وأمته من العرب.


وقد ورد في القرآن الكريم استجابة الله لإبراهيم، عندما دعا ربه قائلا: ﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ۝٣٧﴾ [إبراهيم:37]، وجاء في التوراة: «وأما إسماعيل قد سمعت لك فيه، هأنذا أباركه وأثمره وأكثره كثيرا جدا.


اثني عشر رئيسا يلد. وأجعله أمة كبيرة». أما «العرب البائدة» فهم الأقوام القديمة التي لم يبق لها ذكر، وهنا بعض أمثلة الشعوب العربية التي ذكرت في المصادر القديمة ثم اختفت: (العماليق، ثمود، القيداريون، مديانيون، دادانيون). وظهر من الجزيرة العربية الهكسوس الذين نزحوا من الشمال واستولوا على الدلتا في شمال مصر في الألفية الثانية ق.م.


لم يرد ذكر لإسماعيل في أية كتابة قديمة، ولاتوجد دلائل أن العرب قبل الإسلام كانوا يعرفونه؛ فكلمة «عربي» في كل النصوص القديمة تعني البدوي، سواء أكان في الجزيرة العربية أم كان في صحراء مصر، وهي المكان الذي ذكر التوراة أن إسماعيل وأمه المصرية نزلوا بها. أما اليمنيون فلم يعرفوه البتة، وكانوا يعتقدون أنهم أبناء آلهتهم.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى