العربموسوعة القبائل العربية

خولان: قبيلة يمنية أصيلة بين سبأ وقضاعة

عد قبيلة خولان إحدى أعرق القبائل اليمنية، وقد ورد اسمها في النقوش اليمنية الجنوبية منذ القرن السابع قبل الميلاد، مما يجعلها من الشعوب السبئية المعاصرة لممالك اليمن القديم. وتتوزع هذه القبيلة اليوم على فرعين كبيرين: خولان العالية (الطيال) وخولان بن عامر (صعدة وعسير)، مع تباينات أنسابية واختلافات جغرافية تعكس عمقا تاريخيا وتعقيدا قبليا نادرا.

الأصل والنسب: جدل بين كهلانية وقضاعية

تباينت آراء النسابة في نسبة خولان:

  • يذكر الهمداني أن خولان العالية تنتسب إلى كهلان، بينما يرى أن خولان صعدة تنحدر من قضاعة، وهو رأي اعترض عليه نشوان الحميري، مؤكدا أن الفرعين ينتميان إلى أصل قضاعي واحد.
  • يُروى كذلك عن بدر الدين العيني أن خولان تفرعت إلى ثلاث روافد نسبية: من قضاعة، ومن كهلان، ومن قحطان، مما يرجح أن الاسم “خولان” ربما يشير إلى تحالف قبلي لا إلى نسب موحّد.

ويشير هذا التعدد في الروايات إلى أن قبيلة خولان قد تكون من التحالفات الكبرى التي اتخذت هوية واحدة تحت مسمى موحّد لأغراض سياسية أو عسكرية في فترات مختلفة.

خولان في النقوش اليمنية: بين السبئيين والمعينيين

ورد اسم خولان في عدة نقوش سبئية قديمة مكتوبة بخط المسند، أبرزها:

  • نقوش تصف تحالف خولان مع السبئيين في مهاجمة قافلة معينية.
  • نقوش تذكر خولان في حروب سبئية داخلية، حيث ثارت القبيلة على الملك السبئي، ما استدعى حملة عسكرية دحرتهم وغنمت منهم.
  • يُذكر لقب “ذو خولان” في بعض النقوش، ما يشير إلى وجود حاكم مستقل أو أمير قبلي لهذه المجموعة.

يؤكد الدكتور جواد علي أن خولان من القبائل الكبرى التي حافظت على وجودها الحي من الألف الأول قبل الميلاد حتى اليوم، وهو أمر نادر بين قبائل جنوب الجزيرة العربية.

خولان في الجغرافيا اليمنية: الطيال وبن عامر

تنقسم خولان اليوم إلى فرعين جغرافيين رئيسيين:

  1. خولان الطيال (العالية): تنتشر في صنعاء ومأرب والبيضاء، وهي اليوم جزء من قبائل بكيل الكبرى. ورد اسمها في النقوش باسم “خولن”، وقد كانت جزءا من مجال النفوذ السبئي.
  2. خولان بن عامر (صعدة وعسير): تعرف أيضا بـ”خولان السراة”، وذُكرت في النقوش باسم “خولن جددن”، أي “خولان الجديدة”، وتجاورت في الموطن مع سنحان، مما يرجح علاقات ثقافية أو قبلية بين المجموعتين.

وقد ذهب بعض الباحثين الغربيين مثل ألويس شبرنكر وكارستن نيبور إلى الربط بين خولان والتسمية التوراتية “حويلة”، لكن جواد علي يعارض هذا الرأي نظرا لغياب الأدلة اللغوية والتاريخية الكافية.

الحضور العسكري والتاريخي

تذكر بعض النقوش أن أفرادا من خولان كانوا ضمن حملات عسكرية واسعة:

  • في عهد الملك شمر يهرعش الحميري، شارك قادة خولانيون في حملات على قبائل عك وسهرة.
  • أحد الضباط الخولانيين ويدعى أبو كرب قاد حملة عسكرية وصلت إلى صعدة وعسير، مما يعكس التأثير العسكري والسياسي للقبيلة.

وقد تكررت الإشارات إلى خولان وسنحان في ذات السياقات الجغرافية، سواء في صنعاء أو عسير، وهو ما يعزز فرضية القرب الجغرافي وربما الحلف التاريخي.

خلاصة: قبيلة خولان بين التاريخ والهوية

خولان ليست مجرد قبيلة يمنية قديمة، بل كيان قبلي مركّب حافظ على وجوده عبر أكثر من ألفي عام. وتظهر تنوعاتها النسبية والجغرافية مدى تعقيد التكوينات القبلية اليمنية، بينما تؤكد النقوش القديمة حضورها العسكري والسياسي القوي في جنوب الجزيرة العربية.

ولعل دراسة خولان تقدم مثالا نموذجيا لفهم التحالفات القبلية الكبرى في اليمن القديم، وتساعد على تفكيك شبكة العلاقات بين القبائل في ظل ضعف المركزية السياسية وتغيّر التحالفات على مرّ القرون.

مراجع:

  • البلاذري، أنساب الأشراف
  • ابن حزم، جمهرة أنساب العرب
  • الهمداني، الإكليل، ج10
  • نشوان الحميري، الحور العين
  • جواد علي، المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام
  • باكثير، المرجان في قبائل هذا الزمان
  • Aloys Sprenger, Die alte Geographie Arabiens
  • Carsten Niebuhr, Description de l’Arabie

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى