موسوعة القبائل العربية

قبيلة “بنو تغلب بن وائل”: سادة البسوس ومؤسسو الإمارات المسيحية

تُعد قبيلة بني تغلب بن وائل من أبرز القبائل العربية العدنانية التي تنتمي إلى قبائل ربيعة بن نزار، وتحديدا إلى تغلب بن وائل. لعبت هذه القبيلة دورا محوريا في تاريخ العرب قبل الإسلام، وامتد تأثيرها إلى القرون الوسطى من خلال تشكيلها لإمارات سياسية قوية مثل إمارة الحمدانيين.

كما أنها اشتهرت باعتناق النصرانية، وشاركت في حرب البسوس الشهيرة ضد إخوتها من قبيلة بكر بن وائل. هذا المقال الموسع يتناول نسب تغلب، بطونها، هجرتها، وأهم الأحداث السياسية والثقافية التي شكّلت هويتها.

  • نسب قبيلة بني تغلب بن وائل

يرجع نسب بني تغلب إلى:

تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان.

ويُجمع النسّابون على أن بني تغلب يُعدّون من العرب العدنانيين، وهم من إخوة بكر بن وائل الذين خاضوا معهم صراعا دمويا عرف تاريخيا بـ حرب البسوس. كما يُطلق على بطونهم الشهيرة اسم الأراقم.

أشهر بطون بني تغلب:

اشتهرت قبيلة تغلب بتفرعاتها العديدة، ومن أبرز بطونها:

  • بنو جشم بن بكر بن حبيب
  • بنو زهير، بنو مالك، وبنو سعد بن جشم
  • بنو مالك، بنو عوف، بنو عمرو، وبنو معاوية من أبناء بكر بن حبيب
  • بنو ثعلبة بن بكر بن حبيب

تشكل هذه البطون الركيزة الأساسية لتركيبة قبيلة تغلب القديمة، وقد امتد أثرها الجغرافي والبشري إلى مناطق شاسعة في شبه الجزيرة العربية وبلاد الرافدين.

  • التحول الجغرافي: من تهامة إلى ديار ربيعة

تشير المصادر إلى أن قبيلة تغلب كانت تسكن في الأصل تهامة جنوب جزيرة العرب، لكن نتيجة لصراعاتها القبلية، وخاصة مع بكر بن وائل، انتقلت شمالا إلى منطقة تُعرف اليوم بـ الجزيرة الفراتية، أو ديار ربيعة. وتشمل هذه المنطقة:

  • ما بين الخابور والفرات ودجلة
  • المدن التاريخية مثل سنجار، الموصل، نصيبين، ماردين، وقرقيساء
  • امتدت حتى جزيرة ابن عمر شمالا، وعانة وتكريت جنوبا

يؤكد المؤرخ ابن خلدون على تمركز تغلب في تلك المناطق، وارتباطها الجغرافي الكبير مع قبائل ربيعة.

بنو تغلب والنصرانية:

كان أغلب أفراد بني تغلب من النصارى، وقد دخلوا المسيحية نتيجة لاتصالهم المباشر بالروم وبنصارى العراق والشام. وكانوا يعيشون في الخيام، شأنهم شأن العرب الرحل، لكنهم تمسكوا بالمسيحية لدرجة رفضوا فيها دفع الجزية للخلفاء المسلمين، ما دفع الخليفة عمر بن الخطاب إلى إعفائهم منها بشرط دفع الجزية بطريقة أخرى.

من الشخصيات التغلبيّة البارزة التي عبرت عن هذا الانتماء الديني:

  • الشاعر عمرو بن كلثوم، صاحب المعلقة الشهيرة
  • عدي بن ربيعة (المهلهل)، أحد رموز البطولة في حرب البسوس

بني تغلب في الحروب والإمارات

لعب بنو تغلب أدوارا عسكرية وسياسية مهمة عبر التاريخ:

1. حرب البسوس:

الحرب الدموية بين تغلب وبكر بن وائل التي استمرت أربعين عاما بسبب مقتل كليب بن ربيعة. وكانت رمزا للصراعات القبلية في العصر الجاهلي.

2. صدامهم مع الفرس:

ذكر المؤرخون أن الملك الفارسي سابور ذو الأكتاف قام بحملة ضد العرب، شملت بني تغلب وبكر وتميم، وقتل منهم خلقا كثيرا. وقد كانت قبيلة تغلب من المتضررين المباشرين من هذه الحملات.

3. تأسيس إمارة الحمدانيين:

شكل التغلبيون سلالة حكم قوية في شمال العراق والشام عُرفت بـ إمارة الحمدانيين (905-1004م)، التي أسسها ناصر الدولة الحمداني، وبلغت ذروتها في زمن سيف الدولة الحمداني الذي جعل من حلب عاصمة للثقافة العربية.

خلاصة:

تبقى قبيلة بني تغلب واحدة من القبائل التي حفرت اسمها بعمق في التاريخ العربي قبل الإسلام وبعده، دينيا وثقافيا وعسكريا. امتدت جذورهم من تهامة إلى العراق والشام، وأسسوا إمارات وممالك وتركوا تراثا شعريا ولغويا غزيرا، يعكس تمسكهم بعروبتهم ودورهم في تشكيل هوية العرب في المشرق.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى