موسوعة القبائل العربية

قبيلة بني كلب: التاريخ، النسب، والدور السياسي

تُعد قبيلة بني كلب من أبرز القبائل العربية التي كان لها حضور مؤثر في الجغرافيا السياسية والاجتماعية لمنطقة الشام والجزيرة العربية، خصوصا في العصر الأموي. تنحدر القبيلة من أصول قضاعية عريقة، وقد ارتبط اسمها بمحطات مفصلية في تاريخ الإسلام والدولة الأموية.

  • نسب بني كلب

يرجع نسب قبيلة بني كلب إلى:
كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قضاعة. وهم يختلفون تماما عن قبيلة “بني كلب بن عوف” من بني كنانة، وكذلك عن “أكلب بن ربيعة“، وكثيرا ما تُخلط هذه الأنساب في المصادر غير المدققة، مما يستوجب التمييز العلمي بينها.

ينتمي بنو كلب إلى قبائل قضاعة اليمانية، وقد عرفوا بعراقة أنسابهم وتماسكهم القبلي، وكان لهم استقلال واضح في إدارة شؤونهم، خاصة في بادية السماوة، حيث لم يشاركهم فيها أحد من القبائل العربية.

  • القوة السياسية والعسكرية في العصر الأموي

لعبت قبيلة بني كلب دورا محوريا في تأسيس ودعم الدولة الأموية، حيث كان لتحالفهم القديم مع قريش أثر بالغ في تأمين طرق التجارة إلى الشام قبل الإسلام، ثم في تمهيد الفتح الإسلامي للشام والعراق بعد الإسلام.

في زمن الخليفة عمر بن الخطاب، حين كان معاوية واليا على الشام، تزوّج من ميسون بنت بحدل الكلبيّة، ابنة شيخ قبيلة بني كلب، فأنجبت له يزيد بن معاوية. وقد عمّق هذا الزواج التحالف بين بني أمية وبني كلب، وكان لهذا التحالف السياسي والعائلي أثر بالغ في دعم معاوية بن أبي سفيان أثناء تثبيت حكمه، ليقيم دولته بسيوف كلب كما وصف المؤرخون.

  • دومة الجندل: عاصمة بني كلب

ذكرت المصادر الجغرافية والتاريخية كـمعجم البلدان لياقوت الحموي وروايات الواقدي والزجاجي وابن الكلبي أن دومة الجندل كانت مقر قبيلة بني كلب وعاصمتهم. تقع دومة الجندل شمال المملكة العربية السعودية حاليا، وكانت مركزا حضاريا وتجاريا مهما.

تُعرف دومة الجندل بعدة أوصاف:

  • هي حصن مارد الشهير، وموقعه بين الشام والمدينة.
  • ذكرت بأنها على سبع مراحل من دمشق.
  • ارتبطت بأسواق العرب في الجاهلية، حيث كانت تُقام فيها سوق كبرى بدءا من أول ربيع الأول، وكان يتولّى أمر السوق أكيدر الكندي، ثم يشارك بنو كلب في تنظيمها وقيادتها في النصف الثاني من الشهر.

وقد ذكر أبو عبيد السكوني وأبو سعد تفاصيل دقيقة عن تضاريس دومة الجندل، من عيون الماء المتدفقة إلى المساحات الزراعية، ما يجعلها واحدة من أقدم وأهم المستوطنات العربية الشمالية في العصور القديمة.

  • البعد الديني والثقافي

في العصر الجاهلي، كان لبني كلب إله يُدعى “ودّ”، وهو من الآلهة العربية الوثنية، وكان مقامه في دومة الجندل، على غرار اللات والعزى لبقية القبائل. وكان يقوم على خدمة هذا المعبد أو الصنم كهنة من بني الفرافصة بن الأحوص بن كلب، مما يعكس التنظيم الديني الداخلي للقبيلة.

  • خلاصة:

مثّلت قبيلة بني كلب نموذجا للقبيلة العربية التي امتزجت فيها قوة النسب، والسيادة القبلية، والنفوذ السياسي. وكان لها دور فاعل في مدّ الجسور بين القبائل الشمالية والجنوبية، بين الحجاز والشام، وبين القريشيين واليمانيين. كما ظلّ حضورها قائما في كثير من مفاصل التاريخ الإسلامي الأول.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى