الدراسات الأدبيةالدراسات الثقافيةسردياتمصادر الأدب

“ألف ليلة وليلة” .. المجموعات الحكائية

  • المجموعة البغدادية

المجموعة البغدادية؛ وتشمل حكايات شعبية عربية قديمة متوارثة، كانت تتناقلها الأجيال. بالإضافة إلى حكايات ألفها المسلمون في العصر العباسي، وحوادث وسيراً تاريخية. ويذكر ابن النديم أنّ “الجَهْشياري” صاحب كتاب الوزراء: «ابتدأ بتأليف كتاب اختار فيه ألف سمر من أسمار العرب والعجم والروم وغيرهم.


كل جزء قام بذاته، لا يعلق بغيره، وأحضر المسامرين وأخذ عنهم أحسن ما يعرفون ويحسنون، واختار من الكتب المصنفة في الأسمار والخرافات ما يحلو بنفسه، فاجتمع له من ذلك أربعمئة ليلة وثمانون ليلة، كل ليلة سمر تام يحتوي على خمسين ورقة؛ أقل أو أكثر.


ثم عاجلته المنية قبل استيفاء ما في نفسه من تتميمه ألف سمر». ويضيف ابن النديم: «وكان قبل ذلك ممن يعمل الأسمار والخرافات على ألسنة الناس والطير والبهائم جماعة، منهم؛ عبد الله بن المقفع وسهل بن هارون وعلي بن داوود».


كما يذكر ابن النديم كتباً كثيرة، مؤلفة أو مترجمة من كتب الأسمار، عرفها العرب في أيام خلفاء بني العباس، ولاسيما في أيام المقتدر بالله حيث كانت الأسمار والخرافات مرغوباً فيها، فصنّف الورّاقون فيها وكذبوا.


وقد تجمّعت هذه الحكايات في مدى القرنين الرابع والخامس للهجرة، مما أثر عن الرواة ودوّن في الكتب، وأضيف إليها حوادث تاريخية دخلتها زيادات وتعديلات فضلاً عن كثير من سير الشعراء والأشخاص الذين عاشوا في زمن العباسيين كأبي نواس وأبي دلامة، واستغلت تلك الحكايات والأخبار استغلالاً متنوع الغايات.


وأشهر حكايات هذا القسم، حكاية «علي بن بكار وشمس النهار»، وحكاية «أنس الوجود والورد في الأكمام»، وغيرها من قصص الحب، كما تصوّر حياة النعيم والترف، وتبيّن ما وصلت إليه الحضارة في بغداد والبصرة من ترف.


وتشهد على الغنى في الأسواق، وتمثل الجواري في المقاصير، وتجعل من هارون الرشيد مثالاً في العدل والصلاح.


  • المجموعة المصرية

أما عن المجموعة المصرية من الحكايات؛ فيرى كثير من الباحثين في الأدب، أن صورة كتاب ألف ليلة وليلة وصلت إلى مصر في منتصف القرن الخامس الهجري تقريباً، وأن القصص ظلّ يزاد فيها على مرّ الزمن فتكوّنت المجموعة المصرية الجديدة، التي تعدّ أكبر أقسام ألف ليلة وليلة.


وفيها تكررت بعض الموضوعات، وإن تغيرت أسماء أبطالها ثم أُلفت قصص جديدة. تضم هذه المجموعة ما كتب من القصص في مصر أو بلاد الشام، لاتصال البلدين بصلة وثيقة أيام الفاطميين ثم المماليك والعثمانيين.


تألفت هذه القصص بين القرنين الخامس والعاشر الهجريين من القصص العربية والتقاليد الإسلامية والأساطير الشرقية. ويشير «المَقَّري» في نفح الطيب إلى أن «ابن سعيد الأندلسي الغرناطي» (المتوفى سنة 685 هـ) يذكر في كتابه «المحلى بالأشعار» ما يدل على أن كتاب ألف ليلة وليلة كان شائعاً ومعروفاً في مصر في القرنين الخامس والسادس الهجريين.


تتألف قصص ألف ليلة وليلة في المجموعة المصرية من قسمين، أحدهما قديم ينتهي في القرن الثامن الهجري، والآخر حديث ينتهي في القرن العاشر الهجري. يتميز القسم القديم بأسلوب حسن مطّرد السياق مهذب العبارة، يدور حول المغامرة والحرب وتعارض الأخلاق وتضارب العواطف.


وتعتمد القصص فيه على الطلاسم والأرصاد والجن والسحر والقدر كحكاية «جودر التاجر وإخوته» وحكاية «مسرور التاجر مع معشوقته زين المواصف» وحكاية «علي شار مع زمرد الجارية».


أما القسم الثاني من الحكايات المصرية، فأكثره ركيك الأسلوب جريء العبارة، تدور أحداثه حول حيل المحتالين ومكايد العيّارين ومخاطر اللصوص، إلى جانب قصص التصوف والزهد السائدين في المجتمع المصري آنذاك.


وأشهر حكايات هذا القسم حكاية «معروف الإسكافي» وحكاية «أبي قير وأبي صير» وحكاية «مدينة النحاس» وحكاية «علي الزيبق ودليلة المحتالة» وحكاية «زينب النصابة» وحكاية «الرجل الصعيدي وامرأته الإفرنجية».


  • المجموعات الأخرى

هناك مجموعة من القصص قد أضيفت كاملة إلى كتاب ألف ليلة وليلة، وهي ترد في نسخ دون الأخرى، والسبب في إضافتها هو الرغبة في بلوغ عدد الليالي الألف، كما يدلّ على ذلك عنوان الكتاب، وأشهر هذه القصص قصة «السندباد». بالإضافة إلى مجموعة الأخبار، وهي الأخبار المنتزعة من التاريخ الماضي والتاريخ المعاصر لتلك القصص عن عجائب البلاد والخلق وأخبار الملوك وآدابهم.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

تعليق واحد

  1. مذهلة هذه الحكايات القديمة! تأخذنا في رحلة عبر الزمن وتعكس جمال التنوع الثقافي والتراث العربي. يثير فضولي كيف تجسدت الحياة والقيم في تلك الفترة. ألف ليلة وليلة، كنز لا يقدر بثمن! ✨📖

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى