المهدي المنجرة – أقوال واقتباسات
“مشكلة العالم الثالث؛ أن ماضيه ليس بيدِه، لأن الغرب هو من كتبه، وعندما يقرأ العالم الثالث ماضيَّهُ؛ فإنه يقرؤُهُ بعيون الغربيين”.
“أركان التنمية؛ ثلاثة وهي: أولاً؛ محاربة الأمية، ثانياً؛ الدفاع عن اللغة، ثالثاً؛ البحث العلمي”.
“العولمة؛ هي رؤية غربية للسيطرة على دول العالم الثالث؛ بشكل تصير فيه هذه الدول مسلوبةً حضاريا؛ وتابعة اقتصاديا، ويُقصد منها كذلك؛ السيطرة الاقتصادية، والغزو الثقافي، وفرض القيم الغربية على كل الشعوب الأخرى”.
الصراع الحقيقي بين الدول قائم أساسا على القيم وليس على الدفاع عن مصالح اقتصادية وهو ما يسمى بالاستعمار الحقيقي الجديد.. الناس لا تذهب إلى الحروب من أجل مصالح اقتصادية وإنما من أجل القيم التي يريدونها أن تهمين على العالم.
وفي هذا الصدد فإن الحرب التي خاضتها مثلا الولايات المتحدة الأمريكية على العراق هي دفاع عن القيم الأمريكية التي يريدونها أن تسيطر على العالم.
“اليوم أصبح الأمر صعباً وحساساً، إذ تراجعت المعركة الأساسية من معركة هوية إلى معركة وجود وبقاء، فبقاؤنا اليوم في خطر، ونحن السبب في ذلك، وسؤال الهوية: “من نحن؟”، تَحَوَّلَ إلى سؤال تَرَفِي يحق لنا أن نُلْقِيهِ حين نُخْرِجُ رؤوسنا من الماء، فنحن في حالة غرق”.
“الإنترنت؛ يصير غير ذي معنى، إلا إذا وُجِدَ في مناخ علمي وتكنولوجي وعقلاني، وضمن الأولويات المطلوبة عند الشعوب والدول. وبدون استراتيجية محددة لا قيمة للإنترنت”.
“إذا كان شعبٌ ما فيه نسبة 60% من الأمية، و50% يُعانون مِن فقر دم؛ كيف تطلب منه أن يتذوَّقَ لوحةً لهذا الفنان أو ذاك؟!
“العولمة؛ هو استعمار بدون لون وبدون راية وبدون جواز. والعولمة؛ على عكس ما تنادي به من انفتاح؛ هي الانكماش الحقيقي، إن العولمة في واقع الأمر؛ هي الأمركة”.
“دول العالم الثالث؛ تدفع “العقول” إلى الهرب والهجرة، لأنها تخشى الكفاءة، وهذا هو المشكل، إذ تخشى أن يسبب وجود الكفاءة تغييرات ويُشَوَّشُ على أناس آخرين لا يملكون الكفاءة نفسها”.
“في البلاد العربية، كان الْعَالِمُ هو من يحتل المرتبة المتقدمة على ما عداها في كل المناسبات (حفلة، عُرس، عيد…)، ويأتي بعد العالم؛ التاجر والفلاح و.. إلخ. أما الآن؛ فإن هذه القيم قد انقلبت تماماً، وصارت المادة هي كل شيء، ومن بعد المادة؛ تأتي السلطة؛ .. هذا والي، وهذا سفير، وهذا وزير… إلخ، حيث وُجِدَتْ عناصر أخرى تشكل سُلم القيم الاجتماعية وتغيرت الأوضاع، وهذه بداية التدهور”.
“صعبٌ تصور الحياة بدون جمال، من الصباح إلى المساء، الجمال في الطيور، في النجوم، في السماء وفي البشر”.
يسيطر اليهود سيطرة كاملة على أكثر من 220 صحيفة يومية ومجلة أسبوعية أو شهرية أو دورية في أمريكا، ويكفينا مثالا الرموز الكبرى للصحافة الأمريكية ‘نيويورك تايمز’ و ‘واشنطن بوست’.
الجامعة العربية، التي ليست سوى آلية للسياسة الخارجية البريطانية، وأصبحت فرعا من فروع البنتاغون الأمريكي والبيت الأبيض.
أنا كإنسان من العالم الثالث وكأمازيغي وكمغربي وكأفريقي وكعربي لا يمكنني أن أعتبر نفسي متحررا إلا إذا تحررت فلسطين.
منذ عقد الثمانينيات ظل الغرب يعيش في خوف من ثلاثثة أمور: الديمغرافية والإسلام واليابان، وقضية خوفه من الإسلام هي واضحة الآن للعيان أكثر من أي وقت مضى، إلا أن القضية الحقيقة ليست قضية دينية، وإنما هي حضارية، فمن الناحية الدينية الإسلام دين محفوظ، وسيظل كذلك أراد من أراد وكره من كره.
الانعطاف الذي طبع تعامل الغرب مع العالم الإسلامي بدءاً من سنة 1976 عندما اتضح أن عدد المسلمين -ولأول مرة في التاريخ- فاق عدد المسيحيين في العالم (965 مليون مسلم مقابل 950 مليون مسيحي كاثوليكي).
وهذا ما دفع صانعي القرار في الغرب إلى رسم المخططات ووضع السياسات الرامية إلى الحد من انتشار الإسلام ومن تصاعد عدد المسلمين عبر العالم.
إن التعليم مرآة المجتمع في وقت معين، كما يعد مبلورا للرؤى والمقاصد والأهداف، إنه شمولي، وشموليته هاته تحتاج إلى رؤية ونظرة مستقبلية، لما له من أهمية وبالغ الأثر على الأجيال الصاعدة، وهذا ما يسمى بالتعاضد في الزمن.
والتضامن مع الأجيال معناه المشاركة والمساهمة في بناء الرؤية، وليس خطة مفروضة من لدن خبراء أجانب كخبراء البنك الدولي أو من يعتقد نفسه خبيرا.
مصير ثقافاتنا الوطنية رهين بتطهير أجوائها من المثقفين المرتزقة، وبدحر كل ما هو دخيل على أفكارنا، حتى نبني لشعوبنا أرضية ثقافية قوامها الأمانة في العمل الفكري لِتَنْعَتِقَ من الاستلاب الفكري والانسلاخ الثقافي.
إذا أردت أن تهدم حضارة أمة فعليك بهدم الأسرة، وهدم التعليم، وإسقاط القدوات والمرجعيات، ولكي تهدم الأسرة عليك بتغييب دور الأم، اجعلها تخجل من وصفها بربة بيت، ولكي تهدم التعليم عليك بالمعلم، لا تجعل له أهمية في المجتمع، وقلل من مكانته حتى يحتقره طلابه.
ولكي تُسْقِطَ القدوات عليك بالعلماء، اطعن فيهم، قلل من شأنهم، تشكك فيهم، حتى لا يَسْمَعَ لهم ولا يَقْتَدِي بهم أحد، وإذا اختفت الأم الواعية، واختفى المعلم المخلص، وسقطت القدوة والمرجعية، فمن يربي النشئ على القيم؟
تَسَارُعُ التاريخ الناتج عن انفجار المعرفة في لحظة تتضاعف فيها المعرفة الكلية للبشرية حاليا (عشرة آلاف سنة من التاريخ) كل سبعة أعوام أو ثمانية، يتم نشر أكثر من ألفي كتاب في اليوم، ومليوني مقال علمي في السنة وذلك على صفحات 60 ألف مجلة متخصصة.
أي ما يعادل مقالا في كل 15 دقيقة، وإذا نحن أردنا استعمال خطاب الفيزياء النووية فسنقول أن ‘نصف حياة’ المعرفة العلمية يُقدر بسبع سنوات، هذا يعني أن كل شخص-كيفما كان- لا يجدد معارفه خلال سبع سنوات يسقط في شبه أمية علمية.
إن فرنسا تقع الآن تحت هيمنة أقوى بكثير من هيمنتها علينا، وهي الهيمنة الأنجلوسكسونية.. فإذا أخذنا حاليا الإحصائيات، سنجد أن اللغة الفرنسية تأتي في المرتبة الثامنة عالميا.
فلغة هذا وضعها العالمي، لا يمكنها أن تفرض نفسها منطقيا على شعوب لا تربطهم بها أية علاقة، فعلى مستوى الإنتاج العلمي، ليس هناك مرجع علمي فرنسي حقيقي، إن لم يكن مبنيا على مراجع إنجليزية أو يابانية.
لذلك أقول بأن الفرنكفونية لا أفق لها، وليست في مستوى الرهان الذي وضعت نفسها فيه، فانهيار الفرنكفونية أمر حتمي، والمسألة مسألة وقت، هل 10 أو 15 سنة؟ لكن المؤكد أن الفرنكفونية ستنهار.
لا أقبل من أي أحد أن يقول صعب أن نستعمل اللغة العربية في تعليم الكيمياء والبيولوجيا، فهذا كلام لا أساس له، لأن التجارب في العالم بأسره برهنت أنه بدون الاعتماد على اللغة الوطنية، وبدون لغة الأم في تعليم العلوم، لن يكون هناك تقدم حقيقي، وأستطيع أن أقدم لك نماذج من كوريا وتايوان واليابان وماليزيا والصين وغير ذلك.
إن صندوق النقد الدولي والبنك العالمي هما أخطر مؤسستين على حاضر ومستقبل بلداننا، وقد كانا كذلك من ذي قبل، لكن الدول التي تلجأ إليهما هي التي يجب توبيخها ربما أكثر من تلك التي تقبل طلبها، خطر هاتين المؤسستين يتمثل في نماذج التنمية التي تفرضها والتي ترهن استقلال الدول المتلقية للمعونات.
لأول مرة في تاريخ البشرية، يستطيع الإنسان أن يدمر ذاته، ويدمر نوعه، إما بواسطة القوى التدميرية للأسلحة المتطورة، وإما بواسطة الاختلالات البيئية للتصنيع السائب، إن التحولات البيئية التي حصلت خلال المائتي سنة الأخيرة، أي العصر الذهبي للثقافة والحضارة الغربية.
وذلك منذ تحرير الطاقة انطلاقا من المتحجرات قد أحدثت أضرارا أكثر من كل التحولات الأخرى منذ بداية الحياة على الأرض، والتي تعود إلى أكثر من أربعة ملايير سنة.
مازال البعض يظن أن السيارة وسيلة لإظهار المستوى المعيشي والافتخار، وليست وسيلة للنقل! ومازال البعض يظن أن الملابس وسيلة للإغراء وإظهار النفس، وليست مجرد سترة للنفس! ومازال البعض يظن أن المنازل مكان للتفاخر على الضيوف ولفت الانتباه.
وليست مكاناً للعيش! ومازال البعض يحكم على الناس من خلال مظاهرهم ونسى أن هناك قلب وهناك عقل! نحن نعيش في مجتمع غارق في حُبِّ المظاهر.
الخطر الكبير الذي يواجهه العالم اليوم هو الهيمنة الثقافية التي يدفع بها مسلسل العولمة ويشجعه.
سيطر الخوف على العالم (الخوفقراطية)، ولذلك نلاحظ أن 80 % من البحث العلمي بأمريكا يخص المجال العسكري، إن ما هو واقع الآن في العالم ليس هو تَأَخُّرُ أمريكا وتقهقرها، وإنما صعود الصين وآسيا تدريجيا وبصمت وبدون هرج ومرج.
أرفض الانطلاق من أوروبا لتحديد مفهوم الحرية، إن الحرية عمرها من عمر الإنسان، وهذا الأخير له أكثر من 300 ألف سنة على وجه الأرض، والحضارة الموجودة والمكتوبة لها أزيد من 10 آلاف سنة من العمر، ومع كل هذا نأتي وننطلق من أوروبا للتأريخ للتاريخ، إنه الاستلاب العقلي ومركب النقص اللذين ابْتُلِينَا بهما.
الحرية لم تتبناها أوروبا أو أمريكا، إنها تراكم إنساني منذ آلاف السنين، إن الغرب هو الذي حارب الحرية، ولم يُحْدِثْ فيها تراكما، هو من تسبب في قتل ملايين الهنود في أمريكا، إن الحضارة الإنسانية لها أكثر من عشرة آلاف سنة وآثارها موجودة في النيبال وفي العراق، تاريخ الثورة الأمريكية لا يتجاوز 200 سنة، أما التراكم الإنساني فأقدم من ذلك بأضعاف مضاعفة.
في العالم أجمع لم تعد هناك علاقات ثنائية، والعلاقة مع الدول الأوروبية أصبحت تُطْرَحُ في شيء يسمى معسكر أوروبا الموحدة.. هناك أهداف مخططة منذ زمن بعيد، عكس ما هو عليه الأمر عندنا، ليس هناك سياسة حقيقية تجاه الآخر.
وهذا يهم كل الدول العربية، وأكيد أن الضعف الذي نعيشه مرتبط بحالة التشرذم التي توجد عليها كل دول العالم الثالث، وهذا استغله الآخرون إذ لا يتوانون في تدميرنا، وهذا أمر مفهوم في العلاقات الدولية، فالدول القوية غالبا ما تعمل على زرع الفتنة بين الشعوب لإضعافها.
“القضاء على الجهل لا يمكن تعلمه في الكتب، هذه أمور لها علاقة بالقيم وترتيب الأولويات والمعاصرة”.
الغرب متغطرس ثقافيا لأن فضاءه الزمني التاريخي محدود، حين تذهب إلى العراق أو الصين أو إلى أمريكا الجنوبية ثمة ثقافة متجذرة ومتطورة، في الولايات المتحدة تجد بالمقابل الأكلات السريعة (فَاسْتْ فُودْ Fast food)، إن التقدم العلمي لا يعني آليا امتلاك ثقافة التواصل مع الآخر.
إثنان في حياتي أعطياني درسا في الإهتمام بالفنون، إسم الأول هو Kenzo Tanguy، وهو أكبر معماري في تاريخ القرن العشرين، عمره سبعون عاما، وكنت أتكلم معه وقال لي: “هل تعرف الفرق بين المهندس المعماري المبدع وغير المبدع”.
واستطرد قائلا: “المهندس المعماري غير المبدع يبدأ بالجذور ويرسم ويصمم البناية كما يراها، أما المهندس المعماري العبقري فيبدأ بالتصميم ويرى الفراغ ويبني حوله”، لدينا أول الإختصاصيين في الموسيقى ألا وهو الفارابي.
كان يستعمل نفس العبارة بطريقة أخرى، العبارات التي استعمل في كتابه عن الموسيقى ما بين نقطة ونقطة يقول هذا هو التركيز، فبدون هذا الفراغ ليس هناك موسيقى، وهذا الفراغ هو الذي يعطي القيمة لما فيه، هكذا تكلم Tanguy.