اقتباسات

حرب طروادة: بين الأسطورة والتاريخ

تُعدّ حرب طروادة واحدة من أشهر الصراعات التي خلّدها التاريخ، حيث وردت تفاصيلها في ملحمتي “الإلياذة” و”الأوديسة للشاعر الإغريقي هوميروس، ممزوجة بالكثير من الأساطير الإغريقية القديمة. اندلعت هذه الحرب بين الإغريق والطرواديين، وظلت أحداثها محورا للأدب والفن، إذ جُسّدت في العديد من الأعمال الأدبية والأفلام السينمائية التي حظيت بشهرة واسعة على المستوى العالمي.

  • طروادة: المدينة الأسطورية والموقع الاستراتيجي

طروادة (Troy) هي مدينة قديمة تقع في شمال غرب الأناضول، ضمن الأراضي التركية الحالية. تميّزت بأهميتها الاستراتيجية، حيث كانت تشرف على المدخل الجنوبي لمضيق هيلاسبونت (Hellespont)، المعروف اليوم بمضيق الدردنيل، والذي يربط بين البحر الأسود وبحر إيجه عبر بحر مرمرة.

ارتبطت شهرة طروادة بالأساطير الإغريقية، إذ ورد ذكرها في الإلياذة والأوديسة، إضافة إلى الإنيادة، الملحمة التي كتبها الشاعر الروماني فيرجيل. ويُنسب تأسيس المدينة إلى شخصية أسطورية تُدعى إلوس، حيث اشتُق اسمها منه.

  • طروادة عبر العصور

كشفت التنقيبات الأثرية أن موقع طروادة احتضن تسع مدن متعاقبة، حيث كانت كل واحدة تُبنى فوق أنقاض سابقتها بعد تعرّضها للدمار. ويُعتقد أن الحرب التي دارت بين الإغريق والطرواديين أدّت إلى تدمير إحدى هذه المدن، وهو ما يُرجّح صحة بعض أحداث الإلياذة، حتى وإن ظلّت بعض تفاصيلها محاطة بالغموض والأساطير.

ورغم عدم التوصل إلى أدلة قاطعة تحدد السبب الحقيقي للحرب، فإن الروايات التاريخية تشير إلى أن الإغريق شنّوا حملة عسكرية على طروادة، وألحقوا بها دمارا هائلا، في مشهد يتقاطع مع ما روته الملاحم الإغريقية. وهكذا، تظل حرب طروادة واحدة من أكثر الأحداث التاريخية إثارة للجدل، حيث تمتزج الحقيقة بالأسطورة، ويبقى إرثها حاضرا في الأدب والتاريخ حتى اليوم.

  • المدينة الأسطورية وحكاية نبوءة الخراب

كانت طروادة مدينة عظيمة يحكمها الملك بريام، وكان له ابنان بارزان: هكتور، القائد العسكري الشجاع، وباريس، الأمير الذي قاد المدينة إلى مصيرها المحتوم. وفقا للأسطورة، تنبأ العرّافون بأن أحد أبناء بريام سيكون سببا في دمار طروادة.

عندما كان باريس راعيا للأغنام في الجبال، طلبت منه الآلهة الإغريقية (وفقا للمعتقدات القديمة) أن يكون الحكم في مسابقة جمال بين ثلاث إلهات: هيرا، وأثينا، وأفروديت. حاولت كل واحدة استمالته بوعد مغر؛ هيرا وعدته بالسلطة، وأثينا بالنصر في الحروب، أما أفروديت فعرضت عليه أجمل نساء العالم زوجة له، فاختارها.

لاحقا، زار باريس ملك إسبرطة منيلاوس، حيث أوقعته أفروديت في حب هيلين، أجمل نساء العالم وزوجة منيلاوس. انجذب باريس إليها، فاختطفها وعاد بها إلى طروادة، وهو الحدث الذي أشعل فتيل الحرب الطروادية.

أقسم منيلاوس على الانتقام، فقاد شقيقه أغاممنون حملة عسكرية ضخمة ضمت أشهر المحاربين، من بينهم أوديسيوس وأخيل، ودامت الحرب عشر سنوات. خلال المعارك، قتل أخيل الأمير الطروادي هكتور، فانتقم منه باريس بسهم أصابه في كعبه، مما أدى إلى مقتله.

  • حصان طروادة: الخدعة العسكرية التي أنهت الحرب

استمرت حصون طروادة المنيعة في صد الإغريق لمدة عشر سنوات، حتى ابتكر أوديسيوس خدعة غيرت مجرى الأحداث. أمر ببناء حصان خشبي ضخم، اختبأ داخله نخبة من الجنود، بينما تظاهر الجيش الإغريقي بالانسحاب.

ظنّ الطرواديون أن الحرب انتهت، فأدخلوا الحصان إلى مدينتهم كغنيمة نصر. لكن مع حلول الليل، خرج الجنود المختبئون وفتحوا أبواب المدينة أمام الجيش الإغريقي، الذي اجتاحها ودمرها بالكامل، وأعاد هيلين إلى منيلاوس، منهيا بذلك حقبة الحضارة الطروادية.

يعتقد المؤرخون أن سقوط طروادة حدث عام 1184 ق.م، بينما تشير الأدلة الأثرية إلى أن المدينة السابعة، والتي ربما قصدها هوميروس في ملحمتي الإلياذة والأوديسة، دُمّرت حوالي عام 1250 ق.م.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى