عبد الرحمن حاج صالح: أبو اللسانيات العربية

عبد الرحمن حاج صالح، الملقب بـ”أبو اللسانيات“، هو أحد أعلام الفكر اللغوي في العالم العربي، ترك بصمة مميزة في ميدان اللسانيات الحديثة. وُلد سنة 1927 في وهران، الجزائر، ونشأ في أسرة متمسكة بالعلم.

بدأ تعليمه في الجزائر قبل أن يتوجه إلى مجال الطب، حيث تخصص في جراحة الأعصاب خلال فترة دراسته بمصر، ولكنه قرر لاحقًا تغيير مساره المهني والعلمي كليًا.

• التحول العلمي: من الطب إلى اللسانيات

خلال إقامته بمصر، كان يتردد بانتظام على جامع الأزهر، حيث تعمق في دراسة اللغة العربية والنحو العربي، مما أشعل شغفه بهذا المجال. قرر حينها ترك الطب والتفرغ لدراسة التراث العربي اللغوي من منظور جديد، خاصة فيما يتعلق بالنحو العربي والمنطق الرياضي الذي يشكّل أسسه.

انتقل حاج صالح إلى الولايات المتحدة حيث عمل أستاذًا زائرًا في جامعة فلوريدا، وخلال هذه الفترة التقى بالعالم اللساني نعوم تشومسكي، وأجرى معه مناظرات حول النظريات اللسانية الحديثة.

• المشروع اللغوي: إحياء التراث بمقاربات حديثة

ركز عبد الرحمن حاج صالح؛ في أبحاثه على الدراسات المقارنة، مسلطًا الضوء على العلاقة بين التراث النحوي العربي والنظريات اللسانية الحديثة، خاصة تراث الخليل بن أحمد الفراهيدي. كان هدفه الكشف عن الأسس الرياضية التي تقوم عليها هذه النظريات، وتطويرها بمناهج وأدوات علمية معاصرة.

كما ساهم في حوسبة التراث العربي عبر مشروعات رائدة مثل البنك الآلي العربي، الذي يعد من أوائل المشاريع في مجال اللسانيات الحاسوبية.

• المناصب العلمية والأكاديمية

– رئيس المجمع الجزائري للغة العربية منذ سنة 2000.
– رئيس قسم اللسانيات وقسم اللغة العربية بجامعة الجزائر.
– عميد كلية الآداب حتى عام 1968.
– عضو مراسل بمجمع اللغة العربية في كل من دمشق، بغداد، عمان، والقاهرة.
– رئيس مؤسسة الذخيرة العربية عام 2008.

• الإنتاج العلمي

ترك عبد الرحمن حاج صالح عشرات البحوث والدراسات المنشورة باللغات العربية، الفرنسية، والإنجليزية، أبرزها:

– “أصول تصحيح القراءة عند مؤلفي كتب القراءات وعلوم القرآن“.
– “الجوانب العلمية لتراث الخليل وسيبويه”.
– “حوسبة التراث العربي“.

كما شارك في إعداد “معجم علوم اللسان” تحت إشراف الأليكسو، وهو عمل موسوعي هام.

• الجوائز والتكريم

حاز عبد الرحمن حاج صالح على جائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب عام 2010، تقديرًا لمشروعه الرائد النظرية الخليلية الحديثة ودفاعه عن أصالة النحو العربي.

• وإرثه العلمي

توفي عبد الرحمن حاج صالح في عام 2017 عن عمر ناهز 90 عامًا. ترك إرثًا علميًا غزيرًا، شكل حجر الأساس للدراسات اللسانية في الجزائر والعالم العربي.