علم الاجتماع

المجتمع المدني من منظور سوسيولوجي “فالح عبد الجبار أنموذجاً”

  • المقدمة :

موضوع المجتمع المدني يشعل حرائقاً صغيرة وكبيرة في الفضاء العمومي العلمي والأكاديمي، وثمة أقلام تعرضت لهذا الموضوع بطريقة سطحية وبنبرة دعائية وانفعالية وبمغلظــة كبيرة في ظل غياب صارخ للروح النقدية والتحليلية وبعيداً عن قسطاس الحكمة والتبصــر .

الدكتور فالح عبد الجبار عقل سوسيولوجي من أهل الذكاء والكيس ، له قدم راسخ وضرس قاطع في العلم، يضيء المناطق المظلمة بثرائه العلمي والمعرفي ، ويفتق مضائق الأذهان بأطروحاته النيرة وبعقله المنفتح وبمهاراته البحثية والتحليلية الهادفة وإلى فك الاشتباك المعرفي وتحطيم القوالب الجامدة وتنميـة العقلية السوسـيولوجية النقدية .


 الورقة البحثية تسلــط عدســة الضــوء على القسمات الرئيسية للمجتمع المــدني العراقي كما وردت على طرف لسان الدكتور / فالح عبد الجبار وكما هي مرقومة في أعماله السوسيولوجية ، وتجيب على الأسئلة التالية :-

– ماذا يقصــد بالمجتمع المــدني ؟

– وما مفهوم فالح عبد الجبار للمجتمع المدني ؟ 

– ما البصمــة السوسيولوجيــة التي سطرها الدكتور / فالح عبد الجبار حول مسألة

 التهــام الدولة للمجتمــــع المــدني ؟ .

– كيــف أضحــى المجتمع المــدني أثراً بعد عــين في زمــن الفوضى والفساد والتربح غير المشروع ؟

الزمن الذي نعيش فيه رديء ، تعاجمت فيه المفاهيم وانهارت فيه صواميل الدولة والقيـــم وتشرذمت اللحُمــة الوطنية العراقية في ظل الاحتلال وصراع المذاهب والمليشيات والطوائف والعقائد الإثينيات خارج نطاق الناموس الاجتماعي والعقلانية ودولة الحــق والقانون ، وطغــت لغة العنــف والإرهاب بصورة بشعة بلغت حــد القتل بالهوية وتشظت الهوية العراقية إلى هويات صغرى قاتلة ومدمرة لقيم المواطنة المتساوية والتساكن الاجتماعي والإنساني ، وفي غميس هذه الأوضاع الفاســدة والزميتة ترسـخت أقــدام الفوضــى والبلطجة وفسـاد معايير الناس وخرج القسط الأعظم منهم عن محيــط الانتظام العام ، وفي فضــاء العتمــة وغيبوبة الوعي كان د. فالح عبد الجبار حاضراً برؤيته النقــدية التحليلية وبنصوصــه السوسيولوجية التي وضعت الأصبع على الجرح بفكــر صحيح وعلم مبين وحملت ترياقاً لأمراض المجتمــع وحلولاً لأزماته المــزمنــة .


تتــكون الورقة البحثيـــة من القسمات التاليــة :

أولاً : مفــهوم المجتمــع المــدني .

ثانياً :  المجتمــع المدني العراقــي .

ثالثاً : تدمير  المجتمع المــدني .

أولاً : المجتمع المــدني :

المجتمع المدني حسب تصور د. فالح عبد الجبار بدأت تتبلور ملامحه  الأولية على أيدي المفكرين : توماس هوبز ( 1588- 1679م ) , جون لوك ( 1632 – 1704م ) ، جان جاك روسو ( 1712- 1778م ) ، والذين اخرجوا إلى النور مفهوم العقد الاجتماعي الذي يركز على ضرورة الاتفاق حول إقامة سلطة سياسية يختارها الشعب وهي سلطة دنيوية وليست دينية :

 المجتمع المدني حسب صياغته الأولى ، هو مجتمع بشري خرج من حالة الطبيعة ” الفطرية ” إلى الحالة المدنية التي تتمثل بوجود هيئة سياسية قائمة على اتفاق تعاقدي . وبهذا المعنى فإن المجتمع المدني في فكر القرن الثامن عشر هو المجتمع المنظم سياسياً [1].

فهذا المجتمع حسب جون لوك :  تستلزم دولة يحكمها القانون لحفظ النظام وحماية الحرية . فالمجتمع المدني يعني إمكانية عيش الناس ضمن شروط الحرية السياسية والنشاط الاقتصادي  [2].

فثمة ضبابية في مفهوم المجتمع المدني وخلط شديد ما بين الدولة والمجتمع ، حيث كانت الكفة تميل لصالح ابتلاع الدولة للمجتمع المدني :

 وكما ظهر نوع من الطوباوية في استعمال مفهوم المجتمع المدني ، وكأنه تحول من منطق السوق والمنافسة إلى منطق العفوية والتضامن والتعايش المشترك . ولعل ما ربحه المفهوم من سعة الانتشار قد خسره على مستوى الدقة . ذلك أن التقييم الإيجابي لمفهوم المجتمع المدني خلق منه أسطورة سياسية ، يلجأ إليها من ينادي بالمبادرة الخاصة وكذلك من ينادي بالتضامن والتسيير الذاتي ، وتعتمده الحكومات تجاه التحديات الداخلية كما تصفه الحركات المعارضة في صراعها مع السلطات القائمة [3].

ولقد أومأ د. فالح عبد الجبار أن :

 ثمة اختزال شائع لمفهوم المجتمع المدني ينزل به إلى حدود ضيقة ومحدودة تقتصر على ما يعرف بـ الاتحادات والجمعيات الأهلية ، بل أن البعض يحيله إلى ما هو أضيق من ذلك ، فيختزله إلى  المنظمات الحكومية [4].

وفي هذا السياق لابد لي أن أشير إلى أنه شاعت التسميات للمجتمع المدني ، فمنهم من يرى أن منظمات المجتمع المدني هي المجتمع المدني ويسمون المجتمع المدني بالقطاع الثالث ، وآخرون يسمونه بالقطاع الخيري وفريق ثالث يسميه بالقطاع المستقل ، وفريق رابع يسميه بالقطاع التطوعي ، والجمعيات التطوعية والمنظمات غير الحكومية ، والقطاع الأهلي والمنظمات الجماهيرية والحركات الاجتماعية .

وتتناسل التعريفات للمجتمع المدني :

– هناك من يرى أن المجتمع المدني عكس البداوة والتخلف وأن المجتمع المدني مجتمع المــدن .

– وآخرون يرون أن المجتمع المدني عكس مجتمع الهيمنة والعسكرة والعنف والطغيان .

– ورهط من الباحثين يرون أن المجتمع المدني على همزة وصل بمفهوم المواطنة المتساوية والحرية والديمقراطية والحـداثة .

– وركزت زُمــر من الباحثين على أن المجتمع المدني مجتمع علماني يتعاكس مع المجتمع الديني :

ما يهمنا في ذلك أن المجتمع المدني بات ، في هذا التصور النظري الجديد ، ميداناً فيه تقسيم العمل ، وانتاج الثروة ، والتعاقد والتبادل ، بصورة مستقلة عن الميدان السياسي ، بل بات يعتبر المحدد لهذا الأخير [5].

لا بد لي من القول  , أن فالح عبد الجبار أتقن فــن تفسير المجتمع المدني ، إلا أنه أسرف في حصر المجتمع المدني في بوتقة اقتصادية ضيقة ، فهو يميل إلى المدرستين الإنجليزية والألمانيــة اللتان تؤكدان:

 أن المجتمع المـدني هو المجتمع التجاري ” الرأسمالي ” الذي يكون فيه المجال الاقتصادي متميزاً ومستقلاً عن المجال السياسي . وهو مجتمع مستقل بذاته ، يتولى إنتاج الثروة وتوزيعها ويمول الدولة عن طريق الضرائب ، متطلباً الحــد الأدنى من الحكم والتوجيه ( آدم سميث ) . وقد يكون المجتمع المدني إما فردوس التناغم المنظم ذاتياً ( مدرسة القرن الثامن عشر البريطانية اللبرالية : آدم سميث ) ، أو هو حجم الاحترابات ( مدرسة القرن التاسع عشر الألمانية : هيغل وماركس )  [6]

وربى ملاحظ سيدرك ، أن قراءة فالح عبد الجبار للمجتمع المدني في المدرستين الإنجليزية والألمانية غير دقيقة ، ومرد ذلك يعود إلى أن أقطاب هاتين المدرستين كانت لهم مفهومات ضبابية للمجتمع المدني ، فآدم سميث ( 1723-1790م )، من رواد الاقتصاد السياسي الكلاسيكي يحلل طبيعة المجتمع على أساس اقتصادي محض وأشهر مؤلفاته كتاب ” بحث في طبيعة ثروة الأمم وأسبابها ” “1776م” ، لم يخطر بباله مفهوم المجتمع المدني الحديث المتعارف عليه في البرهة الراهنة ، رغم أهمية أطروحاته الاقتصادية المحورية في تشكيل المجتمع وتحـديد اتجاهاته .

ومن جهة اخرى سيطرت على ذهنية جورج فريدريك هيجل الألماني (1770-1831م ) ، فكرة الهيمنة والشمولية والقوة ، وأعتبر الدولة فوق كل شيء ولم يضع اعتباراً للمجتمع المدني ، حيث دامج ما بين السياسي والمدني ، ما بين المجتمع والدولة ولا يرى فرقاً ما بين المجتمع والسلطة :

 فالدولة هي الجوهر الاجتماعي الذي بلغ رتبة الوعي بذاته وهي تضم مبــدأ الأسرة ومبــدأ المجتمع المدني معاً . وأن الوحدة التي تمثلها عاطفة الحب في الأسرة هي عينها كنة الدولة ، على أن الدولة قد سُـميت خلال المبدأ الاجتماعي عن مستوى الأسرة والمجتمع معاً ، فبلعت بالإرادة الحــرة التأملية شكل الكلـي الواعــي …

غاية الدولة عند هيجل تحقيق كلي ، تحقيق المُـثل أو الروح ، وليست غايتها ضمان مصلحة الأفراد [7] .

إن هيجل لا يطيق تقسيم  الفضاء العمومي إلى سلطة ومجتمع ، بل كان يؤمن بالسلطة الشمولية التوليتارية ومقتنع بفكرة أن الدولة هي المجتمع وأن المجتمع هو الدولة ، ولم يقرق ما بين المجتمع والسلطة بل وضعهما في سلة بيض واحدة وهذه نقيصــة كبرى في منظوره .

وعلى نفس المسرب كان مفهوم كارل ماركس ( 1818- 1883م ) ، للمجتمع المدني ضبابياً ، فحيناً يعتقد أن المجتمع المدني هو المجتمع البرجوازي الذي خرج من رحم المجتمع الإقطاعي ، وفي أحايين أخرى ، كان يعتقد أن المجتمع المدني هو حقل للصراع الطبقي :

 إن تاريخ جميع المجتمعات إلى يومنا هذا لم يكن سوى تاريخ النضال الطبقي [8] ، وأن الصراع الطبقي سيفضي في نهاية المطاف إلى ثورة اشتراكية تحطم الطبقات الظالمة وتقيم البروليتارية تحت قيادة حزبها الطليعي مجتمعها الجــديد المرتكز على الملكية العامة والعدالة والإنصاف وأن الرسالة التاريخية للطبقة العاملة هي تحطيم المجتمع البرجوازي :

 وعلى انقاض المجتمع البرجوازي القديم بطبقاته وتناقضاته الطبقية يبرز مجتمع جديد تكون حرية التطور والتقدم لكل عضو فيه شرطاً لحرية التطور والتقدم لجميع أعضائه  [9].

أطروحات ماركس عن المجتمع المدني تذكرنا بأطروحات شارل فوريه (1772-1837 م ) ، الذي أومأ أن المجتمع البشري يتطور من الأسفل إلى الأعلى ، وأنه بعد كل مجتمع حضاري يعقبـه انحـطاط حضاري ، وأن المجتمع الإنساني في رأيه يتسلسل ويتحرك على النحــو التالــي :

1- المجتمع الهمجــي ، 2- المجتمع الأبوي ، 3- المجتمع البربري ، 4- المجتمع المدني  ( ويقصد به المجتمع البرجوازي ) ، وتكون بذلك وجهة نظره متطابقة مع كارل ماركس الذي ظن أن المجتمع المدني هو المجتمع البرجوازي .

فالطرح الماركسي الضبابي  يتناشز مع الاجتهادات النظــــرية ” لأنطونيوغرامش ”    ( 1891- 1937م )، ويورغن هابرماس ( 1929م) ، اللذان كانا يعتقدان أن المجتمع المدني هو الذي يقع خارج السوق وخارج هيمنة الدولة ، وبالتالي فهو المناشط الاجتماعية والثقافية المستقلة عن هيمنة الدولة وخارج نطاق السوق والمجالات السياسية .

سنكون ظالمين للاعتدال ، إن لم ننصف د. فالح عبد الجبار في شروحاته وتحليلاته لمفهوم المجتمع المدني في المدرسة الكلاسيكية الفرنسية ( مونتسكو 1689- 1855م ) ، واليكسي دي توكفيل ( 1805- 1859م ) ، حيث ترى هذه المدرسة أن منظمات المجتمع المدني تقع ما بين المجتمع والدولة :

 وأن هذه الجمعيات متحررة من قواعد القرابة أو الوراثة فهي جمعيات حديثة أساسها قانوني ومغزاها ثقافـي أو اقتصادي تحقــق التواصل بين الدولة ومجتمع الأفراد الأحرار [10]  .

وليس من الخطل القول ، أن مفهوم المجتمع المدني حاضر بقوة في الفضاء السياسي والاجتماعي والثقافي العمومي :

(( كمقولة ” تعويضية” )) أو (( استبداليه )) ، بمعنى أن النخب السياسية بعد ان جربت مشاريع ايدلوجية مثل الاشتراكية والعلمانية ، وبعد التآكل النظري والعلمي لجزء كبير من المفاهيم …أصبحت تحتمي وراء المفاهيم ” كملاذ أخير ” ، يسمح لها باستئناف الدفاع عن المشاريع الفكرية والسياسية السابقة لكن تحت يافطة جديدة ، خاصة بعد اطلاعها على الدور الذي قام به المجتمع المدني في مواجهة الأنظمة الشيوعية والتوليتارية في أوروبا الشرقية وفي الدفع في اتجاه الديمقراطية  [11] .  

وقد لا أكون في حاجة للقول ، أن نظرات الناس والمفكرين لمفهوم المجتمع المدني تختلف من مجتمع إلى آخر ومن حقبة تاريخية إلى اخرى :

 ولم يكن بالأمر المفاجئ أن يصوغ الأوروبيون الشرقيون مفهوم المجتمع المدني على أساس الحـد من سلطة الدولة المحدودة ، وأن يعبر الأمريكيون بلغة توكفيلية جديدة في التنظيمات الوسطية . فإذا كان المجتمع المدني يعني في مكان معين النزعة الجمهورية الدستورية ، ويعني في مكان آخر الروح الطوعية المحلية المدعومة بمعايير غير رسمية من التضامن والتعاون المتبادل  [12] .

نظرة فالح عبدالجبار لمفهوم المجتمع المدني لا تخرج عن نطاق اقتصاد السوق، حيث كان يعتقد أن المجال الاقتصادي والسياسي من المكونات المحورية للمجتمع المدني العراقي والمجتمع المدني العمومي .

ويمكن القول أن المجتمع المدني :

مجال للتنظيم السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي المنظم والطوعي والمستقل عن سلطة الدولة والمتعاكس مع النزعة الشمولية التي تلتهم قوى المجتمع المدني وتسحق كل نشاط إبداعي مستقل وتمتص حيوية وطاقة أفراد المجتمع .

وثمة ملاحظة لابد من الجهر بها ، إني أتشاطأ مع ما ذهب إليه د.فالح عبدالجبار حين قال أن :

 المجتمعات الشرق أوسطية ، بما فيها العراق ، الخارجة من ماضي غير صناعي وحاضر توليتاري ، هي في الواقع مجتمعات انتقالية يحتاج فيها المجتمع المدني إلى أن يتطور وفق المسارات الأربعة الأتية :

اقتصاد السوق ، بناء المؤسسات الوسطية ، الإعلام الحر ، نشؤ المنظمات غير الحكومية التي تتبنى قضايا معينة [13] .

إلا أن القادحة الكبرى في هذا الطرح هو إهماله لأهمية الدولة المدنية الحديثة والتي بدونها يتعذر وجود مجتمع مدني حديث ، فالمجتمع المدني الحديث بمسيس الحاجة إلى دولة الحق والقانون والمواطنة الواحدة التي تتقوم على مداميك الديمقراطية والتعددية الحزبية والدستور والأنظمة والقوانين والحريات العامة وتحافظ على آدمية الإنسان وفصل السلطات والانتخابات الديمقراطية والتناوب السلمي للسلطة وتحترم حقوق الأقليات وتوسع المشاركة الشعبية وتحترم العقائد والمذاهب والأديان وتجفف منابع الفساد وترسي أسس التنمية والسكينة والرضوان والوئام المدني والثقافة الديمقراطية والرقي العقلي والوجداني .

فالدولة المدنية هي الراعي الكبير لمناشط وفعاليات وحرية وحركة المجتمع المدني :

 لقد نشأ المجتمع المدني الحديث من رحم المجتمع القديم ، ونشأ مع تطوره ، فالعلاقات في المجتمع القديم ، هي علاقات قرابة وقبيلة وعشيرة وطائفة ومذهب ومحلة… في حين تحل محل هذه الأشياء في المجتمع المدني فكرة المواطنة ، فتتكون العلاقات المركزية الأساسية حصراً أي يصبح المهم في المجتمع هو أن الإنسان الآخر مواطن دون النظر إلى حسبه ونسبه أو قبيلته أو عشيرته أو منطقته ، وهذه لها مجال آخر باعتبارات الحياة الخاصة ، لكن في الحياة العامة للمجتمع المدني فتصبح فكرة المواطنة هي الأساس وهي الفكرة الأساسية الحاسمة [14]

لقد كانت ولادة المجتمع المدني الحديث متساوقة مع ولادة مفاهيم : الديمقراطية ، والحرية ، والمواطنة المتساوية ، والتسامح ، والقبول بالآخر ، واحترام معتقدات الآخرين ، والقيم الديمقراطية ، ودولة المؤسسات ، والحوار ، والسلام الاجتماعي ، ونبــذ العنــف :

بناء الدولة وبناء المجتمع المدني . فلا يمكن الحديث عن مجتمع مدني حقيقي في إطار دولة ضعيفة وهشة وتسلطية وتابعة وناقصة أو فاقدة للشرعية ، وبالتالي فإن عملية بناء المجتمع المدني تتضمن في نفس الوقت عملية إعادة بناء الدولة ، بحيث تصبح دولة المؤسسات والقانون ، تصبح دولة ملتحمة بمجتمعها ومتفاعلة معه ومعبرة عنه ، وليست دولة غريبة وخارجة عنه [15] .


  • ثانيـــاً : المجتمـــــــــع المـــدني العراقـــي :  

أكاد أجزم أنه لا يوجد مجتمع مدني عراقي ، بل مشروع لمجتمع مدني عراقي ، فالمجتمع المدني على همزة وصل بــــ :

– دولة الحق والقانون والمؤسسات .

– رُقــي صناعي وزراعي وقاعدة مادية وتكنولوجية متطورة .

– شــيوع الثقافة الديمقراطية ونهضة العقل وحرية الرأي والضمير واتساع قاعدة

  التسامح وتلاشي ثقافة العنف والإرهاب والثقافة الشمولية .

– تمازج وطني واجتماعي منفتح وتقهقر العصبيات بألوانها الطيفية ، واتساع رقعة التماسك الاجتماعي وانخفاض مفعول الوشائج العائلية والعشائرية والقبلية والهويات الضيقة في الفضاء العمومي وفي عمل مؤسسات الدولة .

– قوة مناشط منظمات المجتمع المدني وتأثيرها على المسلك السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي والروحي بوجه عام :

 يعــد المجتمع المدني في الدول الديمقراطية الحقيقية ضمانة للاستقرار ، وصمام الأمن والسلم الأهلي حتى آخر فرد وفي درجة السلم الوظيفي والمهني والاعتباري ، وهي تعمل في اتجاهين متعاكسين في آن واحد ، فبينما هي توصل رسائل المجتمع المختلفة إلى السلطات الفوقية ، تقوم أيضاً بتوضيح المقاصد الحقيقية لإجراءات السلطة الحاكمة ومناقشتها قبل إقرارها أو دخولها حيــز التنفيذ ، لذلك لا نجــد هزات عنيفة ولا ثورات أو انقلابات أو اضطرابات في الدول الديمقراطية الحقيقية [16] .

– تقديم العقل على الانفعالات والأحاسيس الوجدانية السطحية .

– اصطفافات اجتماعية على أساس المصالح والكفاءات والمواهب والملكية الحديثة ، وليس على أساس القرابة وروابط الدم .

– توطيد مداميك الحرية الفردية والاجتماعية والعدالة والإنصاف والمواطنة الواحدة ، واحترام حقوق الإنسان وآدميته .

– تماسك الهوية الوطنية وعدم التهاجر والتقاطع والتخلخل والتضاغط الاجتماعي وتسامح الأعراق والعقائد والطوائف والديانات في كنف الوئام الاجتماعي :

 إن تشظي الهوية العراقية إلى هويات محلية ما كان ليكون شيئاً لو أن التعبير عن هذا التشظي جرى في إطار احزاب مدنية ، وبأسلوب سلمي ، أي عبر المؤسسات . المشكلة أن صعود الهويات المحلية ، الناتج عن تاريخ طويل من سياسات صهر واحتقار حمقاء ، جرى لحظة انهيار الأيدولوجية العلمانية، ونشؤ فراغ ثقافي ملأته الأحزاب الإسلامية ، والحال أن الإسلام السياسي ، بالتعريف ، تقسيمي في أي بلد متعدد الأديان أو متعــدد المذاهب ، إذا كانت أيدولوجيا الحزب المعني أو الأحزاب المعنية دينية خالصة [17] .

 المسائل المبسوطة سابقاً غير متوفرة أو تكاد تكون ضعيفة جداً في المجتمع العراقي مما يدفعنا للقول أن ثمــة مشروع للمجتمع المدني العراقي في طريقه للتبلور ويحتاج إلى مساحة زمنية كبيرة وتطور مادي وروحي لكي تتضــح معالمه .

ولا أضيف جديداً إن قلت ، أن الدكتور فالح عبد الجبار قامة سوسيولوجية معتبرة خرج من رحم المدرسة السوسيولوجية اليسارية ، وأنفتح بوعي على المدارس السوسيولوجية بألوانها الطيفية .

فالمنظور السوسيولوجي الذي يتبناه د. فالح عبد الجبار يتقاطع مع المنظورات السوسيولوجية الأخرى مثل : منظور الأثنوميثولوجيا ، التفاعلية الرمزية ، منظور الحراك الاجتماعي ، المدرسة الوظيفية التي تؤكد في مفرداتها على :

البناء الوظيفي والخلل الوظيفي والتكامل والحفاظ على النسق الاجتماعي ، والتوازن الاجتماعي والأخلاقي والمتطلبات الوظيفية والنسق الوظيفي .

لذلك نجــد دراسة د. فالح عبد الجبار للمجتمع المدني العراقي تتقاطع مع أطروحات روبرت ميرتون وتالكوت بارسونز والمدارس السوسيولوجية الأخرى حيث أن المدرسة التي ينتمي إليها فالح عبد الجبار تركز على وحدات التحليل التالية :

– الطبقة والصراع الطبقي والدولة كحامل سياسي محوري .

– الدور التاريخي للطبقة العاملة ودور الجماهير في صناعة التاريخ .

– المفهوم المادي للتاريخ .

– الدور المركزي للاقتصاد والملكية .

– دور الأحزاب في عملية التغير الاجتماعي .

وعن ملامح المجتمع المدني العراقي التي بدأت تتبلور في الفترة ( 1927- 1957م) ، يسطر لنا د. فالح عبد الجبار الملامح التكوينية التالية :

1- اعتماد الحكم الدستوري .

2- إنشاء البيروقراطية الحديثة والجيوش النظامية .

3- إرساء نظام الملكية الخاصة للأرض بدلاً من نظام الحيازة الاقطاعية .

4- الانتقال من الانتاج الرعوي ( تربية الجمال والجياد والماشية ) والانتاج الحرفي الترانزيت إلى الاستيراد والانتاج الزراعي السلعي .

5- بروز طبقات وفئات جديدة وتلاشي طبقات وفئات قديمة .

6- التعــددية السياسية والانتخابات الديمقراطية وحرية الرأي .

7- ولادة أحزاب وصحف ونوادي واتحادات وجمعيات مهنية وثقافية واجتماعية وتصاعد وثيرة العمل الطوعي الملتزم .

8- تصاعد عملية التحضر ونمو السكان والمدن والطبقات الوسطى المتعلمة : ازدهر اقتصاد السوق خلال القرن العشرين بسرعة ، وشهدت الفترة الممتدة بين 1927-1957م زيادة في الشركات التجارية والشركات المساهمة الخاصة بلغت عشرين ضعفاً ، فارتفع عــددها من 46 إلى 848 ، بينما زادت روؤس أموالها 25 ضعفاً وتطور رأس المال الصناعي من العدم تقريباً إلى 238 شركة [18]   .

وشهدت هذه الحقبة الزمنية نمواً مضطرداً للطبقات الوسطى المتعلمة من 1% عام 1900م :  لتصل إلى ما يقارب 28% من سكان المــدن عام 1957م [19] .

إلا أن تشكل وتبلور المجتمع المدني العراقي واجهه إشكاليات جمــة أبرزها القمع السياسي خارج المؤسسات الدستورية الذي فتح نافذة للعمل السياسي السري :

 وتفاقم حرمان الطبقات الحديثة ( الوسطى والعاملة في المدن والفلاحين المعدمين في الريف ) من حقوقها الدستورية والسياسية ، وزيادة تركز الثروات عند طبقة عليا قليلة العــدد ، تطور إلى انشقاق اجتماعي – سياسي لا رجاء في اصلاحه ، قضى على ديمقراطية تعددية دستورية كانت في وقت من الأوقات فاعلة [20] .

د. فالح عبد الجبار في بحثه السوسيولوجي عن المجتمع المدني العراقي يركز بشكل قوي على المجتمع المدني الاقتصادي ، حيث يعتبر أن المجال الاقتصادي والسياسي من المكونات الرئيسية للمجتمع المدني العراقي والمجتمع المدني بوجــــه عام :  يضم المجتمع المدني الاقتصادي طبقات عليا من رجال الأعمال وطبقات وسطى تعتمد على الملكية ورأس المال أو التعليم والخبرة ، علاوة على طبقة عاملة صناعية.

بينما يعمل قسم من هذه المجموعات في القطاع الخاص ، الرسمي وغير الرسمي فاءن جزءً كبيراً منه  385000 من الإداريين والمسؤولين والاختصاصين يرتبط بأكثر من 200 مؤسسة حكومية متقادمة ومرشحة للخصخصة . وقد كانت الطبقات المنتجة في فترة النظام البعثي المخلوع خاضعة لسيطرة الدولة الصارمة ووصايتها الاقتصادية والتنظيمية [21]  .

من خلال الفقرة السابقة يتبين لنا بشكل ناصع أن الدكتور فالح عبد الجبار لديه مفهوم غير جلي للمجتمع المدني بوجه عام والمجتمع المدني الاقتصادي حيث يدمج كافة العاملين ( رجال الأعمال ، والموظفين الحكوميين ، والطبقة العاملة الصناعية ، والطبقة الصناعية الحكومية ) ضمن إطار المجتمع المدني الصناعي، وبذلك يسقط عن المجتمع المدني سمة بارزة ومحورية ألا وهو الاستقلالية – استقلالية المناشط المادية والروحية والطوعية عن سلطة الدولة ، ولا يفرق بشكل بهــــي بين المناشط الانتاجية وغير الانتاجية التابعة للدولة من جهة ، والمناشط المادية والانتاجية وغير الانتاجية المستقلة عن الدولة والمنبتقة من صميم حركة المجتمع بمناشطه الطيفية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والروحية من جهة أخرى .

وعطفاً على ما ورد عاليه ، يقدم د. فالح عبد الجبار تحليلات طبقية واقتصادية للمجتمع المدني وفي آحايين كثيرة يضيع الطابع السوسيولوجي للتحليل المندغم بضبابية الرؤية السوسيولوجية لماهية المجتمع المدني بحيث يضع الجميع في سلة بيض واحدة بقالب طبقي – اقتصادي وبتحليلات مطاطية تحجب عنا رؤية المجتمع المدني من كثرة المطبات والاحصائيات والأرقام غير الموثقة أكاديمياً وكثرة الإحالات السائبة .

فا لأرقام والجداول والاحصائيات والصيغ الرياضية تثبت أنك ماهر في العمليات الاحصائية ولكنها لا تثبت أنك تفهم الظاهرة الاجتماعية والمجتمع المدني وما هية المجتمع المدني .

لقد انتقــد عالم الاجتماع اندريسكي المختصين في علم الاجتماع الذين يستخدمون بشكل مفرط الأرقام والاستمارات والجداول الإحصائية حيث قال :

من السهل على الشخص شبه المتعلم أن يصبح باحثاً ، بل وأستاذاً لعلم الاجتماع ما دامت كل وسيلته في ذلك الاستمارة والجداول الإحصائية [22] .

وعلى نفس المسرب يقول د. صلاح قنصوه أن الوسائل الإحصائية :

 لغــة سهلة تصاغ فيها المعلومات بعد أن يستنفذ الباحث كل مناهج البحث أو قنواته التي تصب في النهاية في المعالجة الإحصائية . فالظاهرة شيء والبيانات المتاحة شيء آخر .. وقد يتوهم البعض أحياناً أن البيانات هي بعينها الظاهرة ، ومن ثم نسرع إلى وصفها وتفسيرها وكأن الظاهرة أصبحت معلومة ، ولم يبق سوى أن نتقدم بالوصف والتشخيص[23] .

وعلى سياق متصل أومأ إيان كريب أنه : يتحول البحث الاجتماعي إلى مجرد عملية لجمع البيانات، أو الاستغراق في جدل حول المنهج والعلاقات الإحصائية أو اعتماد هذه الطريقة الإمبريقية لكشف الواقع الكامل خلف أسطورة شائعة [24] .

 ومن ضمن الخروم التي وقع فيها فالح عبد الجبار هو خلطه ما بين الفئة والطبقة ، الطبقة بوجه عام تتجزأ إلى فئات مثلما نقول : فئة أصحاب الملكية ورأس المال ،  وفئة أصحاب الرواتب ، ويعتبر الطبقة فئة والفئة طبقة وبدلاً من أن يقول في صفحة 30 في” كتابه المجتمع المدني في عراق ما بعد الحرب” ، الطبقة الوسطى يعمل عنواناً جانبياً : الطبقات الوسطى وهذا أمر غير مستساغ يتعاكس مع المفهوم اليساري للطبقات الذي يقول :

 أن كلمة طبقات تطلق على جماعات واسعة من الناس ، يمتازون بالمكان الذي تشغله في نظام للإنتاج الاجتماعي محــدد تاريخياً ، بعلاقاتها ” التي يحددها ويكرسها القانون في معظم الأحيان ” لوسائل الانتاج ، بدورها في التنظيم الاجتماعي للعمل ، وبالتالي ، بطرق الحصول على الثروات الاجتماعية وبمقدار حصتها من هذه الثروات . إن الطبقات هي جماعات من الناس ، تستطيع إحداها أن تستملك عمل جماعة أخرى بسبب الفرق في المكان الذي تشغله في نمط معين من الاقتصاد الاجتماعي[25] .

ومن التعريف السالف الذكر ، هناك اربع سمات للتفريق بين الطبقات :

 1- مكانة الطبقات في نظام معين تاريخياً للإنتاج الاجتماعي .

2- علاقتها بوسائل الانتاج .

3- دورها في التنظيم الاجتماعي للعمل .

4- أساليب حصولها على حصتها من الثروة الاجتماعية ومقادير تلك الحصة [26].

ولا ضير أن أكرر بصورة برقية أنه : لا يوجد مجتمع مدني في العراق وإنما مشروع لمجتمع مدني ،بينما  د. فالح عبدالجبار يصر في بسطه لموضوع المجتمع المدني في العراق على وجود المجتمع المدني العراقي ويلج في تناقض فكري ووجداني ، فهو من ناحية يبين أن المرحلة 1958- حتى البرهة الراهنة ، تم تدمير المجتمع المدني وتم التهامه من قبل مؤسسات الدولة الشمولية ويقر بذلك ، ومن زاوية أخرى يؤكد على وجود المجتمع المدني العراقي مما أدى إلى تشوش فكري وتعاجم في المفاهيم.


  • ثالثا: تدمير المجتمع المدني :

الأنظمة الشمولية تسحق المجتمع المدني ورح المبادرة والاستقلالية وتحتكر العمل السياسي وتقمع الحرية والديمقراطية والمبادرات المستقلة وتهيمن أيديولوجياً على الفضاء العمومي وتخضع المؤسسات والأفراد تحت مظلة الطاعة العمياء وتعتمد على آلية التعبئة :

 والتعبئة نمــط من الآليات السلطوية في التعامل مع الجماهير البعيدة كل البعد عن الآليات الديمقراطية في العمل السياسي ، إذ يغلب عليها طابع الإكراه الأيدلوجي المستند إلى استخدام وسائل الضبط والسيطرة والتوجيه التي تمتلكه السلطة السياسية ، ولا يقصد منها إلا السيطرة على توجهات القطاعات الفاعلة سياسياً من المواطنين ، واحتوائهم داخل أطــر وبُنى هذه الأنظمة وتصوراتها وآليات عملها [27] .

فالقمع والإقصاء والمركزية والعنف والإرهاب من العناوين البارزة للأنظمة الشمولية المتساوقة بشعارات عريضة ورنانة وخطب منبرية للحشــــد والتثوير الجماهيري ، وبعد سقوط النظام الملكي في العراق 1958م :

 توالت على الحكم ثلاثة أنظمة عسكرية في الفترة من 1958- 1968م ، وتلاه النظام البعثـــــي 1968- 2003م [28] .

لقد تم تدمير المجتمع المدني العراقي بمعاول العسكر والنظام التوليتاري حيث تم :

1- دمج السلطات تحت قبضة شمولية .

2- حل البرلمان والفعاليات المدنية .

3- إلغاء المحكمة الدستورية وتشكيل المحاكم العسكرية . 

4- هيمنة الدولة على الاقتصاد والمؤسسات الاقتصادية بطريقة شمولية .

5- تغيير بنية الطبقات وظهور الرأسمالية القرابية التي اغتنت بمساندة الدولة .

6- نمــو سكان المدن حيث أصبحوا 72% عام 1990م ، ونمو الفئات الوسطى ومعظمهم من الموظفين اللذين :  يعتمدون بشكل أساسي على الدولة ، وكانوا يشكلون العمود الفقري الاجتماعي لحكم البعــث [29] .

7- تغلغل الأدرع الأمنيــة والعسكرية في نسيج المجتمع وطغيان المؤسسة العسكرية وسيطرتها المطلقة على مناشط المجتمع المدني .

8- القبضة الحديدية لنظام الحزب الواحد والصوت الواحد على المنظمات المدنية والنقابات والجمعيات والاتحادات والمؤسسات الدينية .

9- السيطرة الكامل على الفضاء العمومي الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإعلامي والروحي وعلى وسائل ومؤسسات الثقافة والإعلام والاتصال .

10- شخصنة مؤسسات الدولة وتركز السلطات بيــد فرد واحد .

11- توظيف عائدات النفــط لبناء ماكنة عسكرية وأمنية رهيبة لكتم أنفاس الشعب واخضاع الأفراد والمؤسسات والأحزاب والتنظيمات والجمعيات وكافة أشكال مناشط المجتمع المدني لسلطة الدولة القمعية : وأستمر هذا التدمير المنهجي لركائز المجتمع المدني واخضاع الروابط المدنية والحاقها بالدولة التوليتارية التي كانت تركز سلطاتها التنفيذية والقضائية والتشريعية في المركز[30]  .

وكان من نتيجة السياسة التدميرية الممنهجة للمجتمع المدني العراقي تلاشت ملامح المجتمع المدني الحديث وحلت المؤسسات الأهلية التقليدية محل مؤسسات المجتمع المدني : إن المجتمع المدني تحطم وخسر مؤسساته التي كانت فيما مضى تنبض بالحياة . إلا أن هذه المفارقة أدت إلى نشؤ شبكات تضامن محلية ترتكز على العائلة والقبيلة أو العشيرة أو المؤسسات الخيرية الدينية ” المساجد والمراجع الدينية “.

وشكلت هذه المؤسسات غير الرسمية ، التي كانت معظمها تقليدية أو قرابية ، بديلاً عن مجتمع مدني غائب ، وشوهت الثقافة السياسية تشويهاً أبعدها عن العلمانية ودفعها إلى أقصــى أشكال الأصولية أو الإسلام المحافظ أو أيدولوجيات القرابة . ومن شأن هذه التغييرات أن تترك أثراً سلبياً على نمو المجتمع المدني في عراق ما بعد الحرب [31] .

المجتمع المدني الحقيقي يشكل شوكة في حلق الطغيان ، ولا زال المجتمع المدني العراقي يعاني من رواسب الطغيان وطقوس العبودية والهيمنة والإقصاء والانقياد للقادة والأحزاب والمتطفلين والطغاة الكاتمين لأنفاس المجتمع بدون هدى وبصيرة .

لقد بســط د. فالح عبد الجبار صورة ناصعة لأهم قسمات المجتمع المدني العراقي ماقبل الاحتلال الأميركي للعراق وما بعده ، ويمكن أن نستشــف من خلال أعماله بتلاوينها الطيفية ومن خلال مقالاته وأبحاثه ومقابلاته في التلفزات والقنوات الفضائية التالي :

1- غوغائية النشاط المدني بوجه عام ، وكثرة المتطفلين والمتزلفين الذين يتاجرون بدموع ودماء الفقراء وعامة الناس .

2- الفساد في الفضاء العمومي نقل فيروساته إلى المؤسسات المدنية وشقق جدرانها.

3- الصراع الحزبي والطائفي والفكري والايديولوجي ما بين القوى المتصارعة أثر

بشكل سلبي على مناشط المجتمع المدني ودمغ النشاطات المدنية بلوثة التحزب الضيق والمسالك الطائفية المدمرة والأطروحات الفكرية والايديولوجية الشمولية والصلـدة المتناشزة مع ديناميات وحركية المجتمع .

4- طغيان الشعارات الحزبية والطائفية السياسية والعقائدية في الفضاء المدني العمومي مما أدى إلى خلق تشوش فكري وعقائدي ومعرفي يساعد على التجهيل والعتمــة ويؤدي إلى غيبوبة فكرية ومعرفية .

5- شيوع الانتهازية والنفعية في الفضاء العمومي المدني مرفوقة بتدهور الهياكل المدنية وارتفاع منسوب الكره الاجتماعي تحت راية عصبوية تشــقق نسيج المجتمع العراقي وترسخ أقــدام الفساد والبلطجة في مجال المناشط المدنية .

6- عدم استقلالية منظمات المجتمع المدني ولعل السمة البارزة لفعاليات ومناشط المجتمع المدني التبعية والتحرر الفسيفسائي من ضروب العسف والظلم والذيلية.

 وهــذا الطرح يشاكل بعض الأطروحات السوسيولوجية العراقية التي دأبت إلى توضيح صورة المجتمع المدني المهلهل في العراق الذي يتسم بالضعف والتبعية والنفعية حيث سعت قوى سياسية :

 بكل امكانياتها المادية واللوجستية للسيطرة على الاتحادات والنقابات المهنية التي كانت تتبع المكتب المهني للحزب الحاكم السابق ، من خلال حملات الترغيب والترهيب ، التي أدت في نهاية المطاف إلى سيطرة توافقية قائمة على خلفية المحاصصة الحزبية والطائفية على هذه النقابات التي توصف زوراً وبهتاناً ب” المستقلة” [32] .

من القراءة العمومية للنص السسيولوجي ، نستشف أن د. فالح عبد الجبار في عرضه للمجتمع المدني العراقي يدامج ما بين الطبقة العاملة والطبقة البرجوازية ، وكأنهما طبقة واحدة ، الأمر الذي يذكرنا بالفكر الطوباوي في القرن التاسع عشر وما قبله والذي كان من أحــد عثراته الكبرى هو النظر إلى هاتين الطبقتين وكأنهما طبقة واحدة ، كما عمد إلى ذلك سان سيمون ( 1760- 1825م ) ،

بصورة ناصعة لا لبس فيها , وفضلاً عن ذلك لم يعط د. فالح عبد الجبار أهمية للثقافة والعناصر الثقافية ، وما يحمــد له أنه نظر بعين ثاقبة للمؤسسات الدينية وفكك البُــنى والهياكل لهذه المؤسسات المؤثرة في المجتمع العراقي بحيث أصبح المجتمع العراقي تحت قبضة ووصاية المؤسسات الدينية بطابعها الطائفي التي أحدثت شرخاً عظيماً في نسيج اللُحمــة الوطنية العراقية ولعبت على حبل المتناقضات ( سنة – شيعة – أقليات دينية – أقليات عرقية ) .

كان د. فالح عبد الجبار تقدمياً ينشد التحديث المجتمعي وترقية العقل والوجدان وسعادة الإنسان وتحريره من العبودية المادية والروحية ، وينفر من مشاريع العودة إلى الخلف التي تكسر صواميل النماء والعمران وتقيد المجتمعات والأفراد والعقول بقيود حديدية ، لقــد صرخ منــذ أكثر من ثلاثة عقود :

 أن ثمــة معارك قادمة تلوح نذرها في الأفق ، وينبغي ، من الأن ، أن نحــذر الآخرين من سلع الماضي الاقطاعي ، ونهف بكل الذين يريدون المضــي إلى المستقبل ، إلى القرن الحادي والعشرين ، لا للقرون الوسطى : احــذروا التقليد فالسلع المغشوشة كثيرة [33]  .


  • الخلاصة :

قـد نختلف وقد نتفق مع د. فالح عبد الجبار ، إلا أن أحــــداً لا يستطيع إنكار فالح عبد الجبار كقامة علمية وأكاديمية ساطعة كشمس في رابعــة النهار ، له قسمته المميزة في حقل السوسيولوجيا والفضاء الثقافـــــــي والتنويري العمــــومي فهـــــــــــو يتســــــــم بالنطاسة وحصافة الرأي والمجاهدة والمكادحة الفكرية ويرفض الوسائد الفكرية المريحة.

وعلى حسب ظني أن د. فالح عبد الجبار قدم  عرضاً مفيداً لتطور مفهوم المجتمع المدني العام والمجتمع المدني العراقي وأوضح بجلاء كيف التهمت الأنظمة الشمولية نبضات ومكونات المجتمع المدني ، وقدم لنا صورة حاذقة لطبيعة المجتمع المدني العراقي في البرهة الراهنة في زمن انحسرت فيه ثقافة العقل والحرية وتوسعت الفراغات القاتلة والمرعبة ، ولقـد كان محقاً السوسيولوجي العراقي د. حميد الهاشمي حين قال :

 إن أكبر فراغ يعانيه العراق سياسياً الأن هو غياب تيار وطني حقيقي بعيداً عن الطائفية ، فضلاً عن وجود شخصية وطنية أكرر وطنية ليست بولاءات طائفية أو إثنية ، لا تعمل لمصالح حزبية أو شخصية بحثة ، تستطيع أن تجمع حولها الشخصيات والقوى الوطنية . إن حال القوى السياسية الأن هو عملية صراع على مصالح حزبية وشخصية تحت لافتة الطائفية والعرقية ، ولم ترتق إلى الوطنية. على أن العامل الخارجي يساهم بشكل فاعل في تغذية المسار وديمومته لمصالح تلك القوى إضعافاً لعراق موحد بوجه عام [34]   .

و ما يحمد للدكتور فالح عبد الجبار ، أنه قدم تصوراً لكيفية النهوض بالمجتمع العراقي ، وتطور المجتمع المدني حسب تصوره مرهون  بـــــــ : [35]

1- تعزيز الاقتصاد الحــــر .

2- تعزيز الديمقراطية والحرية العامة .

3- حكــــم القانون وبناء دولة المؤسسات وتوطيد مداميكها .

4- حكومة منتخبة بمؤسسات ديمقراطية .

5- تعزيز مناشط منظمات المجتمع المدني .

6- محاربة الفوضى والفساد .

7- الكــــف عن التدخلات الفجــة للأحزاب والسلطة في شؤون منظمات المجتمع

    المدني .

8- محاربة الجهل والتخلف وتنمية الوعي المجتمعي .

9- تعزيز التعــددية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية بملمح وطني يعبر الحدود الطائفية والدينية والطبقية .

10- تنمية الوعي الوطني والإنساني لدحر التعصبات والوعي الديني الطائفي والمذهبي والعشائري والقبلي والإثني والقومي الضيق .

11- محاربة التشظيات بطابعها الديني ( سنة – شيعة … ) ، وتوطيد صواميل اللحمة الوطنية .

 فالحريات الواسعة للمؤسسات الدينية ما بعد سقوط نظام البعث أطلق العنان لهذه المؤسسات لأن توسع من هيمنتها وتستغل ضـعف الدولة ومؤسساتها لبسط سلطانها تحت يافطات دينية . وفي غميس هذا الوضع المعقــــــد والمتعاجم أشــــتد الصراع ما بين السنة والشيعة ، الأمر الذي أنهك قوة المجتمع وفرق العراقيين في صراعات جانبية تحت مسمى السنة والشيعة ، وبهذا الصــدد يقول عالم الاجتماع العراقي الدكتور علي الوردي :

 إن رجال الدين من الشيعة وأهل السنة يتنازعون على أساس قبلي كما يتنازع البدو في الصحراء . فكل فريق ينظر إلى مساوئ خصمه وكل حزب بما لديهم فرحون[36] .

ويضيف الوردي :

 إذا أراد الشيعة وأهل السنة في هذا العصر أن يتحــدوا فليرجعوا إلى شعارهم القديم الذي أتخذه زيد بن علي وأبو حنيفة ، أي شعار الثورة على الظلم في شــتى صوره … لا فرق بين الظالم الشيعي أو الظالم السني[37] .

ولعله من الضروري القول ، أن العراق يحتاج إلى تنمية وسكينة وإلى مشروع وطني يتجاوز التقسيمات الضيقة ، أو على حد تعبير عبدالإله بلقزيز :

 المشروع الوطني لا يمكن أن يتولد من مشاريع طائفية … الطائفيات لا تبني وطناً ولا دولة مدنية [38] .


  • المصــــادر والمراجـــــــع :

الكتـــــــب :

1- الجابري : محمد عابد ( 1997) . الديمقراطية وحقوق الإنسان .ط2 . بيروت :

مركز دراسات الوحدة العربية .

2- الشميري : سمير عبد الرحمن ( 2008) . المجتمع المدني والمواطنة المتساوية . صنعاء : مركز عبادي للدراسات والنشر .

3- الشميري : سمير عبد الرحمن (2005) . محاضرات في علم الاجتماع السياسي . عدن : دار جامعة عدن للطباعة والنشر.

4- الشميري : سمير عبد الرحمن (1998) . العصبية وتجلياتها في المجتمع اليمني المعاصر . دمشق : المركز العربي للدراسات الاستراتيجية .

5- الشميري : سمير عبد الرحمن (2012 ) . سوسيولوجيا الثورة الشعبية اليمنية . صنعاء : مركز عبادي للدراسات والنشر .

6- الصبيحي : أحمد شكري (2000) . مستقبل المجتمع المدني في الوطن العربي . بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية .

7- إهـرنبرغ : جون (2008 ) . المجتمع المدني ، التاريخ النقدي للفكرة . ط1 . ترجمة : علي حاكم صالح ، حسن ناظم ، مراجعة : فالح عبد الجبار . بيروت: المنظمة العربية للترجمة .

8- بركات : حليم (  2000) . المجتمع العربي في القرن العشرين ، بحث في تغير الأحوال والعلاقات . ط1 . بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية .

9- بشارة : عزمي ( 1998 ) . المجتمع المدني – دراسة نقدية . بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية .

10- تيموز : أيمن هايتس ( 2004 ) . من الحــداثة إلى العولمة ، رؤوى ووجهات نظر في قضية التطور والتغير الاجتماعي . الجزء الأول . ترجمة : سمر الشيشكلي ، الكويت: عالم المعرفة .

11- جاد : محمود محمد ( 2012 ) . النظرية الاجتماعية – الاتجاهات والتيارات الكلاسيكية . بيروت: مؤسسة الانتشاء العربي.

12- عبد الجبار : فالح (2006) . المجتمع المدني في عراق ما بعد الحرب . ترجمة : هبة قبلان ، معهد الدراسات الاستراتيجية ، بغــداد- بيروت : الفرات للنشر والتوزيع .

13- عبد الجبار: فالح( 1987 ) . المادية والفكر الديني المعاصر ( نظرة نقدية )

ط2 . نيقوسيا، براغ ، بيروت : مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية في العالم العربي .

14- عبد الجبار :فالح ( 1992 ) . معالم العقلانية والخرافة في الفكر السياسي العربي . بيروت : دار الساقي .

15- عبد الجبار : فالح ( 2010 ) . ما بعد ماركس . بيروت: دار الفارابي .

16- عبد الجبار: فالح ( 2010 ) . العمامــــة والأفندي ، سوسيولوجيا خطاب حركات الاحتجاج الديني . ترجمة : أمجد حسين ، ألمانيا : دار الجمل .

17- عبد الجبار : فالح ( 2017 ) . دولة الخلافة والتقدم إلى الماضي ( داعش والمجتمع المحلي في العراق ) . قطر : المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات .

18- مجموعة من الباحثين (2004 ) . القبائل والسلطة : القومية والإثنيــــة في الشرق الأوسط . تحرير : فالح  عبد الجبار . لندن : ساكي بوكس .


  •  الدوريات :

1- الشميري : سمير عبد الرحمن ، ” المجتمع المدني والجماعات التقليدية ” ، البلقاء للبحوث والدراسات ( جامعة عمان ) ، المجلد 11 ، العــدد الأول  ، رمضان

1426هـ -2005 .

2- العدواني : عصام ، ” المجتمع المدني في المغرب : المفهوم والسياق ” . إضافات ( بيروت ) ، العدد الخامس ، شتاء 2009.

3-  عبد الجبار : فالح ، ” اشكالية الوطني والإثني / المذهبي في العراق . إضافات ، العدد الأول ، شتاء 2008 .


  •  النـــدوات :

1- أزمة الديمقراطية في الوطن العربي ( 1987 ) . بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية . بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية .

2- المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية (1992) . بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية . بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية .

3- المجتمع المدني والجمعيات والسلطات المحلية ( 2008) . تحت إشراف : سارة بن نفيسة ، ماجي جرابند زيجا ، جان لامبرت . صنعاء: المعهد الفرنسي للآثار والعلوم الاجتماعية ومؤسسة فريدريش إيبرت .


  • شــــبكة الانترنيت :

1- المجتمع المدني العراقي بين المفهوم والواقع

https://www.azzaman.com

2- المجتمع المدني في العراق – قراءة في عصرين

https://www.alittad.ae

3- الحراك الاجتماعي العربي – قراءة في الأدوار والمضامين

https://www.b-sociology.com

4- جريدة العالم HTML تلتقي حميد الهاشمي

– Hamied Al-Hashimi ( facebook)

5- غرامشي : المجتمع المدني ، الهيمنــة الثقافية ، المثقف الجماعي

– hadfnews.ps/post

6- غرامشي والمجتمع المدني

– document< https:www.seribd.com

7- منظمات المجتمع المدني في العراق وأثرها في التحولات الديمقراطية

www.hhro.org

 المراجع الأجنبيـــة :

1- Alexis de Tocqueville , Democracy in America,2 vole , ( new York: ( 45 ) Random House , 1990 ).

2-Miller , Robert f. ( ed) . The Developments Of Civil Society In Communist Systems . North Sydney : Allen and Unwin , 1992 .


[1]– فالح عبد الجبار ، المجتمع المدني في عراق ما بعد الحرب ، ترجمة : هبة قبلان ، معهد الدراسات الاستراتيجية ، بغداد – بيروت

: الفرات للنشر والتوزيع ، 2006 م ، ص 11 .

[2]– جون إهرنبرغ ، المجتمع المدني – التاريخ النقدي للفكرة ، ترجمة : د. علي حاكم صالح ، د. حسن ناظم ، ومراجعة : د. فالح

عبد الجبار ، ( بيروت : المنظمة العربية للترجمة ، ط1 ، فبراير 2008م ) ، ص 20 .

[3]– عبد الباقي الهرماسي ، المجتمع المدني والدولة في الممارسة السياسية الغربية ” من القرن التاسع عشر إلى اليوم ” : دراسة

مقارنة ، ورقة مقدمة إلى : المجتمع المدني في الوطن العربي ودوره في تحقيق الديمقراطية ، بحوث ومناقشات الندوة الفكرية

التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية ، ( بيروت : مركز دراسات الوحدة العربية ، ط1 ، 1992م ) ، ص 102 .

[4]– فالح عبد الجبار ، المجتمع المدني ، مرجع سابق ، ص 7 .

[5]– فالح عبد الجبار ، مرجع سابق ، ص 12 .

[6]– فالح عبد الجبار ، المرجع سابق ، ص 12.

[7] – محمد علي محمد ، علي عبد المعطي ، السياسة بين النظرية والتطبيق ، ( بيروت : دار النهضة العربية للطباعة والنشر ، 1985م ) ، ص 199- 200 .

[8] – ماركس ، إنجلز ، مختارات في أربعة أجزاء ، الجزء الأول ، ترجمة : الياس شاهين ، ( موسكو: دار التقدم ، د.ت) ، ص

27 .

[9] – المرجع السابق ، صـ 83 .

[10] – فالح عبد الجبار ، مرجع سابق ، صـ 13 .

[11] -عصام العزوني ،” المجتمع المدني في المغرب : المفهوم والسياق” ، إضافات ( بيروت) ، العدد الخامس – شتاء 2009م ، صـ 150 – 151 .

[12] – جون إهرنبرغ ،  مرجع سابق   ، ص 15 .

[13] – فالح عبد الجبار ، مرجع سابق ، ص 14 .

[14]– صادق جلال العظم ، في ندوة نقاشية حول المجتمع المدني ، قضايا راهنة ، ( دمشق: المركز العربي للدراسات الاستراتيجية ، مارس 1998م ) ، ص 11 .

[15]– حسنين توفيق ابراهيم ، ” بناء المجتمع المدني المؤشرات الكمية والكيفية ” ، ورقة مقدمة إلى : المجتمع المدني في الوطن العربي ، مرجع سابق ، ص 707 .

[16]– المجتمع المدني العراقي بين المفهوم والواقع :

– https://www.azzaman.com

[17]– فالح عبد الجبار ،” اشكالية الوطني والإثنــي / المذهبي في العراق ” ، إضافات ، العدد الأول ، شتاء 2008م ،

صــ79 .

[18] – فالح عبد الجبار ، المجتمع المدني في عراق ما بعد الحرب ، مرجع سابق ، ص 16 .

[19] – المرجع السابق ، ص 17 .

[20] – المرجع السابق ، ص 17- 18 .

[21] – المرجع السابق ، ص 25-26 .

[22]– مجموعة من الباحثين ، علم الاجتماع والاجتماعيون ( تجارب وخبرات ) ، إعداد وتقديم : د. محمود أبو زيد ، ( القاهرة : دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع د.ت ) ، ص 27 .

[23] – صلاح قنصوه ، في فلسفة العلوم الاجتماعية ، ( القاهرة : مكتبة الانجلو المصرية ، 1987م ) ، ص 162 .

[24] – إيان كريب ، النظرية الاجتماعية من بارسونز إلى هابرماس ، ترجمة : محمد حسين غلوم ، ( الكويت : المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، 1999م ) ، ص 32 .

[25] – لينين ،المبادرة الكبرى ، ( موسكو: دار التقدم ،  1978م )، ص 16 .

[26] – مجموعة من المؤلفين ، في المادية الديالكتيكية  والمادية التاريخية ، ( موسكو : دار التقدم ، 1975م ) ، ص 200 .

[27] – حسين علوان البيج ، ” الديمقراطية وإشكالية التعاقب على السلطة ” ، المستقبل العربي (بيروت) ، السنة 21 ،  العــدد236، أكتوبر 1998م ، ص 105 .

[28] – فالح عبد الجبار ، المجتمع المدني في عراق ما بعد الحرب ، مرجع سابق ، ص 19 .

[29] – المرجع السابق ، ص 21 .

[30] – المرجع السابق ، ص 21.

[31] – المرجع السابق ، ص 22 .

[32] – أحمد محمد أحمد ، المجتمع المدني العراقي بين المفهوم والواقع .

-https:// www.azzzman

[33] – فالح عبد الجبار ، المادية والفكر الديني المعاصر ( نظرية نقدية ) ، ( دمشق – نيقوسيا – براغ : مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية في العالم العربي ، ط 2 ، 1987م ) ، ص 213.

[34] – Hamied Al-Hashimi. HTML ( face book )

[35] – أنظر: فالح عبد الجبار ، المجتمع المدني في عراق ما بعد الحرب ، مرجع سابق ، 59- 60 .

[36] – علي الوردي ، وعاظ السلاطين ، ( بيروت : دار كوفان للنشر وتوزيع دار الكنوز الدبية ، ط2 ، 1995م ) ، ص 231 .

[37] – المرجع السابق ، ص 247 .

[38] – عبد الإله بلقزيز، ” العراق بين أنفاق طائفية وآفاق وطنية ” ، المستقبل العربي ( بيروت ) ، السنة 37 ، العــدد 429 ( تشرين الثاني / نوفمبر 2014م ) ، ص 128 .

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى