كتاب: في الخطاب السردي
تأليـف: محمد الناصر العجيمي
إنَّ الإحاطة الشاملة بنظرية غريماس) A.J.GREIMAS) السيميائية سواءٌ أكان ذلك في أصولها العلمية أم في مفاهيمها الإجرائية وحدود هذه المفاهيم ليس بالأمر الهين.
فطموح هذه النظرية وشساعتها ونزعتها الشمولية، وتشعُّب مصادرها المعرفية وتداخلها، وتنوُّع العلوم التي استندت إليها في بناء جهازها المفهومي، وغِنَى هذا الأخير، تُعَدُّ من أهم العقبات التي تحول دون الإمساك بروح هذا المشروع بله رصد كل جزئياته وتفاصيله.
بالإضافة إلى هذا، فإنَّ الحديث الجاد عن هذه النظرية- أو عن غيرها من النظريات- لا يعني “استعراض مجهودات شخصية علمية معروفة بمساهمتها المعرفية فحسب، بقدر ما هو في العمق، تناول معقَّد يتجاوز هذه الحدود الضيقة، ليتحوَّل إلى جرد موضوعي يتوخَّى تقديم خطاطة نظرية للاتجاه المعرفي الذي اقترن اسمه باسم هذا الباحث، باعتباره أحد الرواد الذين كرسوا حياتهم لتأسيسه والتعريف به”
يرى غريماس بالاستناد إلى كلود ليفي ستروس، أن النموذج التصنيفي الذي يرفده مكون المورفولوجيا، وباعتباره نموذجا شكليا يقوم بتحليل المضامين المركزة، يظهر مستقلا عن صيغة ظهوره: إذ يمكن للخطاب الذي يظهره أن يكون رواية أسطورية إلا أنه يمكن أن يكون أيضا الخطاب التعليمي لفرويد.
كما يمكن أن يكون حاضرا بشكل مبعثر في خطابات بشرية أو تحليلية نفسية لا متناهية … ولكن على الرغم من أنه باستطاعة هذا المستوى التصنيفي إنتاج أشكال خطابية غير سردية، إلا أنه –حسب غريماس- يشكل قاعدة أساسية من أجل كل مسار حركي مولد للنحو السردي.
يشير غريماس في هذا الصدد إلى أنه إذا كانت البنى السردية سابقة لتجليها فإن على التجلي أن يستخدم وحدات لسانية ذات أبعاد أكبر من أبعاد البلاغات كي يتحقق، أي وحدات تشكل “تتابعا كبيرا” وفقا لتعبير “شارل ميتز” في حديثه عن السينما.
وهو أمر جعل غريماس، يقول بتوافق البنى اللسانية للرواية مع البنى السردية على مستوى التجلي ويتوج تحليل الخطاب السردي.