معجم السيميائيات – فيصل الأحمر
في ظل فوضى المصطلحات وتعدد الآراء لدى كثير من النقاد والباحثين لإعطاء مفهوم عام لعلم السيمياء أو السيميولوجيا، دأب الباحث “فيصل الأحمر” من الجزائر إلى إعطاء كتاب واحد جامع ونافع يجمع فيه الأشتات المتفرقة، ويدقق في الأشياء المتداخلة، وينظمها ويضعها إلى جوار بعضها، ثم يعمد إلى تقديمها في حلة تتماشى مع طالبها.
لذلك وضعها في كتاب سمَّاه “معجم السيميائيات” فكل مادة من مواد هذا المعجم حوت إشكالية، عمل على حلها ومناقشتها كما هي في نظرية الأدب عموماً، وكيف طرحها نقادها في جميع العصور قديماً وحديثاً، منذ عصر “أرسطو” و”أفلاطون” إلى نقاد العصر الحديث على اختلاف مشاربهم المنهجية سواء عند العرب أو عند الغرب.
فماذا تعني السيميائيات كمصطلح وكتعريف معجمي؟ يؤكد “برنار توسان”: “أن المصطلح يعود إلى الأصل اليوناني “séméion” الذي يعني “علامة” و”Logos” الذي يعني “خطاب” وبامتداد أكبر كلمة “Logos” تعني العلم، فالسيميولوجيا هي علم العلامات”.
تكمن أهمية هذا الكتاب “معجم السيميائيات”، في أن علم السيميائيات أصبح يتقدم كمشروع شجاع بنواة جديدة للعلم، فكل شيء من حولنا في حالة بث غير منقطع للإشارات، يقول الكاتب “فيصل الأحمر”: “المعاني هي محصلة للإشارات المجتمعة، لصيقة بكل شيء، وهي عالقة بكل الموجودات حيها وجامدها، عاقلها وغير عاقلها، وما علينا نحن المتلقين سوى إبداء النية في التلقي لكي يشرع العقل في عملية معقدة مفادها تفكيك الشبكات الإرشادية للمعاني المحيطة بنا”.
ويقول في موضع آخر: “فأي نص أدبي يعتمد على التركيب اللغوي الذي يهدف إلى تحطيم الأنساق اللغوية (القوالب) السابقة من أجل تحقيق شرط “الخلق” أو “الإبداع” فتحطيم النموذج السابق يأتي من أجل التخلص من فكرة النموذج نفسها التي تتنافى ومفاهيم الفن عامة، الشيء الذي يدعونا إلى تركيب جديد للنسق اللغوي أو نسق الصور”.
تحتوي هذه الدراسة التي بذل فيها المؤلف جهداً منقطع النظير، وبموضوعية يلفها حسٌ نقدي، تجسد ذلك في تفكيكه لهذه الشبكة المعقدة من المواد والمصطلحات التي اشتملت على أهم المفاهيم العامة للسيميائيات بوصفها علماً استمد أصوله من مجموع العلوم المعرفية، فجاءت هذه الدراسة في ثمان وثلاثون مبحثاً، بحث علاقة السيميائيات بها نذكر منها (الإشارات السيميائية التقليدية عند الغرب، السيميائيات في التراث العربي القديم، سيميولوجيا “دي سوسير”، سيميائيات المسرح، سيميائيات السينما، الخطاب، نظرية القراءة والتلقي، السيميائيات السردية… إلخ”.
دراسة أدبية هامة، تغني مفهومنا لموضوع السيميائيات، وتؤسس لنواة جديدة في العلم نفض الباحث عنها الغبار، وبيّن أثر الزمن بما اعترى هذا المفهوم من إشكاليات.. فقدمه لنا في حلةٍ جديدة.