مصطلحية ومعجمية
أخر الأخبار

علم المصطلح .. ورقة تقنية

يرتبط المصطلح ارتباطاً عضويا بالعلوم؛ إذ لا يُمكن الحديث عن علم بدون مصطلحاتٍ تُعبِّرُ عنه وتميّزه عن غيرِه من المعارف. إذ لكل علم لغتُه الخاصة به؛ والتي تُبنى بألفاظٍ خاصة تُسمى مصطلحات، تحمل في ذاتها مفاهيمَ مُتفقٍ عليها من طرف مجموعة خاصة؛ للتعبير عن معاني ودلالات وأغراض خاصة؛ في مجالٍ خاص. يتواصل عن طريقها أشخاص متخصصون؛ في علمٍ أو تخصصٍ مُعين.


ويتميز المصطلح عن اللغة العادية بكونه لغة تقنية خاصة ومباشرة. ويربط ارتباطا عضويا بالمفهوم؛ فما يدل عليه المصطلح في علم أو تخصص معين؛ يبقى هو هو دائماً ولا يتغير، وإذا احتاج علم من العلوم إلى تطوير ترسانته المصطلحية؛ فإنه يُغنيها بالمزيد من المصطلحات دون التعرض للمصطلحات الموجودة سلفا.


فمثلا مصطلح (أنسولين) في علم الطب؛ يظل هو “الهرمون المخفض لنسبة السكر في الدم، وهو ذو طبيعة بروتينية، تفرزه خلايا متخصصة توجد في البنكرياس”. هذا المفهوم يظل لصيقا بهذا المصطلح مهما تنقل بين التخصصات ومهما ارتحل. وهو من المصطلحات العالمية المتفق عليها.


بخلاف اللغة العادية أو الأدبية التي تعتمد المعنى والمجاز؛ فكلمة “شجرة” مثلا؛ تحمل دلالات لغوية ومجازية كثيرة؛ فهي الشجرة التي نَعرف ذات الجذع والأغصان والأوراق؛ المُثمرِ منها وغيرُ المثمر. وقد تعني شجرة العائلة؛ وتحمل معنى “الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة” في القرآن الكريم، وهناك شجرة الأنواع في كل الكائنات الحية ،،، وقس على ذلك ما تشاء من المعاني.


إجمالا نقول؛ لا توجد علوم بلا مصطلحات؛ فالمصطلحاتُ مفاتيحُ العلوم.

وينقسم المصطلح إلى نوعين أساسييْن:


  • مصطلحات عالمية:

 وهي المصطلحات التي أسست للعلوم الحديثة في الطب والكيمياء والهندسة والفلك والمعلوميات والتكنولوجيا، أو في المعارف والعلوم الإنسانية والاجتماعية علم الاجتماع وعلم النفس والقانون والاقتصاد و…؛ سواء المصطلحات التي تحمل مفهوما لما تُعبِّر عنه وما توظَّف له؛ أو تلك التي تحمل أسماءَ مُكتشفيها أو مخترعِيها خصوصا في مجال الطب؛ ومثالُه : (بروتين – هرمون – فيتامين  – مِكروب – فيروس – أنسولين ..، إضافة إلى كل أسماء الأدوية والعلاجات..).


  • مصطلحات نطاقية

وهي المصطلحات المنبثقة عن علوم ومعارف نطاقية خاصة بأمة أو شعب أو قبيلة أو عرق معين. ومثالُه؛ علوم القرآن وعلوم الحديث؛ علوم البلاغة والنحو؛ علم العروض بالنسبة للأمة العربية والإسلامية، وقس على ذلك ما شابه من علوم ومعارف خاصة. خصوصا في الصين والهند واليابان وفي بعض القبائل من السكان الأصليين في أمريكا اللاتينية.


هذه المصطلحات تظل حبيسة مجالِها ومستعملِيها؛ وانتقالُها إلى مجالات أخرى يكون بمفهوم آخر جديد. أو تموت بتلاشي وموت المجال أو التخصص الذي توظف فيه.

الحسين بشوظ

كاتب، صحفي عِلمي وصانع محتوى، باحث في اللسانيات وتحليل الخطاب، حاصل على شهادة الماجستير الأساسية في اللغة والأدب بكُلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط. مسؤول قسم اللغة العربية في منظمة المجتمع العلمي العربي بقَطر (سابقا)، عُضو مجلس إدارة مؤسسة "بالعربية" للدراسات والأبحاث الأكاديمية. ومسؤول قسم "المصطلحية والمُعجمية" بنفس المؤسسة. مُهتم باللغة العربية؛ واللغة العربية العلمية. ناشر في عدد من المواقع الأدبية والصُّحف الإلكترونية العربية. له إسهامات في الأدب إبداعاً ودراسات، صدرت له حتى الآن مجموعة قصصية؛ "ظل في العتمة". كتاب؛ "الدليل المنهجي للكتابة العلمية باللغة العربية (2/ج)".

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى