فلسفة العصور الوسطى

العصور الوسطى – القرن الثالث عشر وما بعده!

تميز القرن الثالث عشر بازدهار الفكر الفلسفي في أوروبا بفضل انتشار الجامعات، التي جمعت بين الطلاب والأساتذة من مختلف الأقطار. أسهمت هذه البيئة في تطور الفلسفة وتنوع مدارسها، مما يجعل من الصعب تقديم سرد متسلسل لتاريخ الفلسفة في هذه الفترة. بدلا من ذلك، سيتم التركيز على أهم الشخصيات الفلسفية وأبرز الموضوعات التي تمت دراستها.

  • أهم فلاسفة العصور الوسطى المتأخرة:

يُعتبر كل من توماس الأكويني (1224/25-1274)، وجون دونز سكوت (حوالي 1265-1308)، وويليام الأوكامي (1287-1347) من أبرز الفلاسفة في العصور الوسطى المتأخرة، ويضيف بعض الباحثين بونافنتورا (1221-1274) إلى هذه القائمة.

على الرغم من أهمية هؤلاء الفلاسفة، إلا أن حصر الفلسفة في هذه الشخصيات فقط قد يكون مضللا، حيث كانت هناك أسماء أخرى مثل بيتر أوريول، وجون بوريدان، وجودفري فونتين، ونيكولاس أوتريكورت، وبيتر جون أوليفي، وويليام أوف أوفيرن. ومع ذلك، لم تحظَ أعمالهم بنفس الاعتراف الذي حظي به “الثلاثة الكبار”، باستثناء بوريدان الذي يُعد منافسا قويا.

  • الجامعات والتأثير الديني:

كان معظم هؤلاء الفلاسفة مرتبطين بجامعات كبرى مثل جامعة باريس، التي لعبت دورا محوريا في تشكيل الفكر الفلسفي في العصور الوسطى. لكن اللافت للنظر هو الغياب النسبي للفلاسفة الفرنسيين في تلك الفترة، رغم كون جامعة باريس أولى الجامعات الفرنسية.

كما أثّرت النظم الدينية، مثل الفرنسيسكان والدومينيكان، بشكل كبير في الفلسفة، حيث انتمى الأكويني إلى الدومينيكان، بينما كان بونافنتورا وسكوت وأوكام من الفرنسيسكان. احتفظت هذه النظم بسجلات جيدة لكتابات أعضائها، مما جعل دراسة فلاسفتها أكثر سهولة مقارنة بالفلاسفة “العلمانيين” مثل بوريدان.

  • التأثيرات والتاريخ الفلسفي:

حظي توماس الأكويني بمكانة مرموقة في الفكر الفلسفي، حتى أن البابا ليو الثالث عشر أعلن عام 1879 أن الأكويني هو “رئيس وأستاذ جميع الحكماء السكولائيين”، مما عزز مكانته في المدارس الكاثوليكية. كما حظي بونافنتورا وسكوت بتقدير مماثل، بينما ظل أوكام شخصية مثيرة للجدل بسبب خلافاته مع البابا.

في المقابل، عانى الفلاسفة غير المنتسبين إلى النظم الدينية من الإهمال في التأريخ الفلسفي، مثل هنري أوف جينت، الذي لعب دورا هاما في فهم فلسفة دونس سكوت، لكنه لم يُدرس بجدية إلا في العقود الأخيرة.

  • خلاصة:

رغم الجهود الأكاديمية المبذولة، لا تزال هناك حاجة لدراسة العديد من فلاسفة العصور الوسطى المهمشين. إذ لا تزال العديد من أعمالهم مخطوطات غير منشورة تتطلب مهارات خاصة لفك رموزها. يُعد تاريخ الفلسفة الأوروبية في العصور الوسطى مجالا غنيا يحتاج إلى المزيد من البحث لاستكشافه بشكل أعمق.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى