رقمنة ومعلومياتسينما ومسرح

هل خُطط لكل شيء؟ الرسوم المتحركة كواجهة لخطة تكنولوجية خفية وممتدة

من يشاهد اليوم حلقات قديمة من رسوم متحركة أُنتجت في السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات، سيلحظ ظاهرة غريبة ومثيرة وهي؛ أن العديد من هذه الأعمال كانت تعرض تقنيات وأفكارا مطابقة تقريبا لما نشهده اليوم من تطور رقمي غير مسبوق، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، والروبوتات، والطائرات الذاتية، والمساعدات الرقمية، والواقع المعزز والافتراضي.

لكن المفارقة أن تلك العقود لم تكن تمتلك البنية التكنولوجية التي تؤهلها لتخيل هذا المستقبل بهذه الدقة، فكيف حصل هذا؟
هل هو مجرد خيال فني سبقت به بعض العقول وقتها؟ أم أن هناك خطة ممنهجة لتوجيه وتهيئة و”تسريب” ما سيحدث لاحقا؟
أسئلة منطقية تستحق المناقشة والتحليل.

نماذج بارزة من الرسوم المتحركة تنبأت بالمستقبل

لنأخذ بعض الأمثلة التي لا يمكن تجاهلها:

  • “ذا جيتسونز” (The Jetsons – 1962): تناول هذا المسلسل فكرة البيوت الذكية، الروبوتات المساعدة، مؤتمرات الفيديو، الأجهزة القابلة للارتداء، والعيش في مدن عائمة بالسماء.
  • “جريندايزر” و”صقور الفضاء”: قدّما تقنيات متقدمة للروبوتات الطائرة، الشاشات الذكية، الاتصال الفوري بين الكواكب، وحتى أنظمة الذكاء الاصطناعي الدفاعي.
  • “أفلام ديزني والأنمي الياباني”: تكررت فيها أفكار التحكم العقلي، والواقع الافتراضي، والطاقة البديلة، وأسلحة موجهة بدقة تعتمد على تحليل سلوكي ومعرفي.

السؤال الحرج هنا هو:

هل كانت هذه الأعمال مجرد خيال مستقبلي؟ أم تسريبا ثقافيا مقصودا؟

هل كان هناك تسريب ناعم للمعرفة المستقبلية؟

وفقا لنظرية “البرمجة التنبؤية” (Predictive Programming)، هناك رأي يرى أن بعض المؤسسات الكبرى تستخدم وسائل الإعلام (مثل الأفلام والرسوم المتحركة) لتهيئة الرأي العام لمفاهيم مستقبلية ستُطبق لاحقا. لا من أجل تنبؤ بريء، بل لإحداث تطبيع نفسي واستعداد جماهيري لها.

هنا تُطرح الفرضية الآتية:

هل كانت الرسوم المتحركة وسيلة لتسريب مشاريع رقمية وتكنولوجية متقدمة، بطريقة رمزية موجهة للأطفال، بهدف خلق قبول جمعي مبكر؟

ولكي لا تبدو الفكرة مجرد نظرية مؤامرة، فإن تاريخ بعض الأعمال يمكن أن يعزز هذه الفرضية:

  • هناك تطابق زمني بين بعض حلقات الرسوم المتحركة وأبحاث حقيقية جرت في مراكز بحثية مغلقة في الغرب (مثال: مشاريع DARPA).
  • بعض كتاب القصص المصورة كانوا بالفعل على صلة بأوساط علمية أو استخباراتية (كما كشفت عدة تقارير عن كتّاب في هوليوود).

أين كانت التكنولوجيا وقتها؟

في السبعينيات والثمانينيات، كان الحاسوب نفسه محدود الإمكانات، ولم تكن الإنترنت متاحة إلا في مختبرات عسكرية أو معاهد بحث متقدمة، أو جامعات كبرى. ورغم ذلك، نجد في الرسوم المتحركة مفاهيم:

فكيف توصل رسامون إلى مثل هذا الخيال؟ ومن زوّدهم بهذه المفاهيم التقنية الدقيقة؟

تحليل فلسفي – هل كان “الخيال” مصمما بوعي؟

إذا استبعدنا الصدفة، يبقى خياران فقط:

  1. العبقرية الفردية الاستثنائية لبعض العقول التي سبقت عصرها.
  2. وجود خطط معرفية عليا تحتفظ بتكنولوجيا سرية، تمهد لظهورها عبر الإعلام.

ويبدو أن السيناريو الثاني يجد بعض المنطق الذي يدعمه في عدة ظواهر منها:

  • السرية التامة حول المشاريع البحثية المتقدمة.
  • ظهور تقنيات اليوم بنفس الصيغة التي رُسمت بها قبل عقود.
  • وتيرة تسارع الذكاء الاصطناعي كما لو كان “جاهزا منذ زمن، وينتظر التفعيل فقط”.

ماذا يعني هذا لنا اليوم؟

إذا كانت تلك الرسوم مجرد “مرآة” لما خُطط له مسبقا، فهذا يعني أن ما يُعرض اليوم في الخيال العلمي قد يكون واقعا قريبا. وأن الجهات التي تملك المعرفة الرقمية لا تُظهر إلا ما تُريد له أن يُكشف تدريجيا.

وهنا يصبح التساؤل مشروعا:

من يملك المعرفة الرقمية؟ ومن يقرر متى تظهر؟

  • بإيجاز:

ربما ما نشهده ليس صدفة. بل هو انعكاس لتخطيط عميق، قد يكون مرّ عبر قنوات ناعمة لم نكن نعي دلالاتها. والرسوم المتحركة لم تكن بريئة تماما. كانت – ربما – النافذة الأولى التي نظرنا منها إلى المستقبل، دون أن نعي أن أحدا كان يرسمه لنا بدقة مسبقة.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى