على مدار القرنين الماضيين، تحوّلت الولايات المتحدة الأمريكية من مستعمرة حديثة العهد بالاستقلال إلى القوة الدولية الأكثر تأثيرا في العالم على المستويات العسكرية والسياسية والاقتصادية والثقافية. ولم يكن هذا الصعود مجرد تحوّل طبيعي في ميزان القوى، بل جاء مصحوبا بمنظومة من السياسات والاستراتيجيات التي كرّست نوعا جديدا من الهيمنة العالمية، تجاوز التدخل العسكري المباشر إلى أنماط أكثر تعقيدا وتأثيرا، كالدعم السياسي للأنظمة، والإغراق الاقتصادي، والحروب الثقافية، والسيطرة على البنية الإعلامية والمعرفية العالمية.
تهدف هذه السلسلة إلى تقديم قراءة تحليلية نقدية لتاريخ الهيمنة الأمريكية وتدخلاتها حول العالم، عبر رصد وتحليل المحطات المفصلية في هذا التاريخ، وتفكيك الأدوات التي استخدمتها واشنطن لبسط نفوذها وتعزيز مصالحها الجيوسياسية. كما يسعى إلى إعادة تأطير السرديات التقليدية التي غالبا ما صيغت من داخل المركز الإمبراطوري ذاته، وذلك عبر منظور علمي، متزن وغير مؤدلج، يستند إلى وقائع موثقة ومصادر متنوعة، عربية وغربية.
ينقسم محتوى هذا التصنيف إلى محاور رئيسية تتناول:
- الجذور الفكرية والسياسية لعقيدة الهيمنة في التاريخ الأمريكي الحديث.
- التدخلات العسكرية المباشرة في العديد من دول العالم.
- الأدوات غير العسكرية للهيمنة، من الاقتصاد والدبلوماسية إلى الإعلام والثقافة.
- السياسات الأمريكية في العالم العربي.
- ملامح التحديات العالمية الجديدة لهذه الهيمنة: صعود قوى جديدة كالصين، روسيا وتحالف “البريكس“.
إن هذا التصنيف ليس دعوة إلى التجييش العاطفي، ولا إلى تبني سرديات المؤامرة، بل هو محاولة لتأسيس وعي معرفي نقدي بتاريخ العلاقات الدولية، وبتأثيرات السياسات الأمريكية على شعوب العالم، لا سيما في منطقتنا العربية، التي كثيرا ما كانت مسرحا لهذه التدخلات.
ندعو القارئ العربي والناطق العربية، من باحثين ومهتمين وطلاب دراسات عليا وصحفيين، إلى التفاعل مع محتوى هذا التصنيف، ومقاربته كمنصة معرفية مفتوحة للبحث والتحليل، تتسع للرأي والحوار والنقاش العلمي الرصين.
