عالِم المُستقبلِيات العربي “المهدي المَنْجْرَة”
المهدي المنجرة: (13-مارس 1933م / 13 يونيو 1914م) أحد أبرز العلماء العرب في القرن ال21، وأكثرِهم عطاءً وتَنْظيراً في القضايا السياسية والاقتصادية والعلاقة الدولية والدراسات المستقبلية، فبالإضافة إلى إنتاجاتِه والغزيرة والقيِّمَة في مجال عِلم المستقبليات، يعتبر المهدي المنجر مُبتكرَ مفهوم “الاستعمار الجديد”[1] و ” الميغا إمبريالية”[2] و “صراع الحضارات”[3] … وغيرها من المفاهيم السياسية والاقتصادية المعروفة اليوم.
تقلَّد الهدي المنجرة مناصبَ عديدة وهامة في عددٍ من المؤسسات والمكاتب الدولية والعالمية نُجمِلُها في الآتـــي:
- مستشارا ساميا للمغرب في الأمم المتحدة (1958 / 1959).
- مستشارا للأمين العام للأمم المتحدة.
- أستاذا وباحثا محاضرا في جامعة لندن (1970).
- تقلَّد عدة مناصب في اليونسكو (1961 / 1976).
- خبيرا ومستشارا خاصا لهيئة الأمم المتحدة (1980/1981).
- مستشارا ومديرا لمكتب العلاقات الدولية في رومـــا (1981/1985).
- رئيسا للاتحاد العالمي للدراسات المستقبلية (1977/1981).
- عضوا في الأكاديمية المغربية والإفريقية والعالمية للفنون والآداب.
- رئيسا لعدة لجان أوربية مكلفة بوضع مخططات لإصلاح التعليم وتطويرِه.
- مؤسِّسُ أولِ أكاديمية لعِلم المستقبليات.
- تم اختيارُه كأستاذ محاضر في عددٍ من الجامعات العالمية في ( فرنسا – إنجلترا – هولنــدا – إيطاليــا – اليابان).
- شغِل منصب العميد في عددٍ من الجامعات اليابانية.
- متخصص في البيولوجيا والكيمياء / جامعة كورنل بالولايات المتحدة الأمريكية.
- متخصص في الاقتصاد / كلية لندن للاقتصاد.
- شغِل منصبَ أوَّلِ أستاذٍ مغربي يُعيَّنُ في جامعة الملك محمد الخامس بالرباط.
- تولى إدارة الإذاعة والتلفزة المغربية في عهد الملك محمد الخامس.
عاش المهدي المنجرة حالة نفور مِن النخبة الحاكمة في المغرب، بسبب اختلاف المدرسة التي تكوَّنَ فيها كلٌّ مِنهُما، فالمنجرة أنغلوساكسوني الفكر والتكوين، مُتشبعٌ بأفكار التحرر والاستقلالية والنقد والرفض والمعارضة، هذه الصفات تجلَّتْ بوضوح عندما رفض التجنيد الإجباري الذي فرضتْه الولايات المتحدة الأمريكية فترة الحرب الأمريكية الفيتنامية،
اضطر إلى الهجرة إلى لندن، حيث طوّرَ أطروحاتِه الاقتصادية والسوسيولوجية والسياسية، وعكف على بناء نظرياتِه في علم المستقبليات، وسخَّر جُل كِتاباتِه مؤلفاتِهِ وأبحاثِه للتصدي لجشع الليبرالية والامبريالية المتوحشة، وفضحِ النظام الاقتصادي الجديد، في حين كانت النخبة الحاكمة في المغرب ذاتَ تكوينٍ فرانكفوني، تَدِينُ بأفكار الاستعمار الفرنسي وتتماشى معه، فتشبَّعتْ بالخمول ونَبَذَتْ كل الأطروحات والأفكار الحداثية الوافدة من أمريكا وبريطانيا، وظلتْ وفيِّة للنمطية الفرنسية الجامدة.
- فِكر المهدي المنجرة:
ظل المنجرة طولَ حياتِه العلمية والبحثية الحافِلة، يَحمِلُ هَمَّ دول الجنوب المُهيمَنِ عليها من طرف دول الشمال، وظل المنجرة يَضع الدراساتِ والخططَ التنموية والأبحاثِ التي كان يرى فيها حلاً لخروجِ هذه الدول المستضعفة من هيمنة الغرب المتوحش وشركاتِه الجشعة، فنادى المنجرة بضرورة محاربة الأمية كأول وأهم خطوة يتوجّب على الدول الراغبة في التحرر اتخاذها، قبل التفكير في أي مشروع تنموي آخر، يَلِيها البحثُ العلمي وما يتطلّبُه من إمكانيات وموارد، وكان المهدي المنجرة من أشد الداعين إلى تَعرِيبِ العلوم والاهتمام باللغة الأم (العربية)، لأنها الأقدرُ على استيعاب العلوم (لأنها أصل لغة العلم والمعرفة).
ألَّـفَ المهدي المنجرة العديدَ مِن الكتب والدراسات والأوراق البحثية، نوجزُها فيما يلي:
مؤلفاتُه وآثاره العلمية:
- نظام الأمم المتحدة / 1973.
- من المهد إلى اللحد / 1981.
- الحرب الحضارية الأولى / 1991.
- القدس العربي،رمز وذاكرة / 1996.
- حوار التواصل / 1996.
- مسار الكفر، حوارات معحسن نجمي ومحمد بهجاجي / 1997.
- عولمة العولمــة / 1999.
- انتفاضات في زمن الذلقراطية / 2002.
- الإهانة في عهد الميغا إمبريالية / 2004.
- قيمة القيم / 2007.
ترك المهدي المنجرة وراءَه عِلما غزيرا، ونظرياتٍ في الفكر والسياسة والاقتصاد وعِلم الاجتماع، كما خلَّفَ وراءَه أكثر من 500 مقالة علمية في شتى التخصصات مازالتْ إلى اليوم تُدرّس في كُبْرَياتِ الجامعات والمعاهد والمؤسسات العالمية، ورغم كونِ المنجرة يكتب بأكثر من لغة، ويتقن إلى جانب لغتِه الأم اللغة العربية، اللغة اليابانية والانجليزية والفرنسية، وقد تُرجمتْ أعمالُه إلى عدة لغات عالمية، بل وسَجلّتْ مؤلفاتُه أعلى نسبة قراءة في فترة الثمانينيات، خصوصا في أوروبا، واعتُبرتْ كتُبُه الأكثر مبيعا في فرنسا وقتَ إذٍ.
- الجوائـــز:
حصل المهدي المنجرة في مسيرتِه العلمية البحثية على الكثير من الجوائز والأوسمة والشهادات التقديرية الدولية والوطنية نذكر منها:
- وسام الشمس المشرقة الذي منحه إياه إمبراطور اليابان 1986.
- جائزة الأدب الفرنسي في جامعة كورنيل 1953.
- وسام الاستقلال – الأردن 1960.
- الجائزة الفضية الكبرى للأكاديمية المعمارية – باريس 1984.
- وسام بدرجة ضابط للفنون والآداب – فرنسا 1976.
- جائزة السلام من معهد ألبرت آنشتاين الدولي 1990.
يعتبر المهدي المنجرة مِن أولِ المدافعين عن اللغة الأم بشكل عام، وعن اللغة العربية بشكل خاص، وقد خَلُصَ من خلال عيشه واحتكاكِه بالثقافة اليابانية إلى أن سر قوة اليابان الصناعية، وتماسُكِ نسيجِها الثقافي والحضاري، وتأثير وإشعاع اليابان كنموذج عالمي مثالي، يرجع إلى الأهمية التي منحتْها اليابان لِلغتِها حيث جعلتْها المقوم الأول والأساسي في مشاريع التنمية الشاملة، بخلاف الدول المتخلفة التي أهملتْ لُغتَها وأعطتْ الأهمية للغات الأجنبية الأخرى كالإنجليزية والفرنسية وغيرِها.
- أقــــوال المهدي المنجرة:
- الدول المتخلفة، ليست تلك التي ليسَ لها مواردُ طبيعية كالنفط والغاز و .. ، الدول المتخلفة هي تلك الثي لها فنانُوها وتعيش بدون فن، هذا هو التخلف وليس شيئا آخر.
- أيُّ واحدٍ يعيش بدون جمال، هو بالنسبة لي إنسان ميتٌ حي.
- أُحْكُمْ على الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في بلدِك، انطلاقا من الطريقة التي يتعامل بها المسؤولون مع الفن.
- إذا أردتَ أن تعرف مَوَاطنَ الخلل، أنظر مَن يُشجع البشاعة.
في شهر (يونيو) من كلِّ عام يَسْتحضِرُ المغاربة ومعهم العالَم العربي والإسلامي ذكرى وفاة عالِم الاقتصاد وعِلم الاجتماع، وعالِم المستقبليات، وواحدٍ من الشخصيات العالمية المؤثِّرة التي بصمَتْ القرن العشرين، الدكتور: المهدي المنجرة رحِمه الله تعالى.
[1] مصطلح يُستخدم للدلالة على الهيمنة التي لا تتم بالتدخل العسكري المباشر، وتتم هذه الهيمنة بوسائل أخرى مختلفة كالاقتصاد: حيث تسيطر الشركات على كل موارد وثروات البلاد المراد الهيمنةُ عليها، وتكبيل الدولة بالديون الخارجية، أو سياسيا عبر إجبار البلد على توقيع معاهدات واتفاقيات طويلة الأمد، كما تتم هذه الهيمنة بواسطة الغزو الثقافي عن طريق تكريس ثقافة البلد المهيمِن على البلد المهيمَنِ عليه، وذلك عن طريق الغزو الإعلامي.
[2] نوع جديد من الامبريالية المتفرِّدة، والتي لا تقبل بوجود قوىً إمبريالية أخرى منافسة لها كما كان قبلا.
[3] هو النموذج الجديد من الصراعات والحروب التي تدور على مستوى الأفكار والثقافات وليس على القوميات كما كان قبلا.