عندما تحدث العلم باللغة العربية
إن الاكتشافات العلمية الكبيرة تُغير كلياً وجهة نظر الإنسان الفلسفية واللاهوتية حول العالم، وهو أمر شهدته عدد من الدول في أوروبا وأمريكا، لكنه غاب عن الأقطار الإسلامية.
فـ “بعض الاكتشافات العلمية وآثارها الفلسفية؛ ساهمت في ولادة الروح الأوروبية، وهو ما لم يحدث لدينا رغم أن العلماء المسلمين والعرب سبقوا نظراءهم الغربيين كثيراً”.
فخلال أربعة عقود؛ كان العلماء المسلمون والعرب يفكرون ويناقشون بحرية وبجرأة”، “لكن بعد ذلك أصبحنا نخاف من التفكير.
لذلك يجب طرح أسئلة في هذا الصدد من أجل العودة إلى جرأة الفكر للربط بين نوستالجيا استحضار علمائنا وحاضرنا اليوم”.
- أمثلة على سبق العرب في الاكتشافات العلمية
– “الدورة الدموية في الجسم التي تُقدم في المدارس على أنها اكتشاف لوليام هارفي، في حين أن مخطوطاً قديماً لابن النفيس يتحدث عن جزء منها”.
“اكتشاف الطبيب ابن النفيس لم يواكبه تفكير فلسفي رغم أنه حدث في القرن الثالث عشر، أي حوالي ثلاثة قرون قبل اكتشاف هارفي، والأمر نفسه بالنسبة للتخدير الذي يُعرف على أنه اكتشاف أميركي لصاحبه لكروفورد لونغ في القرن التاسع عشر.
في حين أن أبو القاسم الزهراوي الملقب بأبو القسيس، وملك الجراحين، اكتشف الأمر قبله معتمداً في ذلك على خليط من الأعشاب من بينها ‘الحشيش‘”.
أما حسن ابن الهيثم، الذي أطلق اسمه على كثير من المؤسسات التعليمية في المغرب، فيُعتبر من “عباقرة العلم الكبار الذين عرفتهم الإنسانية إلى جانب غاليلي ونيوتن”.
وقال إنه “سيكون من الأفضل أن يتم الحديث عنه في المدارس الأوروبية والأميركية كما يتم الحديث عن العبقري إسحاق نيوتن لتحقيق التقارب بين الحضارات عوض صراعها”.
أن “الفيزيائي ابن الهيثم كان صاحب اختراع كاميرا الحجرة المظلمة في القرن العاشر، ومبدأ العطالة، وهو مصطلح فيزيائي يعني مقاومة الجسم الساكن للحركة، وكانت له إسهامات كبيرة في الرياضيات والبصريات وعلم الفلك والهندسة وطب العيون والإدراك البصري”.
“الكسور العشرية عرفت بأنها اختراع لسيمون ستيفان في القرن الخامس عشر، لكن الواقع يكشف أن غياث الدين الكاشي استعملها قبله بقرن، وهو أمر يعيه جيداً علماء الرياضيات الأوروبيون والأميركيون، لكنه اعتراف بقي محصوراً وسط هذه الفئة من العلماء دون أن يصل ذلك إلى عموم الناس”.
الأمر نفسه بالنسبة للإحداثيات الديكارتية، التي “تعرف كاكتشاف لريني ديكارت (1596-1650) مع العلم أن ثابت ابن قرة استعمل الأمر قبله بقرون ونجح في الربط بين الهندسة الرياضية والجبر”.
إن “أول كيميائي في التاريخ ليس هو روبرت بويل كما معروف، بل هو جابر ابن حيان المعروف بكتاب ‘الكمية’، الذي يتضمن تجارب في الكيمياء، وقبله الكيميائي أبو بكر محمد ابن زكرياء الغازي، وهو أول من نجح في عزل حمض الكبريتيك”.
أما شارل داروين العالم والجيولوجي البريطاني كان لديه أسلاف عرب مثل الجاحظ الذي درس الإنسان والحيوان قبله بألف سنة، وابن طفيل من خلال كتابه المشهور ‘حي بن يقظان’، وابن خلدون الذي قال في القرن الرابع عشر إن القردة هم أصل البشر، كما تحدث أيضاً عن التطور التدريجي والمستمر للكائنات الحية”.
اقتباسات من محاضرة بعنوان؛ “عندما تحدث العِلم بالعربية”، ضمن فعاليات أسبوع العلوم الذي تنظمه جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بالمغرب.