الكتاب: “إدارة الغضب للجميع: عشر إستراتيجيات مُثبتة ومفيدة للسيطرة على الغضب والعيش بسعادة أكبر”
المؤلف: د. ريموند تشيب تافريت Raymond Chip Tafrate و د. هاورد كاسينوف Howard Kassinove
الناشر: Impact Publishers, Inc.
سنة النشر: 2019.
اللغة: الإنجليزية.
عدد الصفحات: 255 صفحة.
يقع الكتاب في 255 صفحة متوسطة الحجم، ويتألف من مقدمة وثلاثة عشر فصلاً، ويعالج موضوعًا مهمًا جدًا لكل الناس على اختلاف ألسنتهم وألوانهم وانتمائهم وجنسهم وأعمارهم؛ هو الغضب وكيفية السيطرة عليه.
ويستعرض المؤلفان قصصًا حقيقية لأناس يعانون من نوبات غضب شديدة لتوضيح بعض المفاهيم والأفكار المتعلقة بهذا الموضوع والإستراتيجيات المقترحة والتمارين الموصى بها للتغلّب على الغضب.
الغضب حالة انفعالية تنتاب الجميع دون استثناء، وغالبًا ما تكون مسبباته ومحفزاته واحدة لدى الجميع، ولكن فهم هذه الحالة الانفعالية ومسبباتها وكيفية التعامل معها يحدد كيفية الاستجابة لها. يقدّم الكتاب عرضًا مفصلاً لأساسيات مفهوم الغضب في الفصل الأول.
فالغضب عبارة عن إحدى الانفعالات الداخلية التي تشحننا بحيث نقوم بأفعال إيجابية بنّاءة أو أفعال سلبية هدّامة. ولابدّ من التمييز بين الغضب والاعتداء. فالاعتداء مختلف عن الغضب لأنه يشمل سلوكًا عنيفًا كالضرب والتنمّر ودفع الناس بقوّة وتحطيم الممتلكات. والغضب لا يؤدي إلى الاعتداء بطريقة أوتوماتيكية؛ إلا أنه يأتي مما تعلمناه – أي من عاداتنا – وطرق تفكيرنا وطبيعتنا البشرية.
ولمعرفة ما إذا كان الغضب أمرًا طبيعيًا علينا أن نفكر فيما إذا كانت مشكلاتنا تتحسّن أو تتفاقم وتزداد سوءً بعد أن نغضب. ويبدو أنّ الرجال والنساء يغضبون لأسباب متشابهة ويشعرون بالغضب، ويعبّرون عنه بطرق متشابهة أيضًا.
وعندما يكون الغضب متكررًا وشديدًا ويدوم لفترة طويلة فهذا مؤشر على أنه ليس في صالحنا. كما أنّ الغضب مرتبط بالقلق والإحباط والمسكرّات والمخدّرات وأمراض القلب والجلطات الدماغية. والسؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا ونجيب عليه بصدق هو: ” هل الغضب مفيد لنا أم ضارّ بنا؟”
يقدّم الكتاب شرحًا مُسهِبًا لفهم مراحل الغضب في الفصل الثاني؛ فلمراحل الغضب نمطٌ سهل التنبؤ به يتألف من ست خطوات هي: مُسببات الغضب والأفكار والتجربة والرغبة بالتصرّف والتعبير عن الغضب وأخيرًا النتائج.
يُعدّ السلوك غير المرغوب به للناس المقرّبين والمحببين من أكثر أنواع المحفزات على الغضب انتشارًا. ويحدث الغضب عندما نبالغ بمسبباته. وعندما يكون المرء متطلّبًا فإن ذلك ينعكس على اعتقاده أنه ينبغي للآخرين التصرّف وفقًا للطريقة التي يريدهم أن يتصرفوا بها.
ويرافق هذا الاعتقاد حدوث الغضب على الدوام، وعلى المرء أن ينتبه له جيدًا، ويحاول التخلّص منه تدريجيًا لأن الاعتقادات بشكل عام تستغرق وقتًا طويلاً لترسخ؛ وبالتالي ليس من السهل التخلّص منها دفعة واحدة.
تختلف تجارب الغضب الشخصية من حيث تكرار الغضب وشدته وطول مُدته. هناك عدة عوامل تؤثر في الرغبة الآنية بالتصرف من أهمها: سياق المحفّز على الغضب، والأفكار الخاصّة، والانفعالات الجسدية، بالإضافة إلى تاريخ العلم بالغضب.
ويمكن التعبير عن الغضب بطرق عديدة؛ كالتعبير اللفظي أو الصراخ أو الجدال أو الشتم واللعن أو توجيه ملاحظات سلبية.
وتعد نتائج الغضب بعيدة الأمد الأكثر خطورة، ومن المهم جداً التفكير جيدًا باحتمال إيقاع أذى بعيد الأمد في العلاقات الاجتماعية والصحة والسعادة في إحدى حالات الغضب. وتُعدّ زيادة الوعي بمراحل الغضب وفهمها جيدًا خطوةً أولية مهمة نحو السيطرة على الغضب وإدارته إدارة جيدة.
يحمل الفصل الثالث عنوان “هل أنت مستعد للتغيير؟”، ويحاول المؤلفان فيه تشجيعنا على وضع خطة تساعدنا في إدارة غضبنا، وتخفيف آثاره على حياتنا المهنية والشخصية والاجتماعية. حتى وإن كان الآخرون من حولنا يضغطون علينا للتقليل من غضبنا.
إلا أن قرار التغيير يبقى خيارنا لوحدنا. إن أكبر خطأ نرتكبه هو التركيز بشكل حصري على سلوك الآخرين السِّيء في حين أننا نتجاهل السؤال الأهم: هل التغيير يجعل حياتنا أفضل؟ معظمنا تنتابه مشاعر متضاربة إزاء بعض الأشياء، فمن الطبيعي أن يكون لديك مشاعر متضاربة إزاء تغيير غضبك.
ولكن عندما يكون غضبك زائدًا عن الحد ومؤذيًا فهذا يتطلب منك جهدًا وطاقة أكثر بكثير مما تتصوره لإدارة حياتك من إحداث أي تغيير فيها. ومن المفيد أن تفكر بمخاطر عدم تقليل غضبك. ومن المفيد أيضًا التفكير بأفضل ثلاث أسباب لديك تدفعك لتقليل انفعالاتك الغاضبة وردود فعلك الغاضبة.
يبدأ الكتاب بسرد أولى إستراتيجيات السيطرة على الغضب في الفصل الرابع الذي يحمل عنوانًا عريضًا هو “تغيير مسببات الغضب”. تعدّ إدارة أسلوب حياتك الإستراتيجية الأولى للسيطرة على الغضب. أثناء رحلة تقليل غضبك عليك أن تفكّر بالأمور التي يمكنك تغييرها في روتينك اليومي والبيئة من حولك.
قم بتخطيط نشاطاتك وتواصلك مع الآخرين في أوقات تكون قد تناولت قبلها طعامك ونمت نومًا جيدًا لأنّ الدراسات العلمية أثبتت أن الطعام الجيد والنوم الجيد يرتبطان ارتباطًا وثيقًا بالغضب؛ فالإنسان الجائع الذي لا يحظى بنوم جيد معرّض للغضب أكثر من الإنسان غير الجائع الذي ينعم بنوم جيّد.
كما أن الكحول يقلل من تحمّل التعب والضغوطات، ويحفّز على الغضب. بالإضافة إلى أنّ البيئة الممتعة والسارّة المصحوبة بالموسيقى الهادئة والروائح الزكية والألوان الهادئة كالأزرق والأخضر بالإضافة إلى الإنارة الطبيعية أو الواسعة.
كل ذلك من شأنه أن يجعل العالم يبدو أكثر جاذبية، ويسمح لك بالتعامل مع الخلافات وخيبات الأمل وعدم القبول ومصادر عدم الراحة الأخرى بطريقة أكثر فاعلية وإيجابية.
وهناك دراسات علمية كثيرة تؤكد على علاقة البيئة من حولنا بمحفزات الغضب. فكلّما كانت البيئة من حولنا هادئة وسارّة، قلت فرص وجود محفزات على الغضب.
ينتقل الكتاب في الفصل الخامس للحديث عن الإستراتيجية الثانية المقترحَة التي من شأنها الحدّ من الغضب، وهي تجاهل مصادر الاستفزاز.
ليس بالضرورة مواجهة الأشخاص والمواقف التي تثير المشكلات في الحال. إنّ اختيار أوقات المواجهة سيساعدك على تجنّب مصادر الاستفزاز وإدارة حياتك بطريقة تقل من خلالها حالات الغضب لديك.
أي إنّ تمييز الناس والمواقف التي تستحق المعالجة والمواجهة من الناس والمواقف التي يجب تركها، ومن ثم تقرير متى وكيف تتعامل مع التي تختار التعامل معها سيساعدك كثيرًا على تجنّب مصادر الاستفزاز والتقليل من غضبك.
فالتجنّب يعني توقّع مشكلة ما، والابتعاد عن الأشخاص أو المواقف التي قد تدفعك إلى الغضب. “والهروب” يعني إبعاد نفسك عن الأشخاص أو المواقف بعد ملاحظة أنّ مستوى الغضب لديك قد بدأ بالارتفاع.
إلا إن التجنب والهروب لا يكفيان على الدوام؛ فهما لا يؤديان إلى نمو شخصي جوهري وحقيقي، وليسا مفيدين على المدى البعيد في المواقف التي تزداد سوءً مع مرور الوقت. ولكنهما خطوتان بسيطتان يمكنك اتخاذهما عندما تدرك أثناء تعاملك مع الآخرين أن حالة غضب ما بدأت تنتابك.
ومن خلال ممارسة التجنب والهروب من مواقف إشكالية فإنك ستحسّن من قدرتك على تجاهل مصاعب الحياة بشكل مؤقت.
وينتقل الكتاب للحديث عن الإستراتيجية الثالثة في الفصل السادس الذي يحمل عنوان “إيجاد حلول جديدة للمشكلات الاجتماعية”. إن طريقة نظرتك للمشكلات الاجتماعية تساعدك على تهيئة ظروف حياتك للتطوّر أو التدهور أو المراوحة في المكان.
وتمتاز طريقة حلّ المشكلات الاجتماعية السلبية بالقرارات غير المتأنية، والردود التي تصدر عنك وأنت غاضب، وتفادي الردود، والأمل في أن تحلّ المشكلات نفسها بنفسها. بينما يمتاز الحلّ الإيجابي للمشكلات الاجتماعية بالتفاؤل والصبر والوعي في مواجهة المشكلات واعتبار المشكلات تحدياتٍ لابدّ من مواجهتها في الحياة.
يمكن تطبيق منهج الخطوات الستة لحل المشكلات الاجتماعية على عدد كبير من المواقف، ويساعدك على إيجاد حلول إيجابية وبنّاءة للمشكلات التي تواجهها. ويمكن تلخيص الخطوات الستة فيما يلي: تحديد المشكلة.
وإيجاد حلول ممكنة لها، وتقييم النتائج المحتملة (قصيرة الأمد وطويلة الأمد) من كل حلّ ممكن، واختيار أفضل حل وتطبيقه، ومن ثم تقييم هذا الحلّ لتعزيز الثقة بالنفس وبالخيارات التي تقوم بها.
وفي الفصل السابع الذي يحمل عنوان “تغيير الأفكار المؤدية إلى الغضب” يقدّم الكتاب الاستراتيجية الرابعة لإدارة الغضب، وهي تغيير طريقة التفكير بحياتنا. أفكارنا هي نتاج تاريخنا الشخصي وتعلّمنا المستمر، وهي ليست كتابًا منزّلاً لا يعتريه الشك، وقد لا تكون صحيحةً دائمًا أو واقعية أو حتى مفيدة.
علينا أن نحدد أنماط تفكيرنا اللاعقلانية أثناء مراحل الغضب التي نمرّ بها. وعلينا استبدال أفكار التهويل والمبالغة بأحكام أكثر اعتدالاً، واستبدال العبارات التي تقوّض قدرتنا على تحمّل الإحباط بعبارات تثبتُ قدرتنا على التعامل مع المشكلات والتعايش معها على أنها جزء لا يتجزأ من الحياة.
ويجب أن نتخلى عن العبارات المتطلّبة ونتبنّى عبارات أكثر قبولاً ومرونة تجاه سلوك الآخرين. وهذا بدوره سيمنعنا من تقييم الناس تقييمًا سلبيًا، ويساعدنا على توصيف سلوك محدد يصدر عنهم. وعلينا أن نقاوم الرغبة بالقفز إلى نتائج سلبية ومشوهة عن أفعال الآخرين، ونفكّر بتفسيرات بديلة.
والأهم من كل ذلك هو استبدال تقييم الذات الجائر بعبارات تعكس قبول الذات والاستعداد للتعلم من الأخطاء. ثم ينتقل الكتاب إلى طرح الإستراتيجية الخامسة في الفصل الثامن وهي النسيان.
علينا أن نؤمن أن أفكارنا لا تعكس الواقع والحقيقة؛ لذا علينا أن نتعلّم مراقبة أفكارنا بهدوء وقبولها والعزوف عن ردود الفعل القوية والغاضبة. وتمثّل القيمُ التي ننميها ونتبناها مواقفنا من الحياة على نطاق واسع، وتتطلب إدراكًا مستمرًا بمن حولنا. لذلك من المهم مراجعة القيم، وتوضيح القيم الأكثر أهمية بالنسبة لنا.
وإذا كنا صادقين مع أنفسنا فبإمكاننا الاعتراف بأن أفكارنا الغاضبة لا تتوافق دائماً مع أولويات حياتنا الكبرى. وبتلك النظرة يمكننا فهم إلى أي مدى أفكارنا مفيدة أو مقيّدة لجهودنا في أن نحيا وفقًا لقيمنا العليا.
وعندما نلتزم بأفعال متوافقة مع قيمنا وأولويات حياتنا الكبرى، فإن أفعالنا تلك ستتحسن، وستثري حياتنا مع مرور الوقت. ومن الممكن بعدها أن نبدأ بملاحظة أفكارنا ومشاعرنا الغاضبة دون التصرّف وفقاً لها أو الاستسلام لها.
يتناول الفصل التاسع الإستراتيجية السادسة وهي المُسامحة. بدايةً فإن مفهوم المسامحة قد يبدو غريبًا وغير مقبول لدى عدد كبير من الناس، لأن مسامحة شخص ما تسبب في ضررك أو ظلمك قد يبدو مستحيلاً.
ولكن الاستمرار في عدم المسامحة عادة ما يكون مصحوبًا بأفكار هاجسية عن الماضي والأحقاد والتجنّب والرغبة في الانتقام. كانت مبادئ المسامحة في الماضي تستند إلى فلسفة دينية فقط، أما الآن فقد أصبح هذا المفهوم مفهومًا تربويًا واجتماعيًا ونفسيًا أيضًا لأنه يؤثر على تلك الجوانب من حياتنا.
من مزايا المسامحة على الصعيد الشخصي التقليل من الاهتياج الجسدي وحالات الغضب، وزيادة القدرة على اتخاذ القرارات، والقدرة على الاستمتاع بالحاضر، والمضي قدمًا، والعيش بسعادة أكبر.
هناك نموذج للمسامحة يتكون من خمس خطوات هي: 1. كشف الغضب والأذى، 2. اتخاذ القرار بالمسامحة، 3. تحديد معنى المسامحة، 4. تطوير فهم أسباب تصرّفات الآخرين السيئة، 5.
تقديم شيء ما، مهما قلّ، إلى الشخص الذي أذاك أو ظلمك. تستغرق المسامحة وقتًا طويلاً نسبيًا، ويختلف معناها ووضوحها من شخص لآخر. يتطرق الفصل العاشر إلى تجارب الغضب ويقترح الإستراتيجية السابعة التي من شأنها المساعدة على إدارة الغضب.
هذه الإستراتيجية هي التهدئة من رغبتنا بالغضب من خلال الاسترخاء والإدراك والتأمل. كما هي سائر المخلوقات الحيّة فإن الإنسان يمتلك ثلاث استجابات تجاه المواقف الصعبة والمشكلات مع الناس.
وهذه الاستجابات أو الردود هي الهرب أو المواجهة أو التجمّد التي تُعدُّ جزءً من ردود الفعل الغريزية تجاه تهديدات قد تكون مُميتة. معظم المصاعب التي تواجهنا ليست مُهدِدة للحياة؛ إلا أن الإثارة الجسدية القوية المرافقة لردود الفعل الغريزية تتدخل بقدرتنا على الاستجابة الواعية والمدركة لأنواع المشكلات.
إن من شأن تنمية القدرة على تهدئة جسدك وعقلك أن تساعدك على إظهار استجابة أقل غضبًا وحدةً للمواقف الصعبة. ويعدّ استرخاء العضلات أسلوبًا يمكن استخدامه للاسترخاء الكامل.
إن من شأن الانتباه والتأمل زيادة إدراكك باللحظة الراهنة، والمساهمة بتدفق الأفكار من خلال دماغك دون الحاجة للاستجابة إليها في الحال. هناك أنشطة أخرى كثيرة يمكنها مساعدتك على الشعور بالراحة والاسترخاء.
ومن ثم تتعلم استخدام استجابتك للاسترخاء أثناء محاولتك التغلب على ميولك العادي والأوتوماتيكي للغضب والعداء عندما تشعر بالتهديد. من هذه الأنشطة: التنفس بعمق والتمارين الرياضية وقضاء وقت في الطبيعة والخضوع لمسّاجات محترفة وغيرها.
وفي الفصل الحادي عشر يتحدث المؤلفان عن الإستراتيجية الثامنة لإدارة الغضب، وتتمثل في ممارسة أساليب المواجهة الصحيحة مع الآخرين وردود الفعل السليمة. فعندما نستخدم أسلوب المواجهة مع الآخرين.
فإننا نكون في مواجهة مباشرة مع الناس والمواقف والكلمات التي تستفز غضبنا. ويمكن استخدام أساليب المواجهة الصحيحة في مخيلتنا، وفي سياق الملاحظات الشفهية، وفي مواقف الحياة الواقعية أيضًا.
وعند استخدام أساليب المواجهة بشكل صحيح فهي تمنحنا الثقة بقدرتنا على تحمّل الناس والمواقف الصعبة بدون ردود فعل غاضبة. وهذه الاستراتيجية مرتبطة بالاستراتيجية التاسعة التي يقترحها المؤلفان في الفصل الثاني عشر وهي تحسين المهارات الاجتماعية والشخصية البينية مع الناس من حولنا.
تحدثُ معظم حالات الغضب بيننا وبين الناس من حولنا؛ لذلك فإن تعلّم التواصل الفعّال مع الآخرين يقطع شوطًا طويلاً نحو المساهمة في التقليل من الغضب والعيش بسعادة.
ويشمل التواصل الفعال إدراكنا للغة الجسد، بما في ذلك تعابير الوجه وإشارات اليدين ووضعية الجسد عموماً، بالإضافة إلى استخدام التواصل البصري والمساحة الشخصية البينية. وبإمكاننا استخدام التأمّل الذي يجعل منا مستمعين جيدين ومتعاطفين مع الغير.
سيتطوّر تواصلنا مع الآخرين عندما نعتاد على التواصل معهم بفضول ونطرح الأسئلة المفتوحة. ويمكن لبدء محادثة دافئة يتخللها قليل من التعاطف والدعابة أن يعكس موقفاً حيوياً وإيجابياً يتقبله الآخرون ويحاولون محاكاته. وهناك مساعدات أخرى تعكس الإيجابية وتضمن الانسجام مع الآخرين مثل نشر أخبار سعيدة، وتوجيه المجاملات وردّها بالمثل.
من خلال الامتناع عن الانتقاد والجدال وإظهار الخبرة في كل مجال فإننا نُحِدّ من إعطاء الانطباع أننا نريد السيطرة على الآخرين أثناء الحوارات والنقاشات معهم. وبشكل عام، فإنه من الأفضل التقليل قدر المستطاع من العلاقات التي تنطلي على الجدال والمواجهة.
ويختم الكتاب بالإستراتيجية العاشرة في الفصل الثالث عشر وهي التعبير عن الغضب بطريقة واثقة ومفيدة. ومعنى الثقة في هذا السياق التعبير عن الأفكار والمشاعر بطريقة مباشرة ومناسبة والدفاع عما نريده والتفاوض مع الآخرين حول حلول مرغوبة ومقبولة، وليس من الضرورة أن نكون دومًا واثقين؛ كما ينبغي لنا أن نحدد المواقف التي تستحق وقتنا وطاقتنا.
وعلينا الابتعاد عن الاعتداء اللفظي ورمي التّهم يمنة ويسرة مما يزيد المواقف سوءً لأنها تزيد من احتمال غضب الآخرين وتدفعهم للردّ بالمثل.
وعدم الثقة في هذا السياق يعني التخلي عن الرغبات الخاصة وتجنّب المشكلات إرضاءً للآخرين، وهذا بدوره يساهم في تشكيل علاقات متينة وصحيّة مع الآخرين.
ومن الضروري أخذ وجهة نظر الآخر بالحسبان، والثقة لا تعني التصرّف حسب طريقتنا دائمًا؛ إلا أنها تتطلب إدراك التوازن بين ما نريده وما يريده الآخرون.
د. عمر عثمان جبق : أستاذ مساعد في قسم اللغات الأجنبية كلية الآداب والعلوم بجامعة نزوى سلطنة عمان.
مجلة فكر الثقافية.