يُعدّ كتاب الإطاحة: القرن الأمريكي في تغيير الأنظمة من هاواي إلى العراق (Overthrow: America’s Century of Regime Change from Hawaii to Iraq) للكاتب ستيفن كينزر (Stephen Kinzer) أحد أبرز الكتب التي تسلط الضوء على تاريخ التدخلات الأمريكية في تغيير الأنظمة السياسية حول العالم. يكشف الكتاب، بأسلوب تحليلي مدعم بالوثائق والشهادات، دور الولايات المتحدة في تشكيل مسار العديد من الدول لتحقيق مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية.
في هذا التقرير، سنقدّم تحليلاً شاملاً للكتاب، مع استعراض الأفكار الرئيسية، أهم الأمثلة التي ناقشها، وأثر هذه التدخلات على الدول المستهدفة، إلى جانب استعراض أهميته للجمهور المعاصر.
- نبذة عن المؤلف:
ستيفن كينزر، صحفي ومؤلف أمريكي بارز، عمل مراسلاً دوليًا لصحيفة نيويورك تايمز وغطى العديد من الأحداث التاريخية حول العالم. يُعرف كينزر بأسلوبه العميق في تحليل القضايا السياسية، حيث تناول في كتاباته موضوعات مثل الاستعمار الجديد والتدخلات الأجنبية.
- نظرة عامة على الكتاب:
صدر الكتاب عام 2006، وهو يتناول 14 حالة تدخل مباشر أو غير مباشر قامت بها الولايات المتحدة للإطاحة بأنظمة سياسية بين عامي 1893 و2003. يربط كينزر هذه الحالات بخيوط مشتركة توضح الأساليب والأهداف الأمريكية، مع التركيز على تحقيق الهيمنة السياسية أو الاقتصادية، دون مراعاة العواقب بعيدة المدى على الشعوب والدول المستهدفة.
- الأفكار الرئيسية في الكتاب:
1. التدخل الأمريكي: استراتيجية مستمرة منذ القرن التاسع عشر
يفتتح كينزر الكتاب باستعراض تاريخي لتدخل الولايات المتحدة في مملكة هاواي عام 1893، حيث دعمت الشركات الأمريكية انقلابًا أطاح بالنظام الملكي المحلي. يصف هذا الحدث كنقطة انطلاق لاستراتيجية طويلة الأمد تهدف إلى السيطرة على الموارد والأسواق العالمية.
2. التدخل العسكري والاقتصادي كأدوات للهيمنة
يستعرض الكتاب أمثلة مختلفة لتدخلات الولايات المتحدة، مثل الانقلاب على حكومة إيران المنتخبة عام 1953، ودورها في إسقاط الرئيس التشيلي سلفادور أليندي عام 1973. يوضح كينزر كيف استخدمت الولايات المتحدة قوتها العسكرية والاقتصادية لضمان تحقيق مصالحها في النفط والتجارة.
3. النتائج الكارثية على الدول المستهدفة
يشير كينزر إلى أن معظم هذه التدخلات أدت إلى اضطرابات طويلة الأمد في الدول المستهدفة، مثل تصاعد العنف، تدهور المؤسسات الديمقراطية، وانعدام الثقة الشعبية في الأنظمة المدعومة من الخارج.
4. التغيير الثقافي والسياسي في الولايات المتحدة
يناقش كينزر كيف ساهمت هذه التدخلات في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية، وتحويلها إلى قوة مهيمنة عالميًا، مع التأثير السلبي على صورتها أمام العالم.
أمثلة بارزة ناقشها الكتاب:
- هاواي (1893): التدخل لإسقاط الملكة ليليوكالاني بهدف السيطرة على تجارة السكر.
- إيران (1953): انقلاب مدعوم من وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) ضد حكومة محمد مصدق.
- غواتيمالا (1954): دعم الانقلاب على الرئيس جاكوبو أربينز للحفاظ على مصالح شركة “يونايتد فروت” الأمريكية.
- تشيلي (1973): الإطاحة بسلفادور أليندي لدعم نظام عسكري موالٍ للولايات المتحدة.
- العراق (2003): الحرب على العراق تحت ذريعة أسلحة الدمار الشامل، والتي أدت إلى انهيار الدولة وظهور جماعات متطرفة.
أهمية الكتاب:
- فضح الأجندات الخفية: يقدم الكتاب سردًا تاريخيًا موثقًا يساعد القارئ على فهم الدوافع الحقيقية خلف التدخلات الأمريكية.
- التأثير على السياسة الدولية: يساعد الكتاب في فهم العلاقات الدولية وأسباب العداء أو الحذر تجاه السياسات الأمريكية في بعض الدول.
- دروس للمستقبل: يبرز أهمية التفكير في العواقب طويلة الأمد للتدخلات الخارجية على الدول المستهدفة.
يتميز كينزر بأسلوبه السلس في المزج بين السرد التاريخي والتحليل السياسي. يربط بين الحالات المختلفة بخيوط واضحة توضح استمرارية الفكر الإمبريالي الأمريكي، مع توثيق شامل لكل حالة. ومع ذلك، يمكن القول إن الكتاب يفتقر أحيانًا إلى تناول أعمق لأبعاد المقاومة المحلية أو نظرة الشعوب المستهدفة لهذه التدخلات.
يُعد كتاب الإطاحة: القرن الأمريكي في تغيير الأنظمة من هاواي إلى العراق مرجعًا هامًا لفهم تاريخ السياسة الخارجية الأمريكية وأثرها العميق على العالم. سواء كنت باحثًا أو قارئًا مهتمًا بالسياسة الدولية، يقدم الكتاب منظورًا فريدًا ومعلومات موثقة تساعد على تحليل الحاضر وفهم الماضي بشكل أعمق.
