المكتبة الظاهرية؛ في دمشق ليست مجرد مكتبة، بل هي شاهد حي على تقلبات التاريخ الإسلامي وما تعرضت له مدينة دمشق من أحداث، إذ ولدت من رحم المحن بعد اجتياح جيش تيمورلنك للمدينة في سنة 803 هـ. تمتاز المكتبة بقيمتها التراثية والعمرانية، وتحتفظ بمخطوطات نادرة تجعلها من أبرز المكتبات الإسلامية في العالم.
- البداية المأساوية
في عام 803 هـ، اجتاح جيش تيمورلنك مدينة دمشق، وأضرم فيها النيران التي التهمت أحياءها بالكامل. تشير الروايات التاريخية إلى أن النيران استمرت مشتعلة لثلاثة أيام متواصلة. بعد انطفاء الحريق، بدأ سكان المدينة في البحث عن أي كتب أو مخطوطات نجت من الدمار. تم جمع هذه الكتب والمخطوطات ونقلها إلى المدرسة الظاهرية، التي أصبحت لاحقًا تُعرف بـ”المكتبة الظاهرية”.
- المدرسة الظاهرية: منارة معمارية
تعود تسمية المدرسة الظاهرية إلى الظاهر بيبرس، السلطان المملوكي الذي أمر ببنائها عام 676 هـ. تمثل المدرسة الظاهرية تحفة معمارية فريدة من نوعها في العالم الإسلامي، حيث تجمع بين روعة التصميم الإسلامي التقليدي والوظيفة الثقافية.
- التصميم الداخلي: تتميز المكتبة بجدران مزخرفة بأشكال هندسية بديعة وزخارف نباتية تعكس جمال العمارة الإسلامية.
- الموقع: تقع في قلب مدينة دمشق، مما ساعدها على أن تصبح مركزًا ثقافيًا وعلميًا للباحثين.
محتويات المكتبة
المكتبة الظاهرية تُعدّ كنزًا علميًا يحتوي على مخطوطات نادرة وقيّمة، جمعت في البداية من الكتب التي نجت من حريق تيمورلنك. وقدّر عدد المخطوطات التي جمعتها بأكثر من 11 ألف مجلد، تشمل موضوعات مختلفة من العلوم الدينية إلى الأدب والفلسفة والطب.
أبرز محتويات المكتبة:
- مخطوطات نادرة: تضم المكتبة مخطوطات يعود تاريخها إلى القرنين الثالث والثالث عشر هجري، مما يجعلها مصدرًا مهمًا للباحثين في التاريخ الإسلامي.
- أقسام متخصصة: تحتوي المكتبة على أقسام مخصصة للصحف والمجلات العربية والأجنبية، مما يعكس تنوع مصادر المعرفة التي توفرها.
- كتب الوقف: تحتفظ المكتبة بالعديد من الكتب التي أوقفها علماء وأمراء دمشق خلال العصور الإسلامية المختلفة.
دور المكتبة الظاهرية في حفظ التراث
لعبت المكتبة الظاهرية دورًا أساسيًا في حفظ التراث الدمشقي والإسلامي عبر العصور. فمن خلال المخطوطات التي تحتويها، أصبحت المكتبة مرجعًا أساسيًا للباحثين والمهتمين بالدراسات الإسلامية والتراثية. كما أنها ساهمت في توثيق الحياة الثقافية والعلمية في دمشق، واحتفظت بجزء كبير من ذاكرة المدينة بعد المحن التي مرت بها.