“الخزانة الزيدانية” مكتبة السلطان المغربي التي استولى عليها القراصنة
لتطوير هذه المادة وجعلها أصيلة وجديدة بالكامل، يمكننا إضافة بعض التفاصيل التاريخية والشرح المفصل حول محتوى المخطوطات وأهميتها الثقافية والعلمية، مع إعادة ترتيب الفقرات وصياغتها بشكل موسع. إليك إعادة إنتاج المادة بتفاصيل دقيقة:
- الخزانة الزيدانية: مكتبة ملكية تاريخية ومطالبة مستمرة بالاسترجاع
تعتبر “الخزانة الزيدانية” واحدة من أبرز وأندر المجموعات المخطوطة في التاريخ العربي والمغربي، تضم مجموعة نادرة من المخطوطات التي كانت ملكاً للسلطان المغربي “زيدان الناصر بن أحمد”، الذي كان آخر السلاطين السعديين في المغرب.
تم الاستيلاء على هذه المخطوطات في عرض البحر في سنة 1612م من قبل قراصنة إسبان، لتصبح في النهاية جزءاً من مكتبة دير الإسكوريال في إسبانيا، حيث لا تزال محفوظة إلى يومنا هذا.
- أهمية علمية وتاريخية
الخزانة الزيدانية تضم مجموعة فريدة من المخطوطات التي تعكس غنى وتنوع الفكر العربي في مجالات مختلفة من العلم والأدب. فإلى جانب الكتب التي كانت تخص السلطان زيدان ووالده السلطان أحمد المنصور الذهبي.
تشمل المخطوطات ما كان يمتلكه السلطان زيدان من مكتبات أخويه الشيخ المأمون وأبي فارس بعد وفاتهما. هذه المجموعة لم تقتصر على المخطوطات العربية، بل تضم أيضاً دراسات بلغات أخرى، مثل التركية والفارسية واللاتينية، مما يعكس التبادل الثقافي والتاريخي بين المغرب والعالم الإسلامي في تلك الفترة.
- القصة التاريخية للخزانة الزيدانية
تبدأ القصة في عام 1612م، حينما اضطر السلطان زيدان الناصر السعدي للهرب من مراكش بعد ثورة ابن أبي محلي. قرر زيدان السفر من ميناء آسفي إلى أكادير، حيث استأجر سفينة فرنسية تُدعى “نوتر دام دو لا غارد”، التي كانت تحت إشراف القنصل الفرنسي جان فيليب دي كاستيلو. كانت السفينة محملة بأمتعته، بما في ذلك خزانته الثمينة التي تحتوي على أربعة آلاف مخطوط من مختلف فنون العلم والأدب.
لكن رحلة السفينة لم تسر كما هو مخطط لها. ففي اللحظة الأخيرة، غير القنصل وجهة السفينة ليبحر بها نحو مدينة أغادير. بعد عدة أيام من التأخير بسبب مشاكل مالية، قرر القنصل أن يسافر إلى مرسيليا محملاً بالخزانة والعديد من الممتلكات الأخرى، بما في ذلك التاج والصولجان الملكي.
لكن السفينة تعرضت لهجوم من قراصنة إسبان في البحر، حيث تم الاستيلاء عليها بسهولة، وتم توجيه السفينة إلى مدينة بلنسية الإسبانية. بعد الفحص، اكتشف الإسبان أن السفينة كانت تحمل مخطوطات بدلاً من الذهب، فقرروا إرسالها إلى ملك إسبانيا فيليب الثالث.
- الخزانة الزيدانية في دير الإسكوريال
تم نقل المخطوطات إلى دير الإسكوريال بالقرب من مدريد، حيث أسس ملك إسبانيا فيليب الثالث مكتبة ضخمة تضم المخطوطات. لكن في عام 1671م، تعرضت المكتبة لحريق كبير دمر جزءاً كبيراً من المخطوطات، ولم ينجُ منها سوى حوالي ألفين مخطوط. رغم ذلك، تظل هذه المجموعة واحدة من أهم خزائن المخطوطات في تاريخ المغرب والعالم العربي.
- الدور الإسباني في تصنيف المخطوطات
في عام 1749م، تم تعيين ميخائيل الغزيري، وهو مترجم للغات الشرقية ومدير مكتبة الأسكوريال، لفحص المخطوطات العربية في المكتبة وإعداد تقرير عنها. قام الغزيري بإعداد فهرس مفصل للمخطوطات العربية في المكتبة، وقام بنشره لاحقاً باللغة اللاتينية في 1760م.
كان هذا الفهرس من بين أولى المحاولات الجادة لتوثيق المخطوطات العربية في أوروبا، وأدى إلى تطور الاستشراق في إسبانيا.
- مطالبات استرجاع الخزانة الزيدانية
منذ القرن السابع عشر، بدأ المغرب يطالب باسترجاع هذه الخزانة العريقة. كانت الدبلوماسية المغربية، بقيادة السلاطين من أسرة السعديين ثم العلويين، تسعى لإعادة هذه المخطوطات إلى بلادها. وكانت المطالبات تتضمن العودة إلى المخطوطات التي كانت تعتبر جزءاً من التراث العلمي والتاريخي للمغرب.
- محاولات دبلوماسية لاسترجاع الخزانة
حاول السلطان زيدان نفسه التفاوض مع البلاط الإسباني لاستعادة كتبه ومخطوطاته، بل وعرض 60,000 درهم ذهبي مقابل إعادتها، لكنه فشل في محاولاته المتكررة. لم تتوقف الجهود حتى بعد وفاته، حيث استمرت العائلة المالكة المغربية في المطالبة باسترجاع المخطوطات.
في فترات لاحقة، قام العديد من السفراء المغاربة بزيارة إسبانيا للتفاوض حول هذه القضية. من بين هؤلاء كان الوزير محمد بن عبد الوهاب الغساني في عام 1690م، الذي دون رحلته في كتابه “رحلة الوزير في افتكاك الأسير” وتطرق إلى المخطوطات المغربية في الأسكوريال.
- اتفاقية عام 2009: خطوة جديدة نحو استرجاع المخطوطات
في عام 2009، وبعد سنوات من المفاوضات التي قادها وزير الثقافة المغربي بنسالم حميش، تم التوصل إلى اتفاق بين المغرب وإسبانيا يسمح للمغرب بنسخ العديد من المخطوطات الزيدانية على الميكروفيلم. وقد تم استنساخ المخطوطات خدمة للبحث العلمي، وأكدت إسبانيا للمغرب أن المخطوطات ستظل في مكانها في الأسكوريال، ولكن مع الحفاظ على نسخة دقيقة منها في المكتبة الوطنية بالمغرب.
- خاتمة
تمثل الخزانة الزيدانية جزءاً مهماً من التاريخ العلمي والثقافي للمغرب، وهي شاهدة على التبادل الثقافي بين الشرق والغرب. وعلى الرغم من تعرضها للسرقة والتدمير، فإنها تبقى واحدة من أبرز المحطات في تاريخ المخطوطات الإسلامية والعربية.
ورغم محاولات المغرب المستمرة لاسترجاع هذه الكنوز الفكرية، تبقى المخطوطات في مكانها، لكنها حظيت بتوثيق واسع على المستوى الأكاديمي والثقافي.