الاتجاهات الفلسفية الكبرى

الاتجاه الإمبريقي في الفلسفة

الفلسفة التجريبية أو الإمبريقية؛ هي توجه فلسفي يؤمن بأن كامل المعرفة الإنسانية تأتي بشكل رئيسي عن طريق الحواس والخبرة. تنكر التجريبية وجود أية أفكار فطرية عند الإنسان أو أي معرفة سابقة للخبرة العملية.

النظرية هي المفاهيم التي يتوصل إليها الباحث بناء على ملاحظته لتجربة أو مجموعة تجارب أو حدث أو مجموعة أحداث وعلى الرغم من اختلاف الباحثين في دراسة الاعلام والاتصال لمفهوم النظرية.

لكنها في معظمها تتفق على أن الهدف منها هو الوصول إلى استنتاجات علمية تصف علاقات وظيفية بين متغيرات يتم قياسها أو استقرائها ويسبق ذلك فروض علمية يضعها الباحث لمعرفة العلاقة بين تلك المتغيرات بهدف الوصف أو التنبأ أو التحكم في الظاهرة المدروسة.

أما مصطلح إمبيريقية فيعبر عن الخبرة والخبرة مصدرها الحواس وبالتالي فإن المعرفة الإنسانية تستمد شرعيتها من مرورها بهذه الحواس حتى تصبح بذلك قابلة للتحقق من صحتها ومفهوم الامبريقية يدل عن كل ما يتعلق بدراسة المجتمع الإنساني بالاحتكام إلى الواقع المحسوس سواء في اختيار المشكلة وجمع الحقائق أو تصنيف البيانات وتحليلها.

وعموما، التجريبية اليوم تعني المنهج التجريبي للوصول للمعرفة، استنادا إلى البحوث وإلى الطرق الاستدلالية، التي تفضل عن المنطق الاستنباطي الخالص. في هذا المعنى، يمكن ضم في التيار التجريبي شخصيات مثل أرسطو، توما الاكويني، روجر بيكون، توماس هوبز، وفرانسيس بيكون.

إنَّ المفهوم المركزي في العلوم والطرق العلمية هو أنها يجب أن تستند على دلائل محسوسة تجريبيًا. تستخدم كل من العلوم الطبيعية والاجتماعية فرضيات العمل القابلة للاختبار من خلال الملاحظة والتجربة.

يُستخدم مصطلح (شبه التجريبي) أحيانًا لوصف الأساليب النظرية التي تَستخدم البديهيات الأساسية (القوانين العلمية المعترف بها) والنتائج التجريبية السابقة من أجل الانخراط في بناء نموذج منطقي وإجراء بحث نظري.

لا يملك الفلاسفة التجريبيون أي معرفة فطرية للقيام بالاستنتاجات ما لم تكن تلك المعرفة مستمدة من تجربة حسية سابقة لشخص ما. عادة ما تتناقض هذه الفكرة مع الفلسفة العقلانية والتي تنص على أن المعرفة قد تكون مستمدة من العقل بمعزل عن الحواس.

على سبيل المثال رأى جون لوك أنه يمكن الوصول إلى بعض المعرفة (مثل معرفة وجود الله) من خلال الحدس والاستدلال وحده.

وأيضًا قال روبرت بويل (وهو أحد المدافعين البارزين عن المنهج التجريبي) أن لدينا أفكارًا فطرية. كان الفلاسفة العقلانيون الأوروبيون الرئيسيون (ديكارت وسبينوزا وليبنتز) من مناصري المنهج العلمي التجريبي.

  • البدايات الأولى للفلسفة التجريبية

قبلت مدارس فايشيشيكا ودارسانا التي أسسها الفيلسوف الهندي القديم كانادا الإدراك والاستدلال باعتبارهما المصدرين الوحيدين الموثوقين للمعرفة. تم ذكر هذا في كتابه السنسكريتي كانادا سوترا (Vaiśeṣika Sūtra).

كانت بداية الفلسفة التجريبية الغربية في المدرسة التجريبية الطبية للأطباء اليونانيين الممارسين القدماء الذين رفضوا المذاهب الثلاثة للمدرسة العقائدية في الطب (المدرسة الدوغمائيّة) مفضلين الاعتماد على استدلالات الفلسفة الظاهراتية.

إن مفهوم الصفحة البيضاء (اللوحة الفارغة) يشير إلى وجهة النظر التي تعتبر أن العقل في الأصل يكون سجلًا فارغًا تترك الخبرات عليه آثار (استخدم الفيلسوف جون لوك مصطلح الصفحة البيضاء)، وهذا يناقض مفهوم أن البشر لديهم أفكار فطرية.

لم يكن تفسير أرسطو لذلك تفسيرًا تجريبيًا بالمعنى الحديث بل كان يستند إلى نظريته في الاحتمال والواقع، ولا تزال تجربة الإدراك الحسي تتطلب مساعدة التفكير المنطقي النشيط. تتناقض هذه المفاهيم مع المفاهيم الأفلاطونية للعقل البشري ككيان موجود مسبقًا في مكان ما في السماء قبل إرساله إلى الأرض لينضم إلى الجسد.

كان أرسطو يعطي مكانة هامّة للإدراك الحسي أكثر من أفلاطون، وقد لخّص النقاد في العصور الوسطى أحد مواقفه كالتالي؛ (لا يوجد شيء داخل العقل دون وجوده أولًا بشكل محسوس).

تم تطوير هذه الفكرة لاحقًا في الفلسفة القديمة من قبل المدرسة الرواقية. تؤكد نظرية المعرفة الرواقية عمومًا على أن العقل يبدأ فارغًا، ولكنه يكتسب المعرفة عندما يؤثر عليه العالم الخارجي.

يلخص المؤرخ الإثيوبي آيتيوس (Aetius) هذه النظرة بقوله: «يقول اتباع المدرسة الرواقية أنه عندما يولد رجل يكون الجزء الآمر من روحه (عقله) مثل ورقة بيضاء جاهزة للكتابة عليها».

تم تطوير نظرية الصفحة البيضاء لأرسطو خلال العصور الوسطى من قبل الفلاسفة المسلمين بدءًا من الفارابي، ومن ثم ابن سينا الذي طورها لنظرية مدروسة بعناية، وبُرهنت كتجربة فكرية من قبل ابن طفيل.

بالنسبة لابن سينا فإن نظرية الصفحة البيضاء مجرد احتمال تم اثباته من خلال التعليم، ويتم الحصول على العلم من خلال (المعرفة التجريبية للأشياء الموجودة في هذا العالم والتي تؤدي إلى استنتاج وتطوير المفاهيم العالمية من خلال طريقة القياس المنطقي للإدراك التي عن طريقها تؤدي الأبحاث إلى استنتاج بيانات، وتُجمَع البيانات لتعطي مزيدًا من المفاهيم).

يتطور الفكر من العقل المادي (الدماغ بالمعنى المادي)، وهو الذي يستطيع اكتساب المعرفة ووضعها في العقل، أي هي حالة دمج العقل البشري مع مصدر مثالي من المعرفة، لذلك فإن المفهوم الروحي للعقل الفعال يختلف بين كل فرد، ولا يزال من الضروري فهمه لكي يكون موجودًا.

بالعربيّة

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى