الرجل المعلق – ابن سينا
الرجل المعلق؛ فكرة طرحها الفيلسوف المسلم ابن سينا (ت. ٤٢٧ هـ) لإثبات وجود النفس.
ذكر ابن سينا مسألة الرجل المعلق في المقالة الأولى من الفن السادس من الطبيعيات ضمن كتاب الشفاء، حيث يقول:
«يجب أن يتوهم الواحد منا كأنه خلق دفعة وخلق كاملا، ولكنه حجب بصره عن مشاهدة الخارجات، وخلق يهوى في هواء أو خلاء هوياً لا يصدمه فيه قوام الهواء صدما ما يحوج إلى أن يحس، وفرق بين أعضائه فلم تتلاق ولم تتماس، ثم يتأمل أنه هل يثبت وجود ذاته فلا يشك في إثباته لذاته موجوداً.
ولا يثبت مع ذلك طرفا من أعضائه ولا باطنا من أحشائه ولا قلبا ولا دماغا ولا شيئا من الأشياء من خارج، بل كان يثبت ذاته ولا يثبت لها طولا ولا عرضا ولا عمقا.
ولو أنه أمكنه في تلك الحال أن يتخيل يداً أو عضواً آخر لم يتخيله جزءاً من ذاته ولا شرطا في ذاته؛ وأنت تعلم أن المثبت غير الذي لم يثبت، والمقر به غير الذي لم يقر به، فإذن للذات التي أثبت وجودها خاصية لها على أنها هو بعينه غير جسمه وأعضائه التي لم يثبت.».
نفس هذه النظرية؛ ذكرها ابن سينا بصيغة غير مباشرة في كتابه «الإشارات والتنبيهات»
«إرجع إلى نفسك و تأمّل هل إذا كنت صحيحا بل و على بعض أحوالك غيرها بحيث تفطن للشيء فطنة صحيحة هل تغفل عن وجود ذاتك و لا تثبت نفسك. ما عندي أن هذا يكون للمستبصر حتى أن النائم في نومه و السكران في سكره لا يعرف ذاته عن ذاته.
وإن لم يثبت تمثله لذاته في ذكره، و لو توهمت أن ذاتك قد خلقت أول خلقها صحيحة العقل و الهيئة و فرض أنها على جملة من الوضع و الهيئة لا تبصر أجزاءها و لا تتلامس أعضاؤها؛ بل هي منفرجة و معلقة لحظة ما في هواء طلق وجدتها قد غفلت عن كل شيء إلا عن ثبوت إنيتها.».