أطلق المغرب منذ سنواتٍ مشروعَ الجهوية المتقدمة، والتي تروم إلى تحقيق نوعٍ من الاستقلال الاقتصادي والإداري والحد من المركزية القُطرية، ويقوم هذا المشروع أساسا على تعزيز قدرات الجهات اقتصاديا.
وذلك بتوظيف مُؤهلاتِها وثرواتِها، خاصة الفلاحية وما تزخرُ به مِن خيراتٍ ومؤهلات، وقد تبنَّتْ وزارة الفلاحة مشروعَ التعاونيات الفلاحية، وشرَعَتْ في تعميمِه على الجهات، خصوصا الجهات الفقيرة جدا، أو التي تَنْدُر فيها فُرص العمل، وتقوم هذه التعاونيات بالأساس على تحميل أبناء المنطقة عبءَ ومسؤولية النهوض بجِهَتِهم وتطويريها اقتصاديا.
وتَم إطلاق برنامجٍ موازٍ سُمي بـ”المبادرة الوطنية للتنمية البشرية” وهي صندوق تمويلي يعمل على تمويل المشاريع وأفكار المشاريع المتوسطة و الصغيرة للحد مِن الفقر والهشاشة الاقتصادية وعم المستفيدين من تحقيق مشاريعِهم وإيجاد موردٍ قار ودائم للرزق.
تقوم المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والمحسنين بتمويل اقتناء وشراء الأدوات الضرورية للعمل كالجرارات وغيرِها من المعدات والآليات الفلاحية، وتقوم المجالس البلدية والمحسنين بمنح قطع أرضية لجعلِها مقرا للتعاونيات أو تحويليها إلى وحدات إنتاجية أو ضيعات فلاحية.
كما تضطلع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بتوفير ورصد المبالغ المالية الضرورية لتعليم المنخرطين بعض الحرف ككيفية سياقة الجرارِ مثلا، أو صُنع صناديق النحل وغيرها من التكوينات الضرورية لإعداد يد عاملة محترفة.
كما تم استحداثُ معرضٍ دولي للفلاحة، يُقام بشكل سنوي في مدينة مكناس المغربية، للتعريف بالقوة الفلاحية للمملكة، وكذا لجلب وإيجاد أسواق وطنية ودولية للتعريف بمنتجات هذه التعاونيات وتسويقِها كذلك.
- أهداف التعاونيات :
- الحفاظ على الثروات الطبيعية للمنطقة.
- الحد من الهجرة الداخلية والخارجية.
- الحفاظ على الموروث الثقافي الخاص والمُمَيِّز للجهات.
- محاربة البطالة.
- صيانة التنوع الطبيعي للمنطقة.
- تحفيز وإشراك أبناءِ وأفرادِ الجهة على بناء منطقتهم وتطويرِها وتنميتِها.
- تعزيز روح التعاون والتآزر، وغَرسُ ثقافة العمل الجماعي بينهم.
- ابتكار طرق بديلة للحصول على موارد الرزق.
- تفعيل دور المرأة في خدمة المجتمع والبيئة، وتفعيل دورها كذلك في التنمية الشاملة والمستدامة.
- نشاطات التعاونيات:
تَنشَط التعاونيات في طول وعرض المملكة المغربية، وفي كل القطاعات تقريبا، وتُعتبَر النساء ركيزتَها الأساسية، إذ لا تكاد تجد تعاونيةً ليس فيها نساءً، وفي بعض التعاونيات، تتولى المرأة إدارة التعاونية وتسييرَ أعمالِها وتسويقَ مُنتجاتِها وإيجاد المُمولين لمشاريعِها. وتَرفع هذه التعاونيات شعارَ “تنمية وتثمين الثورة الجهوية وجعلِها قابلة للتسويق”. حيث تعمل كل جهة على التركيز على ثروتِها الطبيعية أو الثقافيةِ أو الفنية، من قبيل:
- تربية الدواجن بجميع أنواعِها
حيث يتم دعم السوق الداخلية بلُحومها وبيضها، وتغطية الخصاص الموجود في هذه المواد، وضمان جودة عالية بأثمنة مناسبة وتشجيع المنافسة.
- تربية الأرانب
تربية الأرانب من بين أكثرِ المشاريع التي تنشُط فيه الجمعيات والتعاونيات عبر جهات المملكة، حيث تعودُ عليها بفوائد مادية كبيرة جدا، خصوصا بسبب الطلب المتزايد على هذه اللحوم على الصعيد الوطني.
- تربية النحل
تعمل الجمعيات على تربية أسرابِ النحل في المناطق التي تنتشر فيها الأعشاب الطبية وفي المناطق الجبلية، لإنتاج عسلٍ عالي الجودة وله خصائص غذائية وصحية عالية جدا، وتنتشر تربية النحل في المناطق التي لا توجد فيها فلاحة عصرية (كون الفلاحة التي تستخدم المبيدات تقضي على النحل).
- تربية المواشي
تربية المواشي من النشاطات التي تقوم بها التعاونيات لتغطية الطلب المتزايدِ على اللحوم، وتعمل التعاونيات مع خُبراءَ الفلاحة على تطوير نسل قُطعان الماشية، وتحسين نوعية السلالات عن طريق التلقيح والتخصيب بالمزاوجة بين الأنواع، واستيراد سلالات جيدة.
- تربية الأبقار وإنتاج الألبان ومشتقاتها
تعتبر تعاونيات تربية الأبقار من التعاونيات الرائدة جدا، حيت تستثمر في اللحوم والألبان ومشتقاتِه، وتبيع منتجاتِها عالية الجودة والخالية من أي مواد صناعية بأثمنة ممتازة جدا للوحدات الانتاجية الكبرى.
- تسويق المأكولات التقليدية والشعبية
كالحلويات مثلا، عن طريق إنشاء وحدات صناعية للإنتاج والتعليب والتغليف والشحن والتسويق، وتنشط هذه التعاونيات في المناطق التي لا تتمتع بمؤهلات فلاحية مقبولة.
- جمع الأعشاب الطبية والعِطرية
ويتم بيعُها للمختبرات الطبية وصيدليات التجميل، تَحتاج هذه العملية لتكوينٍ خاص تضطلع به الجهات المخوَّلة بالتكوين، كما تعمل تعاونية جمع الأعشاب على عقد شراكات مع الجهات التي تستورد هذا المنتوج، خاصة من دول أوروبا واليابان لتكوين الأهالي وتدريبِهم على الطرق والأساليب العصرية الصحيحة في الجني، بالإضافة إلى تمويلِهم للدورات التكوينية والتدريبية فيما يخص جمع وجني وحفظ هذه الأعشاب بطريقة سليمة وآمنة ومضمونة.
- غرس أشجار الزيتون
غرس أشجار الزيتون والاستفادة من ثمار الزيتون إما بتعليب أو التسويق، وإما بالعصر واستخلاص الزيوت، هي كذلك من الأنشطة المنتشرة بين التعاونيات خاصة في المناطق التي تعرف انتشارا واسعا لشجرة الزيتون، وتتميز بعض التعاونيات باعتمادها على الوسائل الآمن في الزراعة والجني وتتمتع منتوجاتُها بجودة عالية لخلُوٍّ منتجاتها من المبيدات والأسمدة الكيماوية.
- صناعة النسيج والزرابي وغيرها من الحِرف اليدوية.
وتشمل كل الصناعات التقليدية والحرف اليدوية العتيقة كالخياطة التقليدية والعصرية وصناعة الفخار والحصير والخزف وتسويقها في السوق الداخلية حيث يستهوي منظرِها السياح بشكل لافت.
- إنتاج زيت الأركان بنوعيه
تنتشر في المناطق الجنوبية خصوصا في منطقة سوس، تعاونياتٌ كثيرة تشتغل في مجال جني ثمار الأركان واستخراج زيوتها بنوعيْها الغذائية والتجميلية، وبيعِها في السوق الداخلية، وتصدير الزيت المعد للتجميل لمختبرات التجميل، خصوصا التي تعقد شراكات مع هذه التعاونيات.
- نماذج أخرى من التعاونيات الفلاحية في المغرب:
- تعاونيات جَمْع محار البحر
- تعاونيات إنتاج الخضر والفواكه
- التعاونيات الغابوية والتي تضم الخشابِين والفحامين والحطابين
- تعاونيات إنتاج نبات الصبار و المنتوجات الفلاحية المرتبطة به.
- مشاريع تطويرية متقدمة للتعاونيات بالمغرب
تهدف العديد من التعاونيات الرائدة في مناطق مختلفة من المغرب، إلى تحقيق مشروع الوحدة والاندماج عن طريق جمع التعاونيات التي تنشط في منطقة أو جهة معينة، وضمِّها في اتحادات فيديرالية، لتحقيق وحدة انتاجية واقتصادية متكاملة، وتوحيد الجهود والموارد، وتحقيق دورة انتاجية واقتصادية متكاملة، تعود بالنفع المادي والتنموي على المنطقة، وتساهم في ازدهارِها وتطورها.