نهج البلاغة – pdf
نَهْجُ البَلاغَةِ، هُوَ مَجْمُوعَةٌ شَهِيْرَةٌ مِنْ خُطَبٍ، رَسَائِلٍ، تَفَاسِيْرٍ، ورواياتٍ منسوبةٍ إلى الإمامِ عَليٍّ بنُ أبي طالِب عليه السلام، ابنُ عمِّ النبيِّ محمد صلى الله عليه وسلم. جمعها الشريف الرضي أحد علماء الشيعة في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي). نهج البلاغة معروفٌ لفصاحةِ محتواهِ، ويُعتبرُ تحفةً أدبيةً وبلاغية بديعة ونادرة.
اشتمل الكتاب على عددٍ كبيرٍ من الخطبِ والمواعظَ والعهودِ والرسائلَ والحكم والوصايا والآداب، متوزّعةً على 238 خطبة، و79 رسالة و489 قولًا. اشتملت مواضيع الكتاب: معارفَ التوحيدِ، نصائحَ ومواعظَ، بيانًا للأحداث السياسية، وعهودًا للولاة وتنبيههم. بعد مقدمة قصيرة، يضع المؤلف كلام علي في ثلاثة أقسام: الخطب والكتب والحكم، مضيفًا إليه توضيحات مختصرة.
الكتاب مكون من 4 أجزاء:
الجزء الأول: مقدمة الشريف الرضي ويشرح فيها سبب جمعه للكتاب وملخص الكتاب.
الجزء الثاني: خطب أمير المؤمنين وفيه مجموعة من الخطب التي ألقاها الإمام علي على الناس.
الجزء الثالث: كتب أمير المؤمنين وفيه فحوى بعض الكتب والرسائل التي ارسلها الإمام علي إلى عماله في الأمصار أو أعدائه.
الجزء الرابع: حكم أمير المؤمنين وفيه مقتطفات من كلام الإمام علي وحكمه ووصاياه.
تُرجم الكتاب للعديد من اللغات منها الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والرومانية والروسية والأردية والفارسية وغيرها كثير من اللغات.
- أقوال العلماء والأدباء في نهج البلاغة
قال جورج جرداق:
«وآيته في ذلك نهج البلاغة الذي يقوم في أسس البلاغة العربية في ما يلي القرآن من الأسس وتتصل به أساليب العرب في نحو ثلاثة عشر قرنًا فتبني على بنائه وتقتبس منه ويحيى جيدها في نطاق من بيانه الساحر.
أما البيان وصل علي سابقة بلاحقه فضم روائع البيان الجاهلي الصافي المتحد بالفطرة السليمة اتحادًا مباشرًا إلى البيان الإسلامي الصافي المهذب المتحد بالفطرة السليمة والمنطق القوي اتحادًا لا يجوز فيه فصل العناصر بعضها عن بعض.
فكان له من بلاغة الجاهلية ومن سحر البيان النبوي، ما حدا بعضهم إلى ان يقول في كلامه إنه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوق.» – جورج جرداق، روائع نهج البلاغة.
قال المستشرق الفرنسي هنري كوربين:
«تأتي اهمية هذا الكتاب في الدرجة الأولى بعد القرآن وأحاديث النبي، ليس بالنسبة للحياة الدينية في التشيع عمومًا وحسب، بل بالنسبة لما في التشيع من فكر فلسفي.
وأنّك لتشعر بتأثير هذا الكتاب بصورة جمة من الترابط المنطقي في الكلام؛ ومن استنتاج النتائج السليمة؛ وخلق بعض المصطلحات التقنية العربية التي أدخلت على اللغة الأدبية والفلسفية فأضفت عليها غنى وطلاوة، وذلك أنها نشأت مستقلة عن تعريب النصوص اليونانية».
قال أحمد حسن الزّيات:
« ولا نعلم بعد رسول الله فيمن سلف وخلف أفصح من علي في المنطق، ولا أبلّ منه ريقًا في الخطابة، كان حكيمًا تتفجر الحكمة من بيانه، وخطيبًا تتدفّق البلاغة على لسانه، وواعظًا ملء السمع والقلب، ومترسلًا بعيد غور الحجة، ومتكلمًا يضع لسانه حيث يشاء.
وهو بالإجماع أخطب المسلمين وإمام المنشئين، وخُطبه في الحثّ على الجهاد ورسائله إلى معاوية ووصف الطاووس والخفاش والدنيا، وعهده للأشتر النخعي إن صحَّ تعدّ من معجزات اللسان العربي وبدائع العقل البشري، وما نظن ذلك قد تهيأ له إلا لشدة خلاطه الرسول ومرانه منذ الحداثة على الكتابة له والخطابة في سبيله.» – أحمد حسن الزيات.
قال الهنداوي:
«لا نكاد نرى كتابًا انفرد بقطعات مختلفة يجمعها سلك واحد من الشخصية الواحدة والأسلوب الواحد، كما نراه في نهج البلاغة، لذلك نقرر ونكرر أن النهج لا يمكن أن يكون إلا لشخص واحد نفخ فيه نفس واحد.» – الهنداوي.
قال محمد عبده:
«جمع الكتاب – أي نهج البلاغة – ما يمكن أن يعرض الكاتب والخاطب من أغراض الكلام، فيه الترغيب، والتنفير، والسياسات، والجدليات، والحقوق وأصول المدنية وقواعد العدالة، والنصائح والمواعظ، فلا يطلب الطالب طلبه إلا ويرى فيه أفضلها، ولا تختلج فكرة إلا وجد فيه أكملها.» – محمد عبده.
وقال كذلك: «وليس في أهل هذه اللغة إلاّ قائل بأنّ كلام الإمام عليّ بن أبي طالب هو أشرف الكلام وأبلغه بعد كلام الله تعالى وكلام نبيّه، وأغزره مادّة، وأرفعه أُسلوبًا، وأجمعه لجلائل المعاني.» – محمد عبده.
قال الفاضل الآلوسي:
«هذا كتاب نهج البلاغة قد استودع من خطب الإمام علي بن أبي طالب سلام الله عليه ما هو قبس من نور الكلام الإلهي وشمس تضيء بفصاحة المنطق النبوي.» – الفاضل الآلوسي.
قال ابن نباتة:
«حفظت من الخطابة كنزًا لا يزيده الإنفاق إلاّ سعة وكثرة، حفظت مائة فصل من مواعظ عليّ بن أبي طالب.» – ابن نباتة.
قال الفيلسوف زكي نجيب محمود في كتابه المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري ص 31:
«ونجول في أنظارنا في هذه المختارات من أقوال الإمام عليّ، الّتي اختارها الشريف الرضي (970 م ـ 1016) وأطلق عليها: نهج البلاغة، لنقف ذاهلين أمام روعة العبارة وعمق المعنى.. فإذا حاولنا أن نصنّف هذه الأقوال تحت رؤوس عامّة تجمعها، وجدناها تدور ـ على الأغلب ـ حول موضوعات رئيسية ثلاثة.
هي نفسها الموضوعات الرئيسية الّتي ترتد إليها محاولات الفلاسفة، قديمهم وحديثهم على السواء، ألا وهي: الله والعالم والإنسان.
وإذًا فالرجل ـ وإن لم يتعمّدها ـ فيلسوف بمادّته وإن خالف الفلاسفة في أنَّ هؤلاء قد غلب عليهم أن يقيموا لفكرتهم نسقًا على صورة مبدأ ونتائجه، وأمّا هو فقد نثر القول نثرًا في دواعيه وظروفه.» – زكي نجيب محمود.
قال لبيب بيضون:
«لا يشكّ أديب أو مؤرّخ أو عالم ديني أو اجتماعي في ما لنهج البلاغة من قيمة جلّى، وإنّه في مصافِ الكتب المعدودة، والّتي تعتبر من أُمّهات الكتب.» – لبيب بيضون.
قال صبحي الصالح:
«منذ أن تصدّى الشريف الرضي لجمع ما تفرّق من كلام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ووسمه نهج البلاغة أقبل العلماء والأُدباء على ذلك الكتاب بين ناسخ له يحفظ نصّـه في لوح صـدره، وشارح له ينسم الناس عن تفسيراته وتعليقاته.» – صبحي الصالح، مقدمته لنهج البلاغة.
قال محسن الأمين:
«ومن التحامل على أمير المؤمنين على بن أبى طالب التماس الوجوه والطرق والوسائل لإنكار نسبة نهج البلاغة إليه، وأنه من تأليف السيد الرضي.» – محسن الأمين.
عدّ بعض الباحثين نحوًا من 370 مؤلفًا حول نهج البلاغة من الشرح والتفسير والترجمة وغيرها، وقد طبعت إلى الآن نحو من خمس عشرة ترجمة لنهج البلاغة.
وهذا ما يوضح إلى حد ما مكانة الكتاب وقيمته بين المسلمين. هناك ترجمات فارسية كثيرة لنهج البلاغة، من أبرزها ترجمة علي نقي فيض الإسلام والدكتور السيد جعفر شهيدي.
حاول بعض الباحثين جمع ما لم يأت به الرضي في نهج البلاغة من كلام الإمام. وأهم هذه المحاولات هو نهج السعادة في مستدرك نهج البلاغة. هذه المجموعة جمعها الشيخ محمد باقر المحمودي في ثمانية مجلدات. هناك معاجم ألفاظ وموضوعات لنهج البلاغة سهلت البحث والرجوع إليه.
كما تم إعداد بعض البرامج الكمبيوترية لنهج البلاغة وبعض شروحه. من أشهر تحقيقات نهج البلاغة تحقيق الشيخ محمد عبده وتحقيق صبحي الصالح. كما يشتهر في اللغة الفارسية تحقيق فيض الإسلام، وطبعة جديدة من نهج البلاغة، حققها ونشرها الدكتور صبري إبراهيم السيد.
وهو أستاذ بجامعتي قطر وعين شمس، ووصفها على الغلاف بانها «نسخة جديدة محققة وموثقة تحوي ما ثبت نسبته للإمام علي (رضي الله عنه وكرم الله وجهه) من خطب ورسائل وحكم» وقد قدم لها عبد السلام محمد هارون ونشرتها «دار الثقافة» بالدوحة عام 1986.
وقد خلص هذا المحقق إلى ان ما صحت نسبته من الكتاب إلى الإمام علي هو(114 خطبة) و(52 رسالة) و(125 حكمة).