اقتباساتاللغة العربيةبلاغة وحِجاج

قُل ولا تَقُل – لمسات بيانية

أ.د عبد الله الدايل

  • شحات أو شحاذ

نسمع بعضهم يقول للذي يَشْحَذ أي يُلِحّ في طلب الحاجة من مالٍ وغيره: شَحَّات – بالتاء، وهذا غير صحيح، والصواب: شَحَّاذ – بالذال أو شَحَّاث بالثاء – كما في المعاجم اللغويَّة، فهذا هو النطق الصحيح للكلمة، جاء في المصباح: “شَحَذْتُ الحديدة أَشْحَذُها.

أَحْدَدْتُها. وشَحَذْتُه: أَلْحَحْتُ عليه في المسألة”، وفي الوسيط: “(شَحَث) بالثاء: سَأَلَ وأَلَحَّ في السؤال … وشَحَذَ الناسَ: سَأَلَهم مُلِحًّا؛ كَشَحَثَ”. إذنْ، قُلْ: “شَحَذَ أو شَحَثَ وشَحَّاذ أو شَحَّاث – بالذال أو الثاء عند الإخبار عَمَّن يَشْحَذ، ولا تقل: شَحَتَ وشَحّات – بالتاء”،

وقولهم: شَحَّاذ أو شَحَّاث من أبنية المبالغة على وزن (فَعَّال)؛ لأنَّه وصف لمن يَشْحَذ للتكثير والمبالغة وللنسب أيضاً فكأنَّ هذا الوصف صار مِهْنَةً له كقولنا: (لَبَّان) لمن يبيع اللبن أو يصنعه، ونَجَّار، وحَدَّاد ونحو ذلك من أصحاب المِهَن.


  • كَذَبَ في حديثه – بفتح الذال – لا كَذِبَ – بكسرها

نسمع بعضهم يقول: كَذِبَ فلان – بكسر الذال – وهذا الضبط غير صحيح والصواب: كَذَبَ – بفتح الذال – فالثابت في المعاجم اللغويَّة أنَّ الفعل «كَذَبَ» من باب «ضَرَبَ» فهو مفتوح العين في الماضي مكسورها في المضارع فكما يقال: ضَرَبَ يَضْرِبُ – يقال: كَذَبَ – يَكْذِبُ – فكلاهما على وزن «فَعَلَ -يَفْعِلُ»، لذلك لا صِحَّة لقول بعضهم: كَذِبَ في حديثه – بكسر الذال.

  • أَكْرَى بيته بمعنى أَجَّرَه لا كَرَى بيته

نسمع بعضهم يقول: كَرَى فلان بيته يريد: أَجَّرَه، وهذا غير صحيح؛ لأن الفعل المجرّد لم يرد في الـمعاجم اللغويَّة بمعنى أَجَّرَ، والصواب: أَكْرَى بيته – بهمزة التعدية، فالـمزيد بالهمزة: أكْرَى هو الوارد في المعاجم بمعنى أَجَّرَ الشيء، أمَّا «كَرَى» الـمجرّد فهو بمعنى: حَفَرَ. إذنْ، قُلْ: أَكْرَى الشيء بالهمزة في أوَّلِه – بمعنى أَجَّرَه، ولا تـَــقُـلْ: كَرَى? الشيء – بصيغة الـمجرّد.

  • قـُمامة – بضمّ القاف لا قـِـمامة بكسرها

نسمع بعضهم يقول: حاوية القـِـمامة – بكسر القاف، وهذا الضبط غير صحيح إذ لم ترد بهذا الضبط في المعاجم اللغويّـة، وصواب الضبط: حاوية القُمامة – بضمّ القاف – فهذا هو الضبط الصحيح وفقا للمعاجم، فهكذا نطقت العرب،

وهذا الضبط مُطَّرد في الأشياء التي تدلّ على بقايا الأشياء مثل: حُكَاكَة القدر، ونـُشَارة الخشب، وبـُـبَرادة الحديد، وزُبـَـالة..إلخ وهو أمر قياسي أقَــرَّه مجمع اللغة العربية في القاهرة في الكلمات التي تدل على بقايا الأشياء. إذنْ، قُلْ: قــُمـَــامة – بضمّ القاف، ولا تـَــقُلْ: قـِــمَامة – بكسرها.

  • مَقْلَمَة – بفتح الميم (اسم مكان)

كثيرا ما نسمعهم يقولون: مَقْلَمَة – بفتح الميم وزيادة تاء التأنيث المربوطة – وهذا القول صحيح؛ لأنَّ هذه الكلمة اسم مكان لوضع الأقلام فهي وعاء توضع فيه الأقلام وهي بهذا الوزن قياسيَّة بناء على الأمثلة الكثيرة الواردة عن العرب وفق هذا الوزن مثل مَـلْحَـمَة مكان لبيع اللحم، ومَقْبَرة مكان لدفن الموتى، ومَزْبَـلَة – مكان لجمع الزبايل – ومَكْــتــَـبَة مكان للكتب، ومَرْسَـمَة مكان للرسم.. إلخ.

  • مَزَّقت الكتاب

كثيرا ما نسمعهم يقولون: مَزَّقت الكتاب قِطَعا قِطَعا أو مَزَّقت الحبل أو الثوب – بمعنى قَطَّعْتُه، وهذا القول عربيّ ْ صحيح مثل: مَزَّعَ الشيء ولشيوعه على ألسنة العامَّة، فهو من فصيح كلامهم فتقول: مَزَّقت الحبل قِطَعا قِطَعا أو إرْبا إرْبا والإرْب هو العضو ويجوز استعماله مع العاقل وغير العاقل على سبيل المجاز.

  • مَزَّعَ الثوب أو الكتاب بمعنى قَطَّعَه

كثيرا ما نسمعهم يقولون: مَزَّع الثوب أو الأوراق ونحو ذلك – بمعنى قَطَّعَ ويشيع ذلك على ألسنة العامّة، وهو من فصيح كلامهم؛ لأنَّ له أصلا في العربيَّة الصحيحة، فالتمزيع كما في المعاجم اللغويَّة: التقطيع – جاء في اللسان: «ومَزَّعَ اللحم فَتَمَزَّع: فَرَّقه»،

وفي القاموس المحيط: «مَزَعَ القطن: نَفَشَه بأصابعه، كَمَزَّعَه» ونجد في المعاجم الحديثة المعنى نفسه ففي الوسيط: «مَزَّعَ اللحم والثوب» وفي البستان: مَزَّع اللحم: قَطَّعَه».

  • كُلّ عام وأنتم بخير

كثيرا ما نسمعهم يقولون: كلّ عام وأنتم بخير، وهذا التعبير صحيح وشائع ويرفضه بعضهم؛ لإقحام الواو بين المبتدأ والخبر، ويرى أنَّ الصواب حذف الواو أي: كلَّ عام أنتم بخير – بنصب «كلّ» على الظرفية الزمانيَّة؛ وإعراب ما بعدها: مبتدأ وخبرا.

وهو أيضا قول صحيح – أما قولنا: «كلّ عام وأنتم بخير» فهو صحيح أيضا وأجازه مجمع اللغة العربية بالقاهرة على جعل «كلّ» مبتدأ وهو مضاف، و»عام» مضاف إليه، والخبر محذوف والتقدير: كلُّ عام مقبل وأنتم بخير، والواو: واو الحال، والجملة بعدها من المبتدأ والخبر في محل نصب حال فكلا القولين صحيح.

  • الكَهْل والشيخ

كثيرا ما يخلط بين «الكَهْل» و»الشيخ» فيستعمل أحدهما مكان الآخر فيقول مثلا: «كَهْل في السبعين من عمره» وهذا غير صحيح، والصواب أنَّ «الكَهْل» مَنْ جاوز الثلاثين، وقيل: من الثلاثين إلى الخمسين، قال الله تعالى «وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلا وَمِنَ الصَّالِحِينَ «سورة آل عمران آية46.

وقال ثعلب: «يَنْزِلُ عيسى عليه السلام إلى الأرض كَهْلا ابن ثلاثين سنة» أما «الشيخ» فهو مَنْ اسْتبانت فيه السِّنّ، وظَهَرَ عليه الشَّيـب، أو هو مَنْ بَلَغَ الخمسين فـما فوقها – كما في المعاجم اللغويَّة.

  • مَزْهَرِيَّة الورد زَهْرِيَّة

كثيرا ما نسمعهم يقولون: مَزْهَرِيَّة الورد. وهي وعاء من خزف ونحوه يوضع فيه الزهر للزينة، والأصح «زَهْرِيَّة» لأنها اسم منسوب إلى الزَّهْر أو الزَّهْرَة – كما في الوسيط، و»مَزْهَرِيَّة» كذلك صحيحة نسبة إلى «مَزْهَر» وهو اسم مكان لتجمّع الزهور من زَهَرَ يَزْهَرُ – وقد وردت كلمة «مَزْهَرِيَّة» في بعض المعاجم اللغويَّة كالمنجد. فكلتا الكلمتين عربيَّة صحيحة.

  • جاءوا معاً لا سَوِيًّا

يخطئ كثيرون فيقولون: جاءوا سَوِيًّا، والصواب أن يقال: جاءوا معاً؛ لأنَّه ليس لفظ (سَوِيّ) معنى المرافقة أو المصاحبة بل فيه معنى الاعتدال بخلاف (مع) فهي لفظة تفيد المصاحبة والاجتماع: فهكذا نطقت العرب – كما في المعاجم اللغويَّة.

ففي «اللسان»: «ومكانٌ سَوِيّ وسِـيٌّ: مُسْـتَوٍ، ورجلٌ سَوِيّ الخلق والأنثى سَوِيَّة أي مُسْـتَوٍ» أي أنَّ السويّ: المستوي والمعتدل – قال تعالى: «فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثـَّـلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا» سورة مريم، من الآية (17).

أي تمثــَّــل لمريم في صورة خَلْقِ بَشَرٍ سَوِيّ ٍ، والسّـوِيّ الـمُسْتوِي، والمستوي التام في كلام العرب الذي قد بلغ الغاية في شبابه وتمام خَلْقِه وعقله». إذنْ، قُلْ: جاءوا مَعاً، ولا تَقُلْ: جاءوا سَوِيًّا.

  • فلان رَمْرَمَ ويُرَمْرِم

كثيرا ما نسمعهم يقولون: رَمْرَمَ فلان، وفلان يرمْرِم أي يأكل ما سقط من الطعام ولا يهتم بنظافته، ويشيع هذا الفعل، وما تـَـصَــرَّف من أصله على ألسنة العامَّة وهو من فصيح كلامهم، فهكذا نطقت العرب – كما في المعاجم اللغويَّة؛ إذ ورد فيها: رَمْرَمَ الرجل وغيره: أَكَلَ ما سَقَطَ من الطعام، ولم يهتمّ بنظافته – ثم شاع هذا الاستعمال على الألسنة بالمعنى نفسه.

  • مَزِيج من عصير الفواكه أو ممزوج منه

كثيرا ما نسمعهم يقولون: مزِيج من العصير بمعنى ممزوج منه، وهو قول عربيّ صحيح؛ لأنَّ كلمة “مَزِيج” بمعنى ممزوج وعلى الرغم من أنَّ هذه الكلمة لم ترد في المعاجم اللغويَّة القديمة فقد قَرَّر مجمع اللغة العربية بالقاهرة قياسيَّة “فعيل” بمعنى “مفعول” من كل فعل ليس له “فعيل” بمعنى “فاعل” وقد ذكرتها بعض المعاجم اللغويَّة الحديثة كالوسيط.

  • عصير مُرَكَّز

كثيرا ما نسمعهم يقولون: عصير مُرَكَّز أو شراب مُرَكَّز، وهذه الكلمة عربيّة صحيحة، وشائعة الاستعمال؛ لذا فهي من فصيح كلام العامّة – ومعناها: غليظ مُكَثــَّف وورد الفعل «رَكَّزَ» بمعنى ثــَبَّتَ في المعاجم القديمة وقد أجاز مجمع اللغة العربية بالقاهرة استعمال كلمة «رَكَّزَ» مجازا بمعنى غَلَّظَ وكَثــَّفَ لتقارب المعنى مع «ثــَبَّتَ» وذكرته المعاجم الحديثة كالوسيط بهذا المعنى المجازي.

  • الإمام النَّسائيّ – بفتح النون لا النِّسائيّ – بكسرها

كثيرا ما نسمعهم يقولون: الإمام النِّسائيّ – بكسر النون، وهذا الضبط غير صحيح، والصواب: الإمام النَّسائيّ – بفتح النون – مُحَدّث معروف صاحب السُّنَن – لأنه نــِــسبة إلى “نــَسَـا” وهي مدينة بخراسان. إذنْ، قُلْ: لعالم الحديث المعروف: النَّسائيّ – بفتح النون، ولا تَقُلْ: النِّسائيّ – بكسرها، وشدِّد ياء النَّسَب؛ لأنَّها دائما مُشَدَّدة.

  • وضع الطفل الـمَرْيَلَة بفتح الميم حول عنقه أو الـمِرْيَلَة – بكسرها

كثيرا ما نسمعهم يقولون: مَرْيَلَة بفتح الميم أو ـمِرْيَلَة – بكسرها – وكلا الضبطين صحيح – أي قطعة قماش أو فوطة يضعها الشخص حول عنقه لوقاية ثيابه أو رِدَاء مُوَحَّد مثل رداء طالبات المدارس – وجاءت في الوسيط – مكسورة الميم.

إذ ورد فيه: «الـمِــرْيَلَة – بكسر الميم وسكون الراء: فوطة تُلَفُّ حول عنق الصبي لوقاية ثوبه من اللعاب» وذكر أنها كلمة مُحْدَثَة – وقد ذكر الأساسي هذه الكلمة – بفتح الميم، وأقَرَّها مجمع اللغة العربية بالقاهرة. إذنْ فالوجهان جائزان في ضبطها.

  • عاد إلى بيته مَرْعُوبا

كثيرا ما نسمعهم يقولون: عادَ مَرْعُوبا، وفلان مَرْعُوب، وتشيع هذه الكلمة على ألسنة العامّة، وهي من فصيح كلامهم؛ لأنّ لها أصلا في العربيّة الصحيحة كما في المظانّ اللغويّة فهي اسم مفعول من الفعل الثلاثي «رَعَبَ» فالجذر بتصاريفه المتنوِّعة عربيّ صحيح، ولكنه جرى وشاعَ على الألسنة.

  • وعاء مُذْهَب أي مطليّ بالذهب

نسمع بعضهم يقول: هذا الشيء مُذْهَب أي مطليّ بالذهب، وهو تعبير صحيح؛ لأنَّه من الفعل “أَذْهَبَ” المتعدي بالهمزة وقد أشارت المعاجم اللغويّة إلى هذا المعنى؛ إذ ورد في اللسان أنَّ كلّ ما مُوِّه بالذهب فقد أُذْهِـبَ وهو مُذْهَـب” ويظهر لي أنَّ قولهم: مُذَهَّب – بالتشديد من الفعل “ذَهَّبَه” أي طلاه بالذهب أيضا صحيح، ويشيع على ألسنة الناس.

  • انْزَعج فلان فهو مُنْزَعج

كثيرا ما نسمعهم يقولون: انزعجْتُ من كذا وانزعج فلان من كذا، وهو مُنْزَعج، وغير ذلك من التصاريف – وتدور معانيها حول التضايق والقلق والاضطراب، يقال: أَزْعَجَه أي أَقْلَقَ راحته، وتشيع هذه الألفاظ وما اشتق من أصلها على السنة العامَّة.

وتُعَدُّ من فصيح كلامهم؛ لأنَّ لها أصلا في العربيَّة الصحيحة، فهكذا نطقت العرب – كما في المعاجم اللغويّة – جاء في مختار الصحاح: «أزْعَجَه: أَقْلَقَه» وفي الوسيط: «زَعِجَ زَعَجا: قَلِقَ».

وفي الرائد: «انـْزَعَجَ: قَلِقَ، وتضايَقَ…» وهناك معان أخرى للجذر «ز،ع،ج» قريبة من المعاني المذكورة غير أنَّّ ما ذُكِرَ هو المشهور، وهو مشترك بين العاميَّة والعربيَّة في الاستعمال اللغويّ أي أنَّ هذا الجذر بتصاريفه من فصيح اللغة الشائع على ألسنة العامَّة.

  • مِرْوحة – بكسر الميم لا مَرْوَحَة – بفتحها

كثيرا ما نسمعهم يقولون: مَرْوَحة – بفتح الميم، وهذا الضبط غير صحيح، ويشيع في بعض البلدان العربية، والصواب: مـِرْوَحة – بكسرها؛ لأنها اسم آلة؛ إذ هي على وزن «مِفْعَلَة» بكسر الميم وهي أحد الأوزان القياسية لاسم الآلة،

وفتح الميم منها خطأ قديم سَجَّله ابن قتيبة في أدب الكاتب بوصف ابن قتيبة زعيما لمبدأ تنقية اللغة العربية من الأخطاء في عصره. إذنْ، قُلْ: مِرْوَحَة – بكسر الميم، ولا تقل: مَرْوَحَة – بفتحها على نحو ما نسمعه في بعض البلاد العربية.

المصدر

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى