الاتجاه البراغماتي في الفلسفة
العملانية هي تقليد فلسفي بدأ في الولايات المتحدة عام 1870 تقريبا. والعملانية أتت كرفض لفكرة أن وظيفة الفكر هي أن يصف، أو يمثُل، أو يعكس الواقع. ولكن بدلا من ذلك، العملانيون يعتقدون أن الفكر هو نتاج للتفاعل بين الكائن الحي والبيئة.
وهكذا، فإن وظيفة الفكر هي أنه أداة أو وسيلة للتنبؤ، والعمل، وحل المشكلة. العملانيين يؤكدون أن معظم الموضوعات الفلسفية- مثل طبيعة المعرفة واللغة والمفاهيم، والمعتقدات، والعلوم،- يتم النظر إليها كلها بالشكل الأفضل من حيث استخداماتها ونجاحاتها العملية.
وهناك عدد قليل من المواقف العديدة والمترابطة والمميزة من عمل الفلاسفة على الطريقة العملانية، والتي تشمل:
- نظرية المعرفة (التبرير):
وهي نظرية تبرير محكّمة ترفض الادعاء القائل بأن جميع المعلومات والمعتقدات المبرَّرة تستند في نهاية المطاف إلي أساس من المعرفة غير الاستنتاجية أو المعتقد المبرر. المحكّمون يرون أن التبرير هو فقط وظيفة لبعض العلاقة بين المعتقدات، والتي لا يُعتبر أي واحد منها معتقدا سائدا وفقا للطريقة المعتمدة لدى نظريات التبرير الأصولية.
- نظرية المعرفة (الحقيقة):
وهي نظرية انكماشية أو عملانية للحقيقة؛ حيث أن النظرية الانكماشية هي الادعاء المعرفي بأن التأكيدات على أن الحقيقة المُسندة لبيان معين لا تعزو خاصية تسمى الحقيقة لمثل هذا البيان، في حين أن النظرية العملانية إدعاء معرفي بأن التأكيدات على أن الحقيقة المسندة لبيان معين تعزو الممتلكات جيدة الاعتقاد إلى هذا البيان.
• الميتافيزيقيا: وجهة نظر تعددية تفيد أن هناك أكثر من طريقة سليمة لوضع تصور للعالم وكذلك لمحتواه.
- فلسفة العلوم: وهي نظرة أداتية علمية مضادة للواقع تفيد بأن المفهوم أو النظرية العلمية يجب تقييمها من خلال مدى فعاليتها في توضيح وتفسير والتنبؤ بالظواهر، بدلا من مدى دقتها في وصف الواقع الموضوعي.
• فلسفة اللغة: وجهة نظر ضد التمثيلية والتي ترفض تحليل المعنى الدلالي للمقترحات والحالات العقلية والبيانات من حيث المراسلات أو العلاقة التمثيلية، وبدلا من ذلك تقترح تحليل المعنى الدلالي من حيث المفاهيم مثل التصرفات المُفضية إلى العمل، والعلاقات الاستنتاجية، و/أو الأدوار الوظيفية (مثل المدرسة السلوكية لاستنتاجية). وينبغي عدم الخلط بين العملانية، والحقل الفرعي للسانيات الذي لا علاقة له بالعملانية الفلسفية.
• بالإضافة إلى ذلك، الأشكال التجريبية، والتخطيئية، والبرهنة، والفلسفة المتحولة كلها عناصر شائعة من الفلسفات العملانية.
العديد من العملانيين هم نسبيين معرفيين، ويرون أن هذا جانب مهم من العملانية الخاصة بهم (على سبيل المثال ريتشارد رورتي)، ولكن هذا أمر مثير للجدل، حيث يجادل عملانيون آخرون بأن النسبية من هذا القبيل ستكون مضللة بشكل خطير (مثل هيلاري بوتنام، سوزان هاك).
تشارلز ساندرز بيرس (وحِكمته البراغماتية) يستحق الكثير من الفضل في العملانية [6] ، جنبا إلى جنب مع المساهمين الذين جاؤوا لاحقا في القرن العشرين مثل وليام جيمس وجون ديوي.
وقد تمتعت العملانية بتجدد الاهتمام بعدما استخدم كل من كواينويلفريد وسيلر العملانية المنقحة لانتقاد الفلسفة الوضعية المنطقية في الستينيات.
وكونها مستوحاة من عمل كواينوسيلرز، فان نوع من العملانية يُعرف أحيانا باسم العملانية الحديثة اكتسب نفوذا من خلال ريتشارد رورتي، وهو الأكثر تأثيرا من بين العملانيين في أواخر القرن العشرين جنبا إلى جنب مع هيلاري بوتنام وروبرت براندوم.
ويمكن تقسيم العملانيين المعاصرة على نطاق واسع إلى العملانية التقليدية التحليلية الصارمة والعملانية “الكلاسيكية الحديثة” والتي تلتزم بعمل بيرس وجيمس وديوي.
كلمة العملانية مشتقة من الكلمة اليونانية (Pragma)، والتي تعني “شيء، أو حقيقة”، والتي تأتي من كلمة براسوو (prassō)، والتي تعني “أن تتجاوز، أن تمارس، أن تحقق”. كلمة “العملانية” هي جزء من المصطلحات الفنية في الفلسفة، والتي تشير إلى مجموعة محددة من وجهات النظر الفلسفية المترابطة والتي نشئت في أواخر القرن العشرين.
ومع ذلك، غالبا ما يتم الخلط بين هذا المصطلح مع “العملانية” في سياق السياسة (الذي يشير إلى السياسة أو الدبلوماسية التي تقوم أساسا على اعتبارات عملية، بدلا من المفاهيم الأيديولوجية) وأيضا مع الاستخدام غير التقني ل”العملانية” في السياقات العادية في إشارة إلى التعامل مع مسائل حياة المرء بطريقة واقعية وبطريقة تقوم على الاعتبارات العملية بدلا من الاعتبارات المجردة.