الاتجاهات الفلسفية الكبرى

الاتجاه الكونفشيوسي في الفلسفة

الكونفوشية : هي مجموعة من المعتقدات والمبادئ في الفلسفة الصينية، طُورت عن طريق تعاليم كونفيشيوس  وأتباعه، وتتمحور في مجملها حول الأخلاق والآداب، طريقة إدارة الحكم والعلاقات الاجتماعية.

 أثرت الكونفشيوسية في منهج حياة الصينيين، حددت لهم أنماط الحياة وسُلم القِيم الاجتماعية، كما وفرت المبادئ الأساسية التي قامت عليها النظريات والمؤسسات السياسية في الصين.

انطلاقا من الصين، انتشرت هذه المدرسة إلى كوريا، ثم إلى اليابان وفيتنام، أصبحت ركيزة ثابتة في ثقافة شعوب شرق آسيا. عندما تم ادخالها إلى المجتمعات الغربية، جلبت الكونفشيوسية انتباه العديد من الفلاسفة الغربيين.


رغم أن الكونفشيوسية أصبحت المذهب الرسمي للدولة الصينية القديمة، لم تشق هذه طريقها حتى تصبح ديانة بالمعنى المعروف، كان يعوزها وجود هياكل أساسية، وطبقة من الكهنوتية (رجال الدين). حظيَّ كونفيشيوس  بمكانة رفيعة لدى رجال أهل العلم في الصين، كانوا يطلقون عليه ألقاب الـ”معلِم” والـ”حكيم”، إلا أن تبجيلهم إياه لم يرق أبدا إلى درجة التأليه (من الألوهية).

يبدو أن بعض المؤرخين في الغرب أساء فهم هذا التصور، نظرا لملازمة مفهوم عبادة الأسلاف للديانة الصينية. لم يكن كونفيشيوس  نفسه يدعي أنه إله. عكس الديانات الأخرى، لم تكن المعابد التي شُيدت على شرف كونفيشيوس أماكن لتجميع طوائفَ من الأتباع المنتمين، ولكن مبانٍ عمومية مخصصة لمراسيم سنوية وبالأخص يوم عيد ميلاد كونفيشيوس.

بسبب الطبيعية الأساسية الدُنيوية (لادينية) لهذه الفلسفة، فشلت كل المحاولات التي كانت تهدف لأن تجعل من الكونفيشيوسية عقيدة دينية.


  • النظرية واللاهوت

تدور الكونفوشية حول السعي إلى وحدة الذات الفردية وإله السماء (تيان)، أو مثلما يُقال، حول العلاقة بين الإنسانية والسماء. مبدأ السماء (لي وداو)، تنظيم الخلق ومصدر السلطة الإلهية، أحادي في بنيته. قد يدرك الأفراد إنسانيتهم، ويتحدون مع السماء من خلال التأمل في مثل هذا النظام.

يمتد هذا التحول في الذات ليشمل الأسرة والمجتمع لخلق مجتمع ائتماني متناغم. درس جويل ثورفال الكونفوشية كدين مدني منتشر في الصين المعاصرة، فخلص إلى أنها تعبر عن نفسها في العبادة الواسعة الانتشار لخمسة كيانات كونية: السماء والأرض (دي)، والسيادية أو الحكومة (جون)، والأسلاف (سين)، والأسياد (شي).


السماء ليست بعضًا من الوجود المسبق في العالم الزمني. وفقًا للباحث ستيفان فويكتونغ، في علم الكونيات الصينية، وهو ليس كونفوشوسيًا فحسب، بل تشترك فيه جميع الأديان الصينية، «يخلق الكون نفسه من فوضى أولية من الطاقة المادية» (هاندون وسي)، وينظم من خلال قطبية يين ويانغ الذي يميز أي شيء والحياة.

وبالتالي فالخلق هو تنظيم مستمر، فهو ليس خلق من لا شيء. يين ويانغ هما الخفي والمرئي، المتقبل والنشط، وعديم الشكل والمشكّل؛ ويميزان الدورة السنوية (الشتاء والصيف)، والمشهد (المظلل والمشرق)، والجنسين (الإناث والذكور)، بل وحتى التاريخ الاجتماعي السياسي (الفوضى والنظام). تهتم الكونفوشية بإيجاد «طرق وسط» بين اليين واليانغ في كل شكل جديد للعالم.


توفق الكونفوشية بين كل من القطبين الداخلي والخارجي للتهذيب الروحي، أي تهذيب الذات والخلاص في العالم، التي جُمعت في المثل العليا «خشنة من الداخل طيبة من الخارج». تُترجم الرن إلى «الإنسانية» أو الجوهر السليم للإنسان، وهي رمز العقل الرحيم، إنها الفضيلة الممنوحة من السماء وفي الوقت نفسه الوسائل التي يمكن للإنسان أن يحقق بها وحدانية مع السماء بفهمه لأصله وبالتالي الجوهر الإلهي.

  تُعرف في داتونغ شو أنها «تشكيل جسد واحد مع كل الأشياء» و «عندما لا تفصل الذات عن الآخرين … يُثار التعاطف والتراحم».


  • الكتابات وتدوين التعاليم

دُونت مبادئ المدرسة الكونفشيوسية في تسع من الكتابات الصينية القديمة والتي تم توارثها عن كونفشيوس وأتباعه، تمت كتابتها أثناء فترة حكم سلالة “تشو”، عرفت تلك الفترة نشاطا مكثفا للمدارس الفلسفية. يمكن تقسيم هذه الكتابات إلى قسمين رئيسين:

  • الكتابات الخمس التقليدية (وو-جينغ)؛
  • الكتابات الأربع (سيشو).

تم تَنَاقل تعاليم كونفشيوس بالطريقة الشفوية، لاحقا تم تدوين هذه التعاليم في مؤلَف الـ”لون-يو”. يبدو المُعلِم (كونفشيوس) كما لو أنه يريد أن يُظهر نفسه بمظهر الأخلاقيّ (الذي يكتب في الأخلاقيات) المحافظ، في وقت عرفت فيه البلاد اضطرابات كبرى ميزها حالة الانفلات السياسية، والتحولات الاجتماعية التي تلت انحلال مملكة “تشو” إلى ممالك اقطاعية متحاربة.


حملت حالة الهيجان التي عرفتها البلاد كونفشيوس ومفكريين آخرين، على تَدبُر الطريقة المثلى لاسترجاع وحدة المملكة، أصبحوا ورغما عنهم فلاسفة ومبدعين (من باب أنهم أوجدو أو سَنُوا أفكارا جديدة) في آن واحد.

نادى كونفوشبوس بمبدأ سيادة الشعب. فهو يقول أن الأمة هي صاحبة السيادة ومصدر السلطة. وعلى الرغم من اعتناقه للمذهب التيوقراطي واعترافه بالحق الإلهي للأباطرة.

لم يرتب على هذه الفكرو نتائجها الطبيعية إذ حارب السلطان المطلق للأباطرة. وعدّ سلطة الملك غير مشروعه مالم تقترن برضى الشعب حتى انه حبذ الثورة على الحاكم الذي يستبد بالسلطة أو يسيء استخدامها.


و تميزت فلسفته باتجاهات اشتراكيه واضحه. وجعل من أهداف الحكومة التي يسميها “الهيئة العادله المستقيمه” العناية بالإنتاج القومي حتى توفر للشعب الحاجات الضروريه. كما دعى إلى اقامة عداله اجتماعية واعانة المرضى والعاجزين عن العمل. كما دعا إلى اتحاد شعوب العالم جميعا في “جمهورية عالمية واحده”

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى