المدرسة الإيلية في الفلسفة
المدرسة الإيلية، هي تيار فلسفي تأسس في القرن السادس قبل الميلاد على يد الفيلسوف كزينوفانيس صاحب كولوفون. نشأت في مدينة إيليا (اليوم فوكا في تركيا)، التي كانت مستوطنة تابعة لفوكيا القديمة في مقاطعة أيونيا.
تُعرف هذه المدرسة بفلسفتها العميقة حول الوجود والاستقرار، حيث كان برمنيدس وزينون من أبرز ممثليها، بينما يُعد ميليسوس من ساموس آخر فلاسفتها الرئيسيين.
- الأفكار الرئيسية للمدرسة الإيلية
1. فلسفة الوجود عند برمنيدس
يُعتبر برمنيدس من إيليا مؤسس علم الوجوديات (الأونتولوجيا)، حيث قدم تصورًا فلسفيًا يُقر بوجود طريقين للبحث عن الحقيقة:
- طريق الحقيقة: يؤكد على أن الكائن موجود، وهو الطريق الصحيح للوصول إلى المعرفة الحقيقية.
- طريق الرأي (Doxa): يصفه برمنيدس بأنه طريق مضلل ومبني على الأوهام الحسية والمعرفة غير المكتملة.
2. جدلية الثبات والتغير
على عكس الفيلسوف هرقليطس الذي ركز على مبدأ التغير الدائم، شدد برمنيدس على مفهوم الاستقرار والثبات، معتبراً أن التغير مجرد وهم، وأن الكينونة لا تتغير مطلقًا.
3. دور زينون الإيلي
زينون الإيلي، تلميذ برمنيدس، اشتهر بوضعه منهج الجدل وتطويره لسلسلة من المفارقات التي تهدف إلى دحض فكرة التعددية والحركة، مثل مفارقة السهم ومفارقة أخيل والسلحفاة.
4. تأثير المدرسة الإيلية على الفلسفة الغربية
- تأثر سقراط بأفكار برمنيدس عندما التقى به في أثينا عام 450 ق.م.
- خصص أفلاطون حوارًا فلسفيًا بعنوان “برمنيدس” لمناقشة أفكاره.
- طور أرسطو مفهوم الكينونة في كتبه حول الميتافيزيقا.
- استلهم الفلاسفة الأوروبيون في العصور الوسطى العديد من أفكار الإيليين في نظرياتهم الفلسفية واللاهوتية.
إيمبيدوكليس وتطوير الفكر الفلسفي
يُعتبر إيمبيدوكليس أحد الفلاسفة الذين تأثروا بالمدرسة الإيلية، حيث قدم نظرية العناصر الأربعة (الماء، الهواء، النار، التراب) وأكد على وجود قوتين متضادتين هما الحب والبغض، اللتان تؤديان إلى اتحاد العناصر أو انفصالها.
شكلت المدرسة الإيلية نقطة تحول في الفلسفة الغربية بطرحها لمفاهيم جوهرية حول الوجود والحركة. وعلى الرغم من النقد الذي واجهته، إلا أن تأثيرها لا يزال حاضرًا في الفلسفة الحديثة.