المذاهب الأدبية

“السحرية” أو “العجائبية” في الأدب

الواقعية السحرية، أو العجائبية؛ تقنية أدبية تجمع بين عناصر واقعية وأخرى خيالية غير مألوفة داخل نصوص أدبية، وتبرز من خلال تداخل هذه العناصر بطريقة تجعلها تبدو مألوفة في السياق السردي على الرغم من تناقضها مع الواقع التجريبي.

هذه التقنية ظهرت أولاً في الأدب الألماني في الخمسينيات، ثم اكتسبت شهرة أوسع في أدب أمريكا اللاتينية، حيث ارتبطت بأسماء لامعة مثل خورخي لويس بورخيس وغابرييل غارثيا ماركيز.

تعمل الواقعية السحرية على كسر الحدود بين ما هو واقعي وما هو غير واقعي، من خلال دمج الخيال بالواقع بشكل يعكس تحدياً للتصورات التقليدية عن الحياة.

تظهر عناصر خيالية مثل التحليق في الهواء أو تحريك الأشياء بالتفكير، والتي عادة ما ترتبط بالخرافات والأساطير الشعبية، ضمن إطار سردي يتسم بالموضوعية والتوثيق، مما يربك القارئ ويجعل من الصعب عليه التمييز بين ما هو حقيقي وما هو خيالي.

أحد الأمثلة التاريخية المبكرة لهذا النمط هو توظيف الخيال السحري في حكايات ألف ليلة وليلة، حيث نجد عناصر مثل قصص الجان والبساط السحري ومصباح علاء الدين، ما يُظهر توظيفًا طبيعيًا للواقعية السحرية قبل ظهور هذا المصطلح بشكل رسمي في الأدب الحديث.

يتجلى الدور الأساسي لهذه التقنية في قدرتها على تناول القضايا الاجتماعية والسياسية من خلال إضفاء بعد عجائبي، مما يسمح للقارئ برؤية الواقع من منظور جديد، ويضفي على العمل الأدبي عمقاً وتأملات فلسفية.

ظهرت الواقعية السحرية في ألمانيا عام 1925، حين أقيم معرض فني في مدينة مانهايم ضم 130 عملاً فنياً لـ 32 فناناً. أحد زوار المعرض، الناقد والصحفي الألماني فرانز روه، هو من أطلق مصطلح “الواقعية السحرية” على تلك الأعمال الفنية، لتصبح هذه التسمية لاحقًا التيار الذي حلّ محل الحركة التعبيرية.

الواقعية السحرية تميزت في تلك الفترة في ألمانيا، تحديداً في فترة ما بين الحربين العالميتين، حيث جمعت بين عناصر الواقعية والخيال في لوحات وأعمال فنية عميقة.

من أبرز الفنانين الذين ساهموا في تأسيس هذا التيار: ماكس بيكمان، جورج غروسز، كريستيان شاد، كونراد فيليكمولر، وأوتو ديكس، وقد ساهمت أعمالهم في وضع أسس هذا التيار الفني.

أما في الأدب، فقد توسعت الواقعية السحرية لتشمل أعمالاً بارزة مثل:

– الألف (مجموعة قصصية) للكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس.
مئة عام من العزلة للكاتب الكولومبي غابرييل غارثيا ماركيث، التي أصبحت علامة بارزة في الواقعية السحرية.
– رواية السيد الرئيس للكاتبة التشيلية إيزابيل الليندي.
– دون كازمورو للكاتب البرازيلي ماشادو دي أسيس.

الواقعية السحرية في الأدب والفن، تميزت بمزجها بين العالم الواقعي والعناصر الخيالية، وبهذا تصبح الأحداث غير المألوفة جزءًا طبيعيًا من السرد أو التعبير الفني، ما يخلق تأثيرًا فريدًا يجعل القارئ أو المتلقي يشك في الحدود بين الواقع والخيال.

  • صيغ أخرى للمصطلح:

الواقعية السحرية، أو كما يُطلق عليها أيضًا “العجائبية”، تُعرف بعدة أسماء أخرى في الأدب:

1. الفنتازيا الواقعية: هذا المصطلح يشير إلى المزج بين الأحداث الخيالية والعناصر الواقعية في سياق سردي يبدو طبيعياً.

2. الخيال العجائبي: يُستخدم أحيانًا للإشارة إلى النصوص التي تمزج بين الحقيقة والخيال بطريقة تبدو مألوفة، لكن تحتوي على عناصر غير عادية أو خارقة للطبيعة.

3. الواقعية العجائبية: وهو مصطلح قريب من الواقعية السحرية، ويُستخدم للإشارة إلى الأدب الذي يجمع بين الواقعية والتصوير العجائبي.

4. الواقعية الفنتازية: يُستخدم أحيانًا للإشارة إلى الأعمال الأدبية التي تجمع بين العالم الواقعي وعناصر من الفنتازيا أو السحر.

5. السرد العجائبي: يُشير إلى طريقة سرد الأحداث التي تتضمن عناصر خيالية غير مبررة وفق قوانين الواقع.

6. الواقعية الفوقية: في بعض الأحيان، يتم استخدام هذا المصطلح للتعبير عن التداخل بين الواقع والخيال في الأدب.

هذه الأسماء ترتبط جميعها بالأسلوب الذي يمزج بين العالم الواقعي والعناصر الخيالية أو السحرية دون تقديم تفسير منطقي للأحداث غير الطبيعية، وهو ما يميز الأدب الذي يندرج تحت الواقعية السحرية.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى