دخل الشاعر أبو تمام على الخليفة المعتصم، وأنشدَه قصيدة يمتدحُه فيها، وشبَّهَه في أحد أبياتها بعمرو بن معد يكرب في الشجاعة، وحاتم الطائي في الكرم، والأحنف بن قيس في الحلم، وإياس بن معاوية في الذكاء، وهؤلاء يضرب بهم المثل في هذه الصفات، فقال:
إقدام عمرٍو في سماحةِ حاتمٍ ** في حِلم أحنفٍ في ذكاءِ إياسِ
فأراد بعض الحاضرين أن يُوقِعوا بين المعتصم وأبي تمام، فقالوا : لقد شبهتَ أمير المؤمنين بصعاليك العرب.
فقال أبو تمام :
لا تنكروا ضَرْبِي له مِن دونِه **** مثلاً شَرُوداً في الندى والباسِ
فالله قد ضربَ الأقلَّ لِنورِهِ **** مثلاً مِن المشكاةِ والنِّبراسِ
فأسكتهم أبو تمامٍ بذكائه، فقد وضح لهم أن تشبيهَهُ للمعتصم لا يُنقص مِن قدره، فالله عز وجل قد شبَّهَ نورَه بنورِ مصباحٍ في مشكاة.