اقتباساتطرائف ونوادر العرب
أخر الأخبار

أبو نواس التائب

بين المجون والتوبة

يُعدّ أبو نواس من أبرز شعراء العصر العباسي، واشتهر بشعره الماجن ومجونه الذي جعله يُلقّب بـ”شاعر الخمرة“. عُرف بأسلوبه الجريء في التعبير عن اللهو وشرب الخمر، ومن أشهر أبياته في هذا السياق:

دع المساجد للعبّاد تسكنها
وطُف بنا حول خمّار ليسقينا
ما قال ربُّك ويل للأُلى سَكروا
ولكن قال ويل للمُصلّينا

  • موقف هارون الرشيد

بلغت أشعار أبي نواس الخليفة هارون الرشيد، فأراد معاقبته لما تحمله من إساءة للقيم الدينية. وعندما أُحضر بين يديه، دافع عن نفسه بقوله: “يا أمير المؤمنين، الشعراء يقولون ما لا يفعلون.” فسامحه الخليفة وعفا عنه.

  • توبة أبي نواس ووفاته

رغم حياة اللهو التي عُرف بها، تشير الروايات إلى أنه تاب في أواخر حياته، وترك قصائد تعكس ندمه العميق ورجاءه في رحمة الله. وعند وفاته، قيل إن الإمام الشافعي رفض في البداية الصلاة عليه، حتى عُثر في ملابسه على الأبيات التالية:

يا ربّ إن عظُمت ذنوبي كثرة
فقد علمتُ بأن عفوك أعظمُ
إن كان لا يرجوك إلا مُحسِن
فبمن يلوذُ ويستجيرُ المُجرِمُ؟
أدعوك ربي كما أمرت تضرعا
فإذا رددتَ يدي فمن ذا يرحمُ؟
ما لي إليك وسيلة إلا الرجا
وجميلُ عطفِك ثم إني مسلمُ

  • تأثير هذه الأبيات في الإمام الشافعي

عندما قرأ الإمام الشافعي هذه الأبيات، تأثر بها تأثرا عميقا، وبكى بكاء شديدا، ثم قام بالصلاة عليه ومعه جميع من حضر من المسلمين، في موقف يجسّد مفهوم التوبة والمغفرة في الإسلام.

  • دلالة القصة بين المجون والتوبة

تعكس سيرة أبي نواس تحولات الإنسان بين الهوى والندم، حيث يمكن للشاعر أن يكون مرآة لعصره، وفي الوقت ذاته يعبر عن الصراع النفسي بين اللذة واليقين الديني.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى