هاجس الجنّ ومُلقي الشعر
نورد هذه القصة من كتاب: جمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي.
يقول الشاعر العربي الشهير “الأعشى“، أنه عندما كان في طريقه إلى اليمن ليصل إلى “قيس بن معد يكرب“، أظلم عليه الليل وأمطرت السماء مطراً غزيراً، فأراد مكانا يلوذ به عن المطر.
فرأى من بعيد “خباء” وهو بيت من شعَر أو خيمة من بيوت الأعراب، وحينما وصل إليها، وجد عندها شيخا كبيرا مشوه الخلقة بلحية بيضاء كثيفة، فأدخله الشيخ الخيمة فقال له:
إلى أين تقصد ؟
قال : أنا الأعشى، ميمون بن قيس، وأقصد اليمن إلى قيس بن معد يكرب
قال الشيخ: أنت الذي مدحته بقصيدة ؟ ..
فقال الأعشى: نعم ..
قال الشيخ: هل تريد أن تنشدنيها ؟
قال الأعشى : “رحلت سُمية غدوة أجمالها .. غَضبى عليك فما تقول بدا لها” إلى آخر القصيدة…
فطلب منه الشيخ قصيدة أخرى ..
فقال له القصيدة الشهيرة :
“ودع هريرة إن الركب مرتحل .. وهل تطيق وداعاً أيها الرجل” ..
فاستوقفه الشيخ الكبير وقال: من سُمية ومن هريرة ؟ ..
قال الأعشى: لا أعلم، ولكنها أسماء انطلقت في روعي فقلتها ..
قال له الشيخ: هل تعلم من “سُمية” و”هريرة” ؟
قال الأعشى: لا ! ..
فنادى الرجل الكبير: أخرجي يا “سُمية” ويا “هريرة” ..
فخرجتا؛ فكانتا فتاتين طولهما لايتعدى خمسة أشبار، فارتعد الأعشى خوفاً ،
فقال: من أنت ؟ ..
رد الشيخ: أنا “هاجسك من الجنّ” ومُلقي الشعر على لسانك.
أنا مسحل بن أثاثه، وهؤلاء بناتي هريرة و سُمية.
المصدر: جمهرة أشعار العرب لأبي زيد القرشي.
يحكى أن هناك واديا يسمى بـ “وادي عبقر” تسكنه شعراء الجن منذ زمن طويل، وعندما يبيت أحدهم ليلة في هذا الوادي يأتيه شاعر أوشاعره من الجن تلقنه الشعر، فكان لكل شاعر من شعراء الجاهلية قرين من هذا الوادي يلقنه الشعر.