اقتباساتطرائف ونوادر العرب

هشام بن عبد الملك والرجل القُرشيّ

  • قال الأصمعي :

قدِم وفدٌ على هشام بن عبد الملك، وفيهم رجل من قريش يقال له إسماعيل بن أبي الجهم ، وكان أكبرهم سناً ؛ وأفضلهم رأياً وحكماً ، فقام متوكئاً على عصا.


فقال : يا أمير المؤمنين إن خطباء قريش قد قالت فأطنبتْ وأثنتْ عليك فأحسنتْ ، ووالله ما بلغ قائلهم قدرك ولا أحصى مثنيهم فضلك ، أفتأذن لي في الكلام ؟!!
قال : تكلم قال : أفأوجز أم أطنب ؟!!


قال : بل أوجز .
قال : تولاك الله يا أمير المؤمنين بالحسنى وزينك بالتقوى ، وجمع لك بين الآخرة والأولى ، إن لي حوائج أفأذكرها ؟!! قال : نعم


قال : كبرت سني فضعفت قوتي ، واشتدت حاجتي ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يجبر كسري ، وينفي فقري فليفعل.


فقال : يا ابن الجهم ، وما يجبر كسرك وينفي فقرك ؟!!
قال : ألف دينار وألف دينار وألف دينار ،
قال : هيهات يا ابن أبي الجهم بيت المال لا يحتمل هذا ،
قال : كأنك آليت يا أمير المؤمنين أن لا تقضي لي حاجة في مقامي هذا ،
فقال هشام : فألف دينار لماذا ؟!!


قال : أقضي بها ديناً قد حنا ظهري وأرهقني حمله .
قال : نعم المسالك سلكتها ، ديناً قضيت ؛ وأمانة أديت ، وألف دينار لماذا ؟!!
قال : أزوج بها من أدرك من ولدي ، فأشد بهم عضدي ، ويكثر بهم عددي .
قال : لا بأس غضضت طرفاً ، وحصنت فرجاً ، وأكثرت نسلاً ، وألف دينار لماذا ؟!!


قال : أشتري بها أرضاً فأعود بفضلها على ولدي ، وبفضل فضلها على ذوي قربتي ،
قال : ولا بأس أردت ذخراً ، ورجوت أجراً ، ووصلت رحماً ، قد أمرنا لك بها .
قال : المحمود الله على ذلك ، وجزاك الله يا أمير المؤمنين والرحم خيراً .


فقال هشام : تالله ما رأيت رجلاً ألطف في سؤال ، ولا أرفق في مقال منه ، هكذا فليكن القرشي.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى