اقتباسات فلسفية

فلسفة جورج طرابيشي – خلاصات مركزة جدا (6)

  • 1. الأصوليون الجدد والتكنولوجيا: بين الاستخدام والنقد

يؤكد طرابيشي في اقتباسه أن: “النيو-أصوليين، على مختلف اتجاهاتهم، يُتقنون التعامل مع التكنولوجيا الإلكترونية وغير الإلكترونية، ذلك أن التكنولوجيا محايدة بطبيعتها. ولا يحتاج التعامل معها إلى عقل نقدي”.

إن هذه الملاحظة تفتح بابًا مهمًا للنقاش حول طبيعة العلاقة بين الأصولية والتكنولوجيا، حيث نرى أن الأصوليين الجدد قادرون على تبني أدوات الحداثة دون تبني منهجيتها النقدية. التكنولوجيا هنا لا تتطلب تفكيرًا فلسفيًا بل مجرد استخدام ميكانيكي، وهو ما يجعلها متاحة حتى لمن يتبنون رؤية محافظة ومعادية للحداثة الفكرية.

هذه الإشكالية تعكس ما يسميه المفكرون “التحديث بلا حداثة”، أي استهلاك أدوات العصر دون إعادة النظر في البنية الفكرية التي تحكم المجتمع.

المصدر: طرابيشي، هرطقات 2: عن العلمانية كإشكالية إسلامية – إسلامية.

  • 2. الحاجة إلى ثورة كوبرنيكية عقلية

يقول طرابيشي: “فإنّ ثورة كوبرنيكية على صعيد العقل، وعلى صعيد عالم العقل الذي هو التراث والتأويل الموروث للتراث، هي شرط شارطٌ لاستئناف عملية الإقلاع نحو الحداثة”.

يشير هنا، إلى الحاجة إلى ثورة فكرية مماثلة لما أحدثه كوبرنيكوس في علم الفلك عندما قلب المركزية الجغرافية للكون. بمعنى آخر، نحن بحاجة إلى مراجعة شاملة للتراث من منظور جديد، حيث لا يُنظر إلى الماضي كمرجعية مقدسة غير قابلة للنقد، بل كحقل معرفي يجب إعادة تأويله وفق أسس عقلانية تتجاوز منطق التقليد.

المصدر: طرابيشي، المعجزة أو سبات العقل في الإسلام.

  • 3. الخيال كواقع بديل للغياب المعرفي

“الخيال؛ هو واقع من لا واقع له”، هذا التصور يوضح كيف يمكن أن يتحول الخيال إلى تعويض نفسي ومعرفي عند غياب الواقع الموضوعي أو الضعف في التعامل معه.

في السياقات الدينية، يمكن ملاحظة ذلك في الأدبيات التي تركز على المعجزات والكرامات والتي تعوض غياب المنهج العلمي القائم على الاستدلال والعقلانية. هذا الاستبدال الرمزي للواقع بالخيال يؤكد على غياب العقل النقدي وسيادة التفكير الأسطوري.

المصدر: طرابيشي، المعجزة أو سبات العقل في الإسلام.

  • 4. المثاقفة والعلاقات الحضارية كإشكالية رمزية

يقول طرابيشي: “المثاقفة، بافتراضها وجود طرفين موجب وسالب، فاعل ومنفعل، مُلقِح وملقَح، تطرح نفسها على الفور كعملية ذات حدين مذكر ومؤنث”.

هنا، يقدم نقدًا للحتمية الرمزية التي تجعل الثقافة الغربية في موقع الفاعل والثقافة الشرقية في موقع المتلقي. هذا التصور لا يعكس فقط علاقة غير متكافئة، بل يعيد إنتاج البنية الذكورية التقليدية التي ترى في الهيمنة أمرًا طبيعيًا.

وهو ما يجعل المثاقفة عبئًا نفسيًا وثقافيًا على الشعوب التي تعيش تحت وطأة الإحساس بالتبعية والخصاء الفكري.

المصدر: طرابيشي، شرق وغرب: رجولة وأنوثة.

  • 5. قراءة تاريخية لآية الجزية والصغار

في تحليله للآية الكريمة: {قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله… حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون}.

يطرح طرابيشي تفسيرًا تاريخيًا يعيد النظر في السياق الذي تم فيه فرض الجزية. يشير إلى أن الفقهاء قد أساؤوا تأويل هذه الآية لتبرير سياسات قمعية تجاه أهل الكتاب، في حين أن السياق القرآني قد يكون مرتبطًا بنزاع داخلي بين الفرق المسيحية نفسها، خصوصًا الإبيونيين الذين اضطُهدوا من قبل الكنيسة الرسمية.

هذا التحليل التاريخي يفتح الباب أمام إعادة قراءة العلاقة بين الإسلام والمسيحية خارج إطار الصراع العقائدي الجامد.

المصدر: طرابيشي، من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث: النشأة المستأنفة.

مصادر ومراجع

  1. طرابيشي، جورج. هرطقات 2: عن العلمانية كإشكالية إسلامية – إسلامية.
  2. طرابيشي، جورج. المعجزة أو سبات العقل في الإسلام.
  3. طرابيشي، جورج. شرق وغرب: رجولة وأنوثة.
  4. طرابيشي، جورج. من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث: النشأة المستأنفة.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى