اقتباسات فلسفية

فلسفة جورج طرابيشي – خلاصات مركزة جدا (2)

  • 1. الثقافة والديمقراطية في المجتمعات العربية

“المجتمعات العربية الراهنة، تُقيم العثرات أمام الثقافة الديموقراطية. فالأنظمة العربية لا تتحمل انتخابًا حراً ولكن المجتمعات العربية لا تتحمل رأيًا حرًا”.

طرابيشي هنا يسلط الضوء على المعضلة المزدوجة التي تواجه الديمقراطية في العالم العربي، إذ لا يقتصر العائق على الأنظمة السلطوية التي تعرقل الانتخابات الحرة، بل يمتد أيضًا إلى البنية المجتمعية التي ترفض التعددية الفكرية وحرية الرأي.

يشير هذا التحليل إلى أن الديمقراطية ليست مجرد آليات انتخابية، بل هي ثقافة تتطلب قبول التنوع وحق الاختلاف، وهو ما تفتقده الكثير من المجتمعات العربية.

  • 2. العلاقة بين البرجوازية والديمقراطية

الديموقراطية التمثيلية من اختراع البرجوازية. فالبرجوازية هي الحامل الطبيعي للديموقراطية”.

يرى طرابيشي أن الديمقراطية التمثيلية نشأت في أحضان البرجوازية التي شكلت قوة اقتصادية وسياسية دفعت باتجاه ترسيخها. هذا يعني أن صعود الديمقراطية ليس عملية مجردة بل مرتبط ببنية اقتصادية قادرة على إنتاجها وحمايتها.

في السياق العربي، حيث تغيب هذه الطبقة البرجوازية القوية أو يتم إضعافها، تصبح الديمقراطية مشوهة أو غير قابلة للتطبيق وفق النموذج الغربي.

  • 3. الفلسفة وإنتاجية العلم

“الثقافات الوحيدة المنتجة للفلسفة اليوم، هي الثقافات المنتجة للعلم. وحسبنا أن نُقرر أن الثقافة العربية المعاصرة غير مُنتجة للعلم. انتفاءُ شرط الإنتاجية العلمية، لا يترك لهم من نصاب آخر، سوى أن يكونوا في الفلسفة من المستهلكين. أي من المُحاكين شرحاً أو ترجمة”.

يربط طرابيشي هنا بين إنتاج العلم وإنتاج الفلسفة، معتبرًا أن أي ثقافة غير قادرة على توليد المعرفة العلمية ستظل مستهلكة للفكر الفلسفي دون أن تساهم في تطويره. هذا الطرح يسلط الضوء على أزمة الفلسفة في العالم العربي، حيث يُعاد إنتاج الأفكار الغربية دون تطوير نسق فكري مستقل ينبع من واقع المجتمعات العربية.

  • 4. العلاقة بين العقل والحكمة

“صحيح أن العقل جزءٌ لا يتجزأ من الحكمة، ولكنها هي التي تتضمَّنُهُ وليس هو الذي يتضمنها”.

يرى طرابيشي أن العقل أداة من أدوات الحكمة، لكنه ليس جوهرها المطلق. الحكمة تشمل العقل لكنها تتجاوزه لتضم البصيرة، والتجربة، والتأمل العميق. هذه الفكرة تتحدى النزعة العقلانية الصرفة التي تجعل العقل المعيار الوحيد للحقيقة، مؤكدةً على أن المعرفة الإنسانية تتطلب أبعادًا أخرى تتجاوز التفكير المنطقي المجرد.

  • 5. الفلسفة وحب الحكمة

“وحدّ الفلسفة في اللغة عينِها التي اشتقت منها الكلمة هو؛ ‘حب الحكمة’، وليس ‘حب العقل'”.

هنا يعيد طرابيشي التأكيد على الفكرة السابقة، مشددًا على أن الفلسفة ليست مجرد ممارسة عقلية بحتة، بل هي سعي دائم للحكمة. هذا التمييز مهم، لأنه ينبه إلى خطأ اختزال الفلسفة في التفكير التحليلي فقط، ويعيدها إلى أصولها التي تمزج بين العقل والتجربة الحياتية والحدس الأخلاقي.

  • 6. الشعر والثقافة في الفكر العربي

“إن هؤلاء الشعراء، الذين كانوا يمثلون أعلى الثقافة تطورًا في عصرهم وبيئتهم، هم الذين يُصر (ناقد العقل العربي) على دمغهم بأنهم ‘أعراب’ و’أهل وبر’ ليس لهم من الحضارة حظ سوى ‘خشونة البداوة'”.

في هذا النقد، يرفض طرابيشي النظرة الدونية التي تتعامل مع الشعراء العرب القدماء وكأنهم يمثلون ثقافة متخلفة مقارنة بالفكر الفلسفي اليوناني. يبرز هنا موقفًا دفاعيًا عن الإبداع الثقافي العربي، مؤكدًا أن هؤلاء الشعراء لم يكونوا مجرد رُحَّل لا معرفة لديهم، بل كانوا حملة للثقافة والأدب والفكر العميق.

المصادر والمراجع:

  1. طرابيشي، جورج. هرطقات 1: عن الديمقراطية والعلمانية والحداثة.
  2. طرابيشي، جورج. هرطقات 2: عن العلمانية كإشكالية إسلامية.
  3. طرابيشي، جورج. نقد نقد العقل العربي: نظرية العقل.
  4. طرابيشي، جورج. نقد نقد العقل العربي: إشكاليات العقل العربي.
  5. طرابيشي، جورج. من النهضة إلى الردة: تمزقات الثقافة العربية في عصر العولمة.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

الإعلانات هي مصدر التمويل الوحيد للمنصة يرجى تعطيل كابح الإعلانات لمشاهدة المحتوى