فلسفة الجابري – خلاصات مركزة جدا (3)
- إعادة تأصيل الأصول: نحو إصلاح جذري
“إن المطلوب اليوم؛ هو تجديدٌ ينطلق، لا من مُجرد استئناف الاجتهاد في الفروع، بل من إعادة تأصيل الأصول، من إعادة بنائها.” – محمد عابد الجابري، الدين والدولة وتطبيق الشريعة.
يؤكد الجابري أن أي محاولة للإصلاح الفكري لا يمكن أن تقتصر على تعديل الجزئيات، بل يجب أن تبدأ من الأساسيات. فبدلاً من استعادة الاجتهاد التقليدي، يجب إعادة بناء الأصول نفسها، مما يتطلب نقدًا منهجيًا صارمًا للمنظومات الفكرية القائمة.
- العقل والاجتهاد: العلاقة التأسيسية
“من دون عقلٍ جديدٍ، لا يمكن أن يقوم اجتهادٌ جديد.” – محمد عابد الجابري، الدين والدولة وتطبيق الشريعة.
هنا، يربط الجابري بين ضرورة تحديث أدوات التفكير وإمكانية الاجتهاد الحقيقي. فالإصلاح الفقهي أو الفلسفي يتطلب أولاً إعادة تشكيل البنية العقلية التي تنتجه، لأن الاجتهاد لا يكون فعالاً إلا إذا تأسس على عقل قادر على التفكير النقدي.
- الإبداع كفعل تجديدي للتراث
“الإبداع في مجال الفكر النظري عامة هو تدشين قراءة جديدة أصيلة لموضوعات قديمة ولكن متجددة.” – محمد عابد الجابري، إشكاليات الفكر العربي المعاصر.
يُبرز الجابري أن الإبداع لا يعني الانفصال عن التراث، بل القدرة على قراءته بشكل مختلف، ما يجعل المعرفة عملية ديناميكية متواصلة. في الفكر العربي، يمكن أن يكون التجديد إعادة نظر نقدية في المسلّمات التاريخية لا مجرد تكرارها.
- وضوح العبارة لا يعني وضوح الفكرة
“وضوح العبارة لا يعني دوماً وضوح الفكرة.” – محمد عابد الجابري، إشكاليات الفكر العربي المعاصر.
يؤكد الجابري أن اللغة الواضحة ليست بالضرورة مؤشرًا على فكر واضح، فالأفكار العميقة قد تتطلب جهداً إدراكياً لفهمها، وهو ما يتطلب تجاوز المعاني السطحية إلى المعاني الجوهرية التي تحملها النصوص.
- العقلانية العربية والتأسيس للمعرفة العلمية
“إن المعطيات التاريخية التي نتوفر عليها اليوم تضطرنا إلى الاعتراف للعرب واليونان والأوروبيين بأنهم وحدهم مارسوا التفكير النظري العقلاني بالشكل الذي سمح بقيام معرفة علمية أو فلسفية أو تشريعية منفصلة عن الأسطورة والخرافة.” – محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي.
يؤكد الجابري أن للعرب دورًا رئيسيًا في تطور الفكر العقلاني، لكنه يرى أن هذا الفكر تعرض لاحقًا للتراجع أمام سلطة النصوص الدينية المغلقة، مما يعيق إنتاج معرفة قائمة على التحليل النقدي.
- الهوية العربية وإشكالية الآخر
“من هو العربي؟ أن يكون الإنسان عربياً؛ هو أن يشعر بأنه عربي فعلاً عندما يتعرض شعب أو فرد عربي لعدوان أجنبي… وهل الهوية شيء آخر غير رد الفعل ضد “الآخر”، ونزوعٌ حالم لتأكيد “الأنا” بصورة أقوى وأرحب؟” – محمد عابد الجابري، مسألة الهوية: العروبة والإسلام… والغرب.
يعكس هذا الاقتباس نظرة الجابري إلى الهوية العربية بوصفها بناءً اجتماعيًا متغيرًا، يتحدد باللحظات التاريخية والتفاعل مع الخارج، وليس مجرد كيان ثابت. وهذا يؤكد أهمية إعادة تعريف الهوية بعيدًا عن الشعور بالمظلومية، بل ضمن مشروع حداثي عقلاني.
المصادر والمراجع:
- محمد عابد الجابري، الدين والدولة وتطبيق الشريعة.
- محمد عابد الجابري، إشكاليات الفكر العربي المعاصر.
- محمد عابد الجابري، تكوين العقل العربي.
- محمد عابد الجابري، مسألة الهوية: العروبة والإسلام… والغرب.