“عصام حجي” مخاطر سد النهضة على مصر حقيقية
نشر عالم الفضاء المصري عصام حجي وفريقه العلمي ورقة علمية جديدة للرد على تعليقات شككت في بحثهم الذي تحدثوا فيه عن العجز المائي في مصر ومخاطر تفاقمه أثناء سنوات ملء سد النهضة الإثيوبي.
وفي الرد الجديد الذي نشرته مجلة (Environmental Research Letters) العلمية، يوضح الفريق ما وصفه بـ”الأخطاء الحقيقية والواضحة والملموسة فى التعليق المقدم من الباحثين الثلاثة (تيروسو عاصفة من مصلحة مياه مدينة تامبا -وأحمد العدوي من جامعة المنصورة وصقر النور من جامعة جنوب الوادي.
وهما مبتعثان حاليًا خارج مصر) الذي تدعمه بشكل أساسي التفسيرات الخاطئة والاستقطاع الخاطئ للأبحاث المنشورة وادعاءات من وسائل التواصل الاجتماعي ومقابلات تلفزيونية ضعيفة”.
وأشار الرد المنشور في المجلة إلى أن تعليقهم على البحث الأصلي يرتكز على “فهم خاطئ للمكونات المختلفة لإجمالي عجز الميزانية المائية المحسوب”، وأن مزاعم خلق “ذعر مائي” مستوحاة من قراءة سطحية وغير موضوعية لملخص البحث والمواد الإعلامية المنشورة حوله.
وفصّل الرد المنشور كيف أن “التعليق المقدم يحرّف الهدف والنهج والنتائج والتفسيرات في البحث الأصلي”، ولا يقدّم أي “تفسيرات بديلة أو تأثيرات مقترحة على استنتاجاتنا التي تظل صالحة وغير متأثرة بتعليقهم”.
وأثبت رد فريق حجي بالتفصيل أن الادعاءات الموجودة فى تعليق من الباحثين تستند بشكل كامل إلى اقتطاع أجزاء وبيانات من ثلاثة أبحاث بعينها منشورة مؤخرًا، كما ترتكز أيضًا على ادعاءات من وسائل التواصل الاجتماعي وعدد من البرامج التلفزيونية الضعيفة المصداقية.
وكان حجي قد نشر، في يوليو/تموز من العام الماضي، دراسة أجرتها جامعة جنوب كاليفورنيا بالتعاون مع جامعة كورنيل وتحت إشرافه.
وخلصت الدراسة التي حملت عنوان “العجز المائي في مصر والسياسات المقترحة لتخفيفه أثناء ملء سد النهضة الإثيوبي” إلى أنه في حين أن السد الذي يبلغ حجمه 74 مليار متر مكعب يوفر فرصًا تنموية واعدة لإثيوبيا، فإن التدفق المتغير لنهر النيل سيشكل عجزًا مائيًا صعبًا بالنسبة لمصر.
ويقدّر البحث متوسط إجمالي العجز السنوي للمياه في مصر تحت تأثير زيادة الاستهلاك الداخلي وعملية ملء سد النهضة بحوالي 31 مليار متر مكعب سنويًا، أي ما يعادل 40% من إجمالي موازنة مصر الكلية من المياه، وأورد البحث حلولًا عملية للتخفيف من آثار العجز المائي الذي قد يتفاقم في مصر خلال سنوات ملء السد.
وينص القانون الدولي على أنه في حالة وجود أضرار على دول المصب يستلزم وجود اتفاقيات بشأن بناء وتشغيل السدود على الأنهار الدولية، وهو ما تعتبره إثيوبيا انتهاكًا لسيادتها وبالتالي نشطت مجموعات لتكذيب الأبحاث التي تحذر من وجود سلبيات للسدود وهو ما يعكس أسباب هذه التعليقات وأهمية رد حجي عليها.
وقال حجي في تصريح خاص للجزيرة مباشر “حسب تعريف د. تيروسو عاصفة -أحد مؤلفي التعليق والناشط في مجموعة الدعم لسد النهضة (وي آسبير) الموجودة في واشنطن- بأن وجاهة التعليق الذي على أساسه اهتمت به المجلة -كونه يمثل رأي علماء مصريين وإثيوبيين عملوا معًا لكشف أخطاء بحثنا المزعومة-
ولكن الواضح من ردنا الذي وافقت المجلة على نشره، أن الأخطاء والمغالطات الموجودة في البحث لا يمكن أن تأتي من خبراء مصريين حقيقيين عملوا في ملف المياه في مصر، مؤكدًا أن النص المنمّق لغويًا بعبارات السلام والأخلاق العلمية خالٍ من أي حقيقة علمية ومخالف للقيم التي ينص عليها”.
وتابع “بالنظر إلى تلك المغالطات ولأخطاء أخرى مثل كتابة اسمي عصام الحاجي -وليس حجي- في عدة نسخ أولية وبكُنية غير مصرية، يُطرح السؤال: هل هذا خطأ يقوم به الباحثون المصريون الأساسيون في كتابة المقال؟! وهذا من ضمن مغالطات أخرى عديدة، وكان هذا هو السؤال الرئيسي: من الكاتب الحقيقي وراء هذه الورقة؟”.
واستطرد “وجدنا عدة مفارقات علمية ونصيّة، جعلتنا نتساءل: لماذا وضِعت أسماء باحثين خارج الاختصاص في هذا الرد؟! وهل راجعت جامعتيْ المنصورة وجنوب الوادي ما نُشر؟ وأين أبحاث هؤلاء الذين يدّعون تمثيل مصر حسب وصف د. عاصفة الذي عرّف نفسه بأنه إثيوبي وعرّفهم بأنهم مصريون؟!”.
وقال حجي للجزيرة مباشر “نحن كفريق علمي نسعد أن يكون هناك تعاون بين باحثيين مصريين وإثيوبيين لدراسة ونقد أي منتج علمي، هذا أمر حتمي في مواضيع تختلف فيها الرؤى، ولكن من المؤسف أن الدور المخوّل للباحثين المصريين.
في هذه المجموعة المشتركة وغير المعلنة كان هنا بشكل واضح مجرد تجميع مواد إعلامية ومراقبة حسابات مواقع التواصل للعلماء المصريين وترجمتها وإرسالها إلى مجموعات أخرى تقوم بالتشهير بهم بهدف تدمير سمعتهم العلمية في الغرب،
سواء عن طريق تعليقات علمية مغلوطة والتهديد بتقديم شكاوى لجهات عملهم الرسمية والتشهير بهم وتوعّدهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.
وأضاف “كنت أتمنى أن يكون الباحثون المصريون في هذا التعليق جسرًا للعقلانية والتواصل مع الباحثين الآخرين ذوي الآراء المختلفة في هذا المجال، ولكن من المؤسف أنهم كانوا أكثر ميلًا للعمل في مجموعات ضغط تعمل بترتيب مركزي مسيس ومنسق في تكتيم أي صوت دولي يحذر من مخاطر السد وتنفذ مدّعية أنها أطراف مستقلة وحيادية تدافع عن المصداقية العلمية.
وبالتالي -ومع الأسف- فإن رد الفعل الإثيوبي الذي أتفهمه إلى حد كبير مبني بشكل واسع على مغالطات إعلامية وترجماتها من باحثين ادّعوا تمثيل مصر وتخيّلوا أن التشهير بهذا البحث سيكون أمرًا سهلًا نتيجة النقد الموجّه لشخصي بسبب مواقفي في قضايا لا صلة لها بموضوع السد”.
وختم حديثه للجزيرة مباشر بالقول “من الملاحظ أن مجموعات الضغط هذه نشطت منذ 2020 في وقت اضطراب وتوقف المفاوضات حيث قاموا بمهاجمة أشخاص آخرين بنفس الطريقة المذكورة أعلاه، على سبيل المثال: حذف مقال صحفي علمي للكاتب محمد سعيد تحدث فيه عن آثار سد النهضة وكتبه بطلب من المجلة.
وتم ذلك بإرسال شكوى بها نفس المغالطات إلى المجلة التي قامت بحذفه دون حق الرد للكاتب نتيجة الضغط الذى تعرضت له المجلة آنذاك، وتقديم الشكاوى على أنها من الطرفين المصري والإثيوبي وأنها تثير الذعر والكراهية بين الشعوب مما دفع الجمعية الجيوفيزيائية إلى إزالة المقال”.