مشروع الاندماج النووي الدولي (ITER)

مشروع الاندماج النووي الدولي (ITER) هو أحد أضخم المشاريع العلمية العالمية التي تهدف إلى تحقيق طاقة نظيفة ومستدامة من خلال محاكاة عملية الاندماج النووي التي تحدث في النجوم.

يقع المشروع في كاداراش بجنوب فرنسا، ويُعد تعاونًا عالميًا يضم 35 دولة، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، الولايات المتحدة، روسيا، الصين، اليابان، كوريا الجنوبية، والهند. بدأ المشروع رسميًا في عام 2008، ويهدف إلى استعراض الجدوى التقنية والعلمية للطاقة الاندماجية كمصدر للطاقة المستقبلية.

• ما هو الاندماج النووي؟

الاندماج النووي هو العملية التي يتم فيها دمج نوى الذرات الخفيفة (مثل الديوتيريوم والتريتيوم) لتكوين نواة أثقل، مما يطلق كميات هائلة من الطاقة. على عكس الانشطار النووي المستخدم حاليًا، فإن الاندماج النووي:

• يُنتج طاقة نظيفة دون انبعاثات كربونية.
• يولد نفايات مشعة قصيرة الأمد مقارنة بالانشطار.
• يتطلب وقودًا وفيرًا (مثل الماء)، ما يجعله خيارًا مستدامًا.

أهداف مشروع ITER

1. إثبات الجدوى العلمية للطاقة الاندماجية: من خلال إنتاج طاقة اندماجية أكثر مما يُستهلك لتسخين البلازما، بمعدل عشرة أضعاف الطاقة المستهلكة.
2. اختبار التقنيات المتقدمة: لتصميم وتشغيل مفاعلات اندماج نووي مستقبلية.
3. إنتاج طاقة مستدامة وآمنة: بهدف تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري والطاقة النووية التقليدية.

البنية الهندسية للمشروع

يتكون ITER من بنية هندسية معقدة تشمل:

1. مفاعل توكاماك (Tokamak):
   • قلب المشروع، وهو عبارة عن جهاز على شكل حلقة يستخدم حقولًا مغناطيسية قوية لتسخين البلازما إلى درجات حرارة تصل إلى 150 مليون درجة مئوية، أي عشرة أضعاف حرارة لب الشمس.
   • يتطلب هذا النظام مغناطيسات فائقة التوصيل يتم تبريدها باستخدام الهيليوم السائل إلى -269 درجة مئوية.
2. غلاف بلازما عالي الكفاءة:
   • مُصمم لتحمل درجات الحرارة العالية والإشعاعات الناتجة عن التفاعلات.
3. أنظمة التحكم والمراقبة:
   • تعتمد على أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة لضمان استقرار البلازما وتحسين أداء المفاعل.

الشراكات الدولية في المشروع

يتطلب ITER تعاونًا عالميًا على نطاق غير مسبوق، حيث تساهم الدول الأعضاء بتوفير الموارد المالية والمعدات التقنية والخبرات العلمية. كل دولة شريكة مسؤولة عن تصنيع وتسليم أجزاء محددة من المشروع. على سبيل المثال:

• الاتحاد الأوروبي: يُمول حوالي 45% من التكلفة الإجمالية.
• اليابان: تُقدم تقنيات مبتكرة لتصنيع المغناطيسات فائقة التوصيل.
• الولايات المتحدة والصين: تُسهمان في تصميم وتطوير مكونات التوكاماك.

التحديات التقنية والعلمية

1. استقرار البلازما:
   • من أصعب التحديات هو التحكم في البلازما عند درجات حرارة هائلة ومنعها من ملامسة جدران المفاعل.
2. الحقول المغناطيسية:
   • إنتاج حقول مغناطيسية قوية بما يكفي لتثبيت البلازما يتطلب تقنيات فائقة التطور.
3. تكلفة المشروع وزمن الإنجاز:
   • التكلفة الإجمالية تُقدر بأكثر من 22 مليار يورو، مع تأخير في الجدول الزمني بسبب التحديات الهندسية والتنسيقية.

الإنجازات الرئيسية حتى الآن

1. تجميع أولي للمفاعل:
   • تم الانتهاء من تركيب عدة مكونات رئيسية، بما في ذلك هيكل التوكاماك.
2. اختبارات المغناطيسات فائقة التوصيل:
   • نجاح اختبارات الأنظمة المغناطيسية يؤكد قدرة المشروع على التحكم بالبلازما.
3. التعاون الدولي المستمر:
   • استمرار تدفق الموارد والخبرات من الدول الشريكة يعزز التقدم في المشروع.

الأهمية العالمية للمشروع

1. حل مستدام لأزمة الطاقة:
   • إذا نجح المشروع، فإنه سيؤدي إلى إنتاج طاقة نظيفة وآمنة تقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
2. التقدم العلمي والتقني:
   • تقنيات المشروع ستفتح آفاقًا جديدة في مجالات الحوسبة، الهندسة، والمواد المتقدمة.
3. التعاون الدولي:
   • يعزز المشروع مفهوم العمل الجماعي العالمي لحل تحديات مشتركة.

مستقبل ITER والطاقة الاندماجية

من المتوقع أن يبدأ ITER إنتاج الطاقة التجريبية بحلول عام 2035. وفي حال نجاح المشروع، ستُفتح الأبواب لبناء مفاعلات اندماجية تجارية، مثل مشروع DEMO، الذي يُعتبر الجيل التالي لتوليد الطاقة الاندماجية.

مشروع ITER يمثل رؤية جريئة لمستقبل الطاقة المستدامة. من خلال تسخير قوة الاندماج النووي، يُمكن للبشرية تحقيق تقدم هائل في تأمين مصدر طاقة نظيف وآمن للأجيال القادمة. على الرغم من التحديات، فإن التعاون الدولي والابتكار المستمر يمنحان هذا المشروع فرصًا واعدة للنجاح.