شعر

الشعر المغربي الجديد يفتقر إلى حركة نقدية ترافق إنجازاته

كتاب محمد الوهراني يلقي أضواء على تجارب من أجيال وتيارات مختلفة.

ما الذي يحتاجه الشعر المغربي اليوم؟ لعل سؤالاً مثل هذا يشغل الشعراء والنقاد المغاربة على السواء، وربما يشغل الشعراء أكثر من النقاد، بسبب انصراف أهل النقد إلى مجالات أخرى.
فالباحثون المغاربة في السرد في زماننا هذا أكثر بكثير من نقاد الشعر. حتى النقاد الشباب اختاروا متابعة التجارب الروائية على حساب المجاميع الشعرية، إننا نعاني فعلاً من شبه غياب للكُتاب الذين يملكون مشروعاً نقدياً خاصاً بالشعر، إلى درجة أن الشعراء المغاربة اليوم لم يعودوا يجدون من يكتب عنهم من داخل المغرب.
فباستثناء المتابعات الصحافية يندر أن تجد دراسة محكمة عن التجارب الشعرية المغربية سواء في كتاب أو في مجلة.
لا نتحدث هنا عن النقد النظري والتأريخ الأدبي وتصنيف المدارس والتيارات، وإنما نخص بالضبط النقد التطبيقي الذي يُعمل فيه الباحث أدواته النقدية من أجل تشريح تجربة ما واستكناه مجاهلها، وفي غياب نقاد الشعر اختار عدد من الشعراء أن يتكلفوا بهذه المهمة، ليس نيابة عن الناقد الغائب، بل إحساساً منهم بأنهم قريبون بعضهم من تجارب بعض، وبالتالي إن لم يكونوا يملكون بالضرورة القدرة على نقدها، فإنهم يملكون على الأقل القدرة على التحدث عنها.

 

بعيداً عن الأكاديمية
في هذا السياق، يأتي الكتاب الجديد للشاعر المغربي محمد بنقدور الوهراني الصادر عن دار “سليكي أخوين”، الذي وضع له تصنيفاً تمويهياً “أنطولوجياً ميتاً نصية”، واختار له عنواناً يستفز المتلقي “نصوص غائبة“. كأنما يريد أن يومئ للقارئ بأنه أمام نصوص غائبة عن النقاد، وغائبة عن حقل الدراسة والتداول.
لذلك لم يراهن على تقديم الأسماء المؤسسة للشعر الحديث وحدها، ولم يكتفِ بالأسماء المعروفة والمتداولة، بل لجأ إلى مزاجه الشخصي، على اعتبار هذا المزاج معياراً جوهرياً في اختيار النصوص، ومن ثمّ قراءتها ودراستها، فمثلما نجد في الكتاب مادة عن محمد الخمار الكَنوني أحد رواد الشعر الحديث في المغرب،
نجد في الموازاة مادة عن محسن أخريف الذي ولد بعد الكَنوني بأربعة عقود، والذي غادرنا وهو في عز شبابه، ومثلما نقرأ مقالاً عن تجربة صلاح بوسريف المعروف بكتابة المطولات الشعرية، نقرأ أيضاً مقالاً عن سامح درويش المختص في كتابة نصوص شذرية خاطفة، ونحن نقرأ في كتاب الوهراني عن تجارب معروفة في المغرب مثل عبد الكريم الطبال ووفاء العمراني، نقرأ في الآن ذاته عن تجارب لأسماء ربما لا يعرفها المغاربة أنفسهم مثل الشاعرين محمد السكتاوي ومحمد مرزاق.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى