مدخل لقطيعة إبستمولوجية مع فلسفة ابن رشد
في مشروعه “نقد العقل العربي“، ميز الدكتور محمد عابد الجابري بين نقطتين أساسيتين: الـمحتوى الـمعرفي والـمضمون الإيديولوجي في الفلسفة العربية الإسلامية (علاقة الـمعرفي والإيديولوجي في تلك الفلسفة).
وفي تصنيفه للنظم الـمعرفية الثلاثة: البيان والعرفان والبرهان، بين أن لكل نظام معرفي من هذه النظم جهازه الـمعرفي: منهجه، مفاهيمه، منطلقاته، رؤيته، تصوراته للعالـم والله والإنسان.
كما وقف الجابري على إشكالية الـمشارقة التي تأسست فيها الفلسفة على التوفيق بين الشريعة والحكمة ( بين العقل والنقل ) وإشكالية الـمغرب والأندلس التي تأسست فيها الفلسفة على فصل الشريعة عن الحكمة.
وفي إطار هاتين الإشكاليتين، ميز الجابري بين لحظتين تاريخيتين في تاريخ الفلسفة العربية الإسلامية: لحظة أبي علي الشيخ الرئيس ابن سينا التي تختزل فلسفته في الفلسفة الـمشرقية، ولحظة ابن رشد التي تتميز فلسفته بالروح العقلانية لتأسيسها على منطق أرسطو وطبيعياته وعلى رياضيات وفلك الأوائل.
وبعد رحيل صاحب ” نحن والتراث”، أصبح الـمفروض من قراء الجابري والـمهتمين بمشروعه الضخم ليس التقليد، بل نقد أطروحاته، ومسلـماته، ومناهجه، ورؤاه للدفع بمشروعه إلى الأمام. وفي هذا السياق، نطرح مع الجابري الحي بمؤلفاته، ومع الـمهتمين بمشروعه وبالتراث الفلسفي العربي الإسلامي، أطروحة تتناول “إمكانية الحديث عن لحظة تاريخية ثالثة في الفكر العربي”.
أو أطروحة تتناول إمكانية الحديث عن “مشروع قطيعة مع فكر ابن رشد” أو الحديث عن مابعد الرشدية ) لأن الجهاز الـمفاهيمي، والـمعرفي (الإبستمولوجي) الذي تأسست عليه الفلسفة الرشدية ينتمي إلى القرون الوسطىى. وأن اشكالية الغرب الإسلامي وقتئد ليست اشكاليتنا نحن أبناء القرن الواحد والعشرين .
نحن جيل اليوم، نعيش عصرا جديدا بأدوات معرفية جديدة خاصة بعد الثورات العلـمية الحديثة والـمعاصرة، والقيم التي أفرزتها الثورات العلمية ، كثورة ريمان ولوباتشوفسكي في علـم الهندسة، وكثورة فريجه وب. رسل في علـم الـمنطق، وكثورة ماكس بلانك في عالـم الّذرة (العالـم الصغير)، وكثورة اينشتين في العالـمين الصغير والكبير.
أمام هذا التحول الفكري والعلـمي من مرحلة تاريخية، إلى مرحلة تاريخية لاحقة (نقصد من إبستمي القرون الوسطى إلى إبستمي مرحلة معاصرة)، أليس الـمطلوب منا كسر تلك البنية الـمنحدرة من العصر الـموحدي عن طريق النقد وإحداث قطيعة إبستمولوجية ثانية.
للانتقال إلى لحظة تاريخية ثالثة بأسئلتها وإشكالياتها كما طُلب (بضم الطاء) القطع مع اللحظة السينوية الـمؤسسة على نظرية الفيض وعلى بنية الفكر العلـمي- الـميتافيزيقي اليوناني، بالإضافة إلى الفكر الحراني – الغنوصي – الذي مازالت مظاهره في الـمشرق وفي إيران ؟
فالبحث يتناول دراسة تحليلية للـمحتوى الـمعرفي والـمضمون الإيديولوجي في الفلسفة العربية الإسلامية سواء في الـمشرق أم في الـمغرب والأندلس بما فيها فلسفة ابن رشد. كما يتناول البحث اللحظتين التاريخيتين:
السينوية والرشدية والتطلع إلى لحظة تاريخية ثالثة تناسب الـمرحلة، مرحلتنا نحن التي تكون كبديل لمرحلة الفكر الرشدي والخروج من فكر القرون الوسطى والانتقال إلى فكر جديد يتأسس على منهج (مناهج) جديد، ومادة معرفية حديثة ومعاصرة، للانخراط في فكر كوني له خصوصيته ومميزاته.
فالبحث في مجمله سنتناوله على الشكل التالي :
مقدمة
مدخل عام
الفصل الأول: الـمحتوى الـمعرفي/ الـمضمون الإيديولوجي في الفلسفة اليونانية
الفصل الثاني: الـمحتوى الـمعرفي / الـمضمون الإيديولوجي في الثقافة العربية الإسلامية,
(أ) في الثقافة عموما
(ب) في الفلسفة خصوصا
1- في الـمشرق
• في فلسفة الفارابي (دمج بنية الفكر اليوناني ببنية الفكر الديني)
• في فلسفة ابن سينا
• في رسائل إخوان الصفا
2 – في الـمغرب والأندلس
• في مشروع ابن حزم القرطبي
• في فلسفة ابن باجة
• في فلسفة ابن رشد
• الفصل الثالث : اللحظة السينوية / اللحظة الرشدية
الفصل الرابع : ما بعد فصل الـمقال أو ما بعد الرشدية
على سبيل الخـتـم:
ملحق : تعريف بعض الأعلام وشروحات بعض المصطلحات والمفاهيم وردت في البحث.