البحث العلميتربية وتعليمعلوم سياسية

تسييس العلم – politicization of science

تسييس العلم (politicization of science)؛‏ هو التلاعب بالعلم لغايات سياسية ويحدث تسييس العلم عندما تقوم حكومة أو قطاع أعمال أو مجموعات مناصرة باستعمال الضغط القانوني والاقتصادي للتأثير على البحث العلمي أو طريقة ممارسته ونشره أو تفسير نتائجه، وقد يؤثر تسييس العلم على الحرية الأكاديمية سلباً، ولهذا الأمر شواهد تاريخية عديدة.


من ناحية تاريخية، لجأت العديد من الجماعات إلى الحملات الدعائية للترويج لمصالحها المخالفة للإجماع العلمي، سعيًا منها إلى التلاعب بالسياسة العامة.


يمكن للعديد من العوامل أن تمثل وجهًا من وجوه تسييس العلم، وتتراوح أمثلتها بين معاداة الفكر الشعبوية التي ترى مخاطرَ على عقائدها الدينية إلى الذاتية ما بعد الحداثية والخوف من المصالح الاقتصادية.


يحدث تسييس العلم عند طرح المعطيات العلمية بالتزامن مع التشديد على اللا يقين المرتبط بالدليل العلمي. ترتكز هذه المقاربة على غياب الإجماع العلمي، وهو ما يؤثر في الكيفية التي تُفهم بها الدراسات.


يصف كريس موني كيف أن هذا الطرح يلقى تجاهلًا متعمدًا أحيانًا باعتباره «وسيلة أورويلية». يميل السياسيون والمؤسسات إلى تكذيب جميع النقاشات الدائرة بخصوص بعض القضايا نظرًا لأن «الاستنتاجات القطعية ما تزال غير أكيدة» مقابل تبنّي موقفًا مفاده أن «هذه النتائج هي الأرجح علميًا»، وذلك مقصود للنيل من الدراسات العلمية.


إضافة إلى ما تقدم، يُلجئ أحيانًا إلى وسائل مثل تغيير مسار الحديث، وعدم الإقرار بالحقائق، واستغلال الشكوك بوجود إجماع علمي، في سبيل حرف الانتباه نحو آراء قوّضتها الأدلة العلمية.


نجحت جماعات «تجّار الشك»، وهم جماعات مصالح مؤدلجة تدّعي خبرتها في القضايا العلمية، نجحت في تنظيم «حملات تضليل إعلامي» أبرزت فيها اللا يقين الملازم للعلوم بهدف بذرها الشكّ بخصوص القضايا العلمية مثل التغير المناخي الذي سببه البشر، رغم أنه ثمة شبه إجماع في المجتمع العلمي على أن البشر لهم أثر كبير في التغير المناخي.


تطرّق ويليام آر فرويدنبيرغ وزملاؤه في كتاباتهم إلى تسييس العلم باعتباره أداة خطابية وذكروا أنها محاولة لنقل عبء تقديم الدليل في النقاش. يُدرج فرويدنبيرغ مثال جماعات الضغط لصالح السجائر التي تعارض القوانين التي تصدّ عن التدخين.


تقلل جماعات الضغط من شأن الأدلة العلمية باعتبارها غير يقينية، وتأكد على غياب النتائج القاطعة. يخلص فرويدنبيرغ إلى أن السياسيين وجماعات الضغط غالبًا ما «ينجحون في جهودهم الرامية إلى الحصول على «دليل علمي قاطع» قبل أن يكتسب التشريع سمة «التسويغ».


ويصرّون على أنه ما يلزم هو توجّه متوازن يأخذ بعين الاعتبار احتمالات خطأ الصنف1 والصنف2 في الظرف المعطى، مع ملاحظة أن النتائج العلمية دائمًا ما تكون غير نهائية».


وصف هانك كامبل، رئيس جماعة تأييد الصناعات المسماة المركز الأمريكي للعلوم والصحة، وآليكس بيريجوف «مغالطات رفع المعنويات» التي يوظفها السياسيون الذين يصيغون مواقفهم بطريقة تجعل الأفراد يشعرون بالرضا لتأييدهم سياسات معينة حتى عند إثبات الدليل العلمي أنه ليس ثمة حاجة تستثير القلق أو تستدعي التغيير الجذري في البرامج الحالية.


يزعم كامبل وبيريجوف أن التقدميين لطالما استشكلوا السياسات ذات الصلة بالأطعمة المعدلة جينيًا، والتلقيح، والكثافة السكانية، واستخدام الحيوانات في الأبحاث العلمية، والطاقة النووية، وغيرها من القضايا.


  • التسييس لدى جماعات الضغط

ثمة تكتيك سياسي يُلجأ إليه أحيانًا لتأخير تطبيق أيما تشريع يكبّل النشاطات ذات الضرر المحتمل، وهو طريقة النقاش المتعلق باليقين العلمي. في العديد من الحالات، توجد درجة من اللا يقين المصاحب للنتائج العلمية، ويمكن تجيير هذا اللا يقين لتأخير اتخاذ الخطوات القانونية لسنوات، من خلال طلب المزيد من «اليقين العلمي» قبل تنفيذ القانون.

بالعربية

بالعربية: منصة عربية غير حكومية؛ مُتخصصة في الدراسات والأبحاث الأكاديمية في العلوم الإنسانية والاجتماعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى